“مبادرة جنيف” أو “البديل عن المونولوج”
في إطار لقاءات نظمتها "مؤسسة كو (Caux) السويسرية للمبادرات والحلول"، دعا أصحاب مبادرة جنيف إلى أن يكون الانسحاب الأحادي الجانب من غزة "خطوة نحو تطبيق سلام قائم على أساس المبادرة".
ويندرج لقاء كو في إطار حشد الدعم الدولي لمبادرة جنيف التي حصلت إلى حد الآن على تأييد 23 دولة من بينها ثمانية دول عربية.
في إطار الملتقى الذي نظمته مؤسسة “كُـو للمبادرات والإصلاحات”، بحضور أكثر من 400 ممثل جاؤوا من حوالي خمسين بلدا، تم التطرق يوم الأحد 15 أغسطس لآخر المستجدات في مبادرة جنيف.
هذه المناقشات التي دارت تحت عنوان: “مبادرة جنيف أو البحث عن حلول للصراع الفلسطيني الإسرائيلي”، شارك فيها عن الجانب الفلسطيني كل من وزير الإعلام الأسبق ياسر عبد ربه والكاتب الفلسطيني وليد سالم، وعن الجانب الإسرائيلي أبراهام بورغ الرئيس السابق للكنيست، وسفيا فالدان الأستاذة بالجامعة العبرية في القدس وابنة شمعون بيريز.
ويرى ياسر عبد ربه في تصريح لسويس إنفو بأن “هذا اللقاء يتم في إطار مواصلة حشد الدعم لمبادرة جنيف، وتوضيح أننا بصدد إعداد ورقة بين الطرفيين الفلسطيني والإسرائيلي لكي نحدد فيها كيف يمكن أن يصبح الانسحاب من قطاع غزة كاملا، وأن يكون هذا الانسحاب مرتبطا بخطة شاملة في إطار خارطة الطريق، ومرفق بجدول زمني وبرقابة دولية شاملة لتطبيق هذه الخطوة التي يجب أن تشمل الضفة الغربية كذلك”.
أما الجديد الذي طرأ منذ التوقيع الرمزي على وثيقة “مبادرة جنيف” فيتمثل – حسب رأي أبراهام بورج، الرئيس السابق للكنيسيت الإسرائيلي – في أنها “سمحت بدفع الجانب الحكومي الإسرائيلي الى إتخاذ مبادرات، حتى ولو أننا لا نرضى عن محتواها”، في إشارة الى مبادرة الانسحاب الأحادي من قطاع غزة. ويرى بورغ ن مبادرة جنيف ساعدت على مباشرة حوار فعلي بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حتى ولو كانا غير رسميين، فيما أسماه “خروجا عن المونولوجات التي اعتادت عليها منطقة الشرق الأوسط”.
أما السفير أورس زيسفيلير، مستشار وزيرة الخارجية السويسرية الذي أشرف على إدارة جلسة النقاش والذي شارك بشكل فعال في المفاوضات التحضيرية لمبادرة جنيف، فيرى ان الجديد يكمن في “أن لقاء كُـو بسويسرا سمح باتخاذ موقف من تطور يسير عكس طموحات مبادرة جنيف، (في إشارة الى الإنسحاب الأحادي من قطاع غزة)، والذي يلغي مبدأ التفاوض بين طرفين من أجل إقامة دولتين. وهو ما لا يمكن لأصحاب مبادرة جنيف تجاهله بدون اتخاذ موقف منه” على حد قوله.
“مخطط غزة فرض علينا”
من المشاكل التي واجهت مبادرة جنيف منذ التوقيع عليها في شهر ديسمبر الماضي في جنيف، ظهور معارضة لها في صفوف الأوساط الشعبية الفلسطينية والإسرائيلية ولكن من منظور مختلف. في المقابل، تولت سويسرا تمويل جانب من الحملات الهادفة للترويج للمبادرة داخل المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني.
وفي هذا السياق، يقول أورس زيسفيلