مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تجتاز بنجاح اختبار التعاون الدولي في المجال الضريبي

"براد بلاتس"، ساحة المال والأعمال بزيورخ تعمل منذ فترة على إعادة النظر في طرق عملها لكي تصبح متلائمة مع متطلبات معايير المنظمة الإقتصادية للتنمية والتعاون Keystone

أقر المنتدى العالمي للتعاون في المسائل الضريبية بالتقدم الذي أحرزته سويسرا في هذا المجال خلال العاميْن الأخيريْن. ودعت هذه الهيئة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية برن إلى اتخاذ عدة اجراءات لتحقيق المزيد من الشفافية.

ومن المؤكد أن سويسرا لن تجد نفسها مُدرجة من جديد على القائمة الرمادية الشهيرة، على الأقل في الوقت القريب، بعد أن اعتمد المنتدى العالمي بشأن الشفافية وتبادل المعلومات للأغراض الضريبية تقريره حول سويسرا مساء الاربعاء الأوّل من يونيو الجاري.  

وتعد هذه النتيجة النهائية، إيجابية إلى حد ما. وتسمح للكنفدرالية بالمرور إلى المرحلة الثانية. ولكن تحت شروط معينة، ومنها اعتماد سلسلة من التدابير لتسهيل التعاون الضريبي مع البلدان الأخرى.

اختبار حاسم

الجميع كان ينتظر هذا التقرير بفارغ الصبر، فهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها – منذ أن أعيد النظر في طرق عمل المنتدى العالمي – تقييم أداء سويسرا في المجال الضريبي من طرف نظرائها من البلدان الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية.

ويمتلك هذا الإستعراض أهمية ملحة خاصة أنه يأتي بعد عاميْن من قيام سويسرا بمراجعة العديد من اتفاقياتها الثنائية في المجال الضريبي. وكان من الضروري، بالنسبة لها، ودون أن تفقد خصوصيات نظامها المصرفي، الإمتثال لمتطلبات منظمة التعاون والتنمية، لتجنب تعرضها للهجوم مرة اخرى.

وقد أشرف على انجاز هذا التقرير الذي يعد خلاصة تحقيق استمر ثلاثة أشهر، ممثلون من الدنمرك، والأرجنتين، ومن الامانة العامة للمنتدى، قبل أن تعرض الوثيقة في الأخير على أنظار البلدان الأعضاء التي تعد سويسرا واحدة من بينها. وقد تمت مناقشة النص النهائي للتقرير خلال مؤتمر عام للمنتدى عُقد في جزر برمودا يوم الأربعاء الأوّل من يونيو 2011.

احراز تقدم

الخلاصة التي ينتهي إليها هذا التقرير هو أن الأداء السويسري جيّد، ولكن بالإمكان القيام بالمزيد. في حين علقت برن عليه بالتأكيد على أن “سويسرا تسير على الطريق الصحيح”. في المقابل، صرّح أمين عام هذا المنتدى في شهر مارس الماضي بان ما “أنجزته سويسرا يُعد 95 % مما هو مطلوب، ومازال أمامها 5%، مقارنة ببعض البلدان الأخرى”.

من جهة أخرى، يشيد المنتدى بكل الجهود التي بذلتها سويسرا خلال عملية تعديل اتفاقيات الإزدواج الضريبي. وتقدّر هذه الهيئة عاليا خاصة الخطوة التي أقدمت عليها وزيرة المالية السويسرية إيفلين فيدمر شلومبف في شهر فبراير الماضي والتي أثارت جدلا واسعا.

ويتعلق الأمر بموافقة السلطات الفدرالية على أنه لم يعد من الضروري تضمّن مطلب المساعدة الإدارية في المسائل الضريبية (الذي تتقدم به الدول الأجنبية) اسم وعنوان دافعي الضرائب المعنيين للنظر في الطلب. وبعبارة أخرى، يمكن أن تتعاون سويسرا مع البلد الذي يطلب المساعدة حتى لو اكتفى هذا الأخير بتقديم معلومات جزئية كرقم الحساب المصرفي، أو رقم نظام إيبان (International Bank Account Number).

لا للبيانات المصرفية المسروقة

مع ذلك، لا تنوي برن الإذعان في ما يتعلق بملف “البيانات المصرفية  المسروقة”. ولا تتمسّك منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية بدورها بذلك. أما بالنسبة للمنتدى، يكمن الخلاف على مستوى التفاصيل.

فمن ناحية، لن يأخذ المنتدى في الاعتبار قرار وزيرة العدل والشرطة السويسرية إيفلين فيدمر شلومبف بشكل رسمي، إلا بعد أن تتم المصادقة عليه في البرلمان الفدرالي. ويأسف التقرير من ناحية أخرى، لكون الآليات المعتمدة حاليا لا تسمح بتحديد هوية حاملي الأسهم في جميع الأحوال.

ويُوصي التقرير من جهة أخرى بتعزيز الآليات التي تسمح بتسليط الضوء على ملكية بعض الشركات الأجنبية لمقار في بلدان أخرى، ثم تظل في نفس الوقت تدار من سويسرا.

قريبا تبدأ المرحلة الثانية

تبدو برن – بحسب بيان صدر بعد نشر التقرير – راضية إلى حد ما عن موقف المنتدى العالمي، وجاء فيه أن سويسرا “اجتازت بنجاح المرحلة الأولى من استعراض إجراءاتها بشأن الحصول على المساعدة الإدارية. ومثلها، مثل العديد من البلدان الأخرى، لم توف بجميع المعايير المطلوبة، والمنتدى يوصيها باتخاذ تدابير عدة، وسوف تدرس سويسرا تلك التوصيات، وتنظر في كيفية تنفيذها”.

وأمام برن الآن ستة أشهر لتثبت لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية عزمها على العمل من أجل سد الثغرات التي لا تزال قائمة في نظام تعاونها في المجال الضريبي. وفي حالة نجاحها في هذا الإختبار، تمر سويسرا للخوض في المرحلة الثانية. وفي العام القادم لن يكون الإختبار على مستوى التنظيمات والإجراءات القانونية بل على مستوى الممارسة والفعل الميداني.

السياق: من أجل ايجاد الاموال اللازمة لمكافحة الآثار السلبية للأزمة المالية والاقتصادية، تسعى الكثير من البلدان إلى إسترجاع أموال دافعي الضرائب المهربة في مصارف أجنبية. وتعرضت البلدان المتهمة بأنها جنان ضريبية إلى ضغوط كبيرة بهذا الشأن.

مارس 2009: بعد ان أصبحت سويسرا محط انشغال بالنسبة لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية، قررت برن تليين قانون السرية المصرفية، وذلك باعتماد واحترام المعايير التي وضعتها المنظمة بشأن تبادل المعلومات في المجال المصرفي.

أبريل 2009: قررت قمة مجموعة العشرين وضع سويسرا على قائمة رمادية تتضمّن البلدان المتهمة بعدم التعاون في مجال مكافحة التهرب الضريبي.

سبتمبر 2009: تم إسقاط إسم سويسرا من القائمة الرمادية بعد أن نجحت في إعادة التفاوض حول الإتفاقيات الثنائية التي تربطها بإثنيْ عشر بلدا.

(نقله من الفرنسية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية