مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل تتبنى الأمم المتحدة “مبادرة جنيف” للسلام في الشرق الأوسط؟

السفير السويسري المكلف بملف الشرق الأوسط جون دانيال روخ (إلى اليسار)، وإلى جواره ماهر ناصر، نائب مدير قسم الإعلام العمومي بالأمم المتحدة في ندوة صحفية عقدت يوم 11 يونيو 2012 في قصر الأمم بجينف. Keystone

تسعى الأمم المتحدة إلى تحريك ملف عملية السلام في الشرق الأوسط في محافل غير رسمية من خلال تنظيم لقاءات دورية تجمع إعلاميين إسرائيليين وفلسطينيين وممثلين عن طرفي الصراع وعن المنظمة الأممية.

في الأثناء، تأمل سويسرا التي استضافت اللقاء هذا العام في تبني الأمم المتحدة لـ “مبادرة جنيف” كقاعدة عملية للحوار في ظل الجمود الذي يطبع حاليا مسار المفاوضات والعملية السلمية برمتها.

في هذه المرة، تزامن انعقاد الندوة التي عادة ما يشرف على تنظيمها قسم الإعلام التابع للأمم المتحدة حول دور وسائل الإعلام والقضية الفلسطينية، مع مرور عشرين عاما على التوصل إلى اتفاق أوسلو. لذا لم يتردد السفير فولفغانغ امدويس برولهارت، نائب كاتب الدولة السويسري للخارجية ومدير قسم الشرق الأوسط في الوزارة، الذي تسهم بلاده في استضافة هذه الندوة، في طرح تساؤلات عن “حصيلة مرور عشرين عاما عن اتفاق أوسلو، وأين نحن اليوم من هذا المسار؟”

ومن المرجح أن يحصل هذا التساؤل على بعض الأجوبة في مختلف ورشات العمل التي تدور في إطار الملتقى الذي يستمر يومي 12 و 13 يونيو الجاري وتحضره شخصيات دولية مثل المبعوث الخاص الأممي لمنطقة الشرق الأوسط روبيرت سيري إلى جانب شخصيات فلسطينية وأخرى إسرائيلية رسمية وإعلامية ومن منظمات المجتمع المدني.

البحث عن منبر لمناقشة القضية

أمام تزايد الضغوط وتضييق الخناق على المناقشات الرسمية المتعلقة بالقضية الفلسطينية في المحافل الأممية الرسمية، يبدو أن الندوة الحالية تدخل في إطار العديد من النشاطات الهامشية التي أصبحت تلتجئ إليها الأمم المتحدة فيما يُشبه محاولة “لإرضاء الضمير”، وسعيا لإبقاء القضية الفلسطينية مطروحة للنقاش بشكل أو بآخر رغم العراقيل.

وحسب ماهر ناصر، رئيس قسم الاعلام العمومي بالأمم المتحدة بالنيابة، يتمثل الهدف من هذه الندوة في “إيجاد منبر للنقاش الصريح والمفتوح بين صحفيين وإعلاميين ونشطاء في المجتمع المدني مع سياسيين ومع ممثلين للأمم المتحدة لمناقشة موضوع يختلف كل سنة. وفي هذه المرة، سيتم التركيز على مرور 20 عاما على اتفاقيات أوسلو، كما يتزامن مع التغييرات التي يشهدها العالم العربي ومدى تأثير انعكاساتها على القضية الفلسطينية وعلى التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية”.

الأمين العام  لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون، شدد في كلمته التي تليت على المشاركين، على “ضرورة تجنب الطرفين اتخاذ إجراءات أحادية الجانب قد تقوض الثقة بين الجانبين”، وخص بالذكر “التوسع الإستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية”، كما أعرب عن “قلق اللجنة الرباعية إزاء عنف المستوطنين، وما يجري من تحريض في الضفة الغربية، ومطالبة إسرائيل باتخاذ تدابير فعالة، بما في ذلك محاكمة مرتكبي الإنتهاكات”.

اهتمام سويسري

وبخصوص إسهام سويسرا في استضافة هذا الملتقى، يقول السفير جون دانيال روخ، مبعوث الخارجية السويسرية لقضايا الشرق الأوسط إنها تأتي”أولا، استجابة لدعوة الأمم المتحدة للمشاركة في تنظيم حدث أممي، وثانيا لأن هذا يدخل في  إطار نشاط السياسة الخارجية السويسرية التقليدية المتمثلة في منح مجال للحوار والتفكير والنقاش في ظروف ملائمة، ويدخل في نفس الوقت في خط الإلتزام الذي التزمنا به تجاه المجتمع المدني وتجاه القانون الدولي وحقوق الإنسان من أجل  تحقيق حل الدولتين”.  

في الأثناء، تأمل سويسرا التي احتضنت منذ ديسمبر 2003 “مبادرة جنيف” لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين عبر تقديم مخطط تفصيلي يتضمن حلولا لمعالجة مختلف القضايا العالقة بما في ذلك قضية الحدود واللاجئين والقدس، في إعادة تحريك الملف من جديد.

وفي هذا السياق، يقول السفير جون دانيال روخ “تُعتبر مبادرة جنيف من بين النقاط التي ستبحث في الندوة في إطار النقاش حول مصداقية حل الدولتين”، واعتبر أن أهمية تنظيم هذه الندوة تكمُن في انعقادها “في وقت يجري فيه التشكيك في صلاحية حل الدولتين، وهو تشكيك بدا حتى في تصريحات الإتحاد الأوروبي مؤخرا بسبب استمرار بناء المستوطنات في الضفة العربية والقدس الشرقية. وهناك شخصيات مؤثرة أصبحت تروج لفكرة الدولة الواحدة، أو تلك التي تطالب الأمم المتحدة بضرورة إصدار اتفاقية سلام بمعنى الكلمة. ومن هذا المنطلق، فإن مبادرة جنيف قد تعتبر نموذجا يُحتذى به حتى ولو أنها لم تعتمد رسميا من قبل الأمم المتحدة لحد الآن”.

وفي رده على تساؤل لـ swissinfo.ch حول ما إذا كانت سويسرا ترغب فعلا في أن تتبنى الأمم المتحدة مبادرة جنيف وتروج لها رسميا؟ اكتفى السفير جون دانيال روخ بالقول: “قد يكون من السابق لأوانه في الوقت الحالي الحديث عن ذلك، لكن فكرة من هذا النوع صدرت قبل أسابيع عن شخصية هامة  مثل شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق برفقة بعض الجامعيين الذين قالوا إنه أمام الجمود الحالي كيف لا يمكن مطالبة الأمم المتحدة بتعيين فريق عمل من خبراء معترف بهم من قبل الجميع لكي يذهبوا إلى أبعد مما تم إنجازه لحد الآن، أي تحرير اتفاقية سلام بأتم معنى الكلمة بين إسرائيليين وفلسطينيين. وبدون الحكم على الفكرة، فنحن ننتظر رؤية ردود الفعل في هذا الملتقى على ذلك”.

توقيت جيد.. وتأثيرات محتملة

إضافة إلى ذلك، يعتبر السفير جون دانيال روخ أن توقيت عقد هذا الملتقى حول “وسائل الاعلام وقضية السلام في الشرق الأوسط “ياتي في وقت جيد” لعدة أسباب من أهمها “وجود تشكيك في مدى قدرة حل الدولتين على التطبيق بسبب بعض التطورات التي تمت على الأرض”، على حد قوله. أما السبب الثاني فيتمثل في “أننا نقترب من انتخابات رئاسية أمريكية، لأننا نأمل في كل انتخابات رئاسية أن تكون المرة الجيدة التي نحصل فيها على رئيس أمريكي قادر على إيجاد الحل السحري لإحلال السلام في الشرق الأوسط”، على حد قول السفير روخ.

أما السبب الثالث فيكمُن في أن “التغييرات التي يعرفها العالم العربي ستكون لها تأثيرات لا محالة على كيفية فهم إسرائيل للمحيط الذي يُوجد حولها، وعلى مدى استعدادها للدخول في مفاوضات سلام، وتقديم بعض التنازلات”، ولهذه الأسباب مجتمعة يعتقد السفير جون دانيال روخ، مبعوث الخارجية السويسرية لقضايا الشرق الأوسط أنه  “من المفيد القيام في الوقت الحالي بتقييم حصيلة الربيع العربي وتأثيراته على العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية”.

أقرت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، تنظيم ندوة سنوية للإعلام وممثلي المجتمع المدني حول قضية فلسطين وعملية السلام في الشرق الأوسط.  ويتم تنظيم الملتقى من قبل فرع خاص بدائرة الإعلام بمنظمة الأمم المتحدة. ويعقد كل سنة في بلد من البلدان الأعضاء في المنظمة الدولية.

استضافت سويسرا هذا العام هذه الندوة التي تستمر يومي 12 و13 يونيو 2012 بمشاركة روبير سيري، المبعوث الأممي الخاص للشرق الأوسط.

شارك عن الجانب الفلسطيني كل من السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة في نيويورك رياض منصور، والدكتور غسان الخطيب، وزير العمل الفلسطيني الأسبق ومدير المركز الإعلامي الحكومي الفلسطيني.

عن الجانب الاسرائيلي شارك دانيال ليفي الباحث الذي شغل من قبل منصب مستشار خاص بمكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ورئيس قسم قضايا القدس أثناء حكومة إيهود بارك ما بين 1999 و 2001

كما شارك في الندوة عدد من الاعلاميين الفلسطينيين والإسرائيليين إضافة الى ممثلي بعض منظمات المجتمع المدني من الطرفين ومن الولايات المتحدة.

المشاركة السويسرية شملت السفير فولفغانغ أمدويس برولهارت، نائب كاتب الدولة للخارجية ومدير قسم الشرق الأوسط، والسفير جون دانيال روخ السفير المكلف بقضايا الشرق الأوسط بالخارجية السويسرية، والسفير اليكساندر فازل ممثل سويسرا لدى مؤتمر نزع السلاح ونائب رئيس بعثة سويسرا لدى الأمم المتحدة في جنيف.

حضور ممثلي وسائل الإعلام الدولية في جنيف لمتابعة الندوة لم يكن في المستوى المؤمل واتسم بالتواضع الشديد.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية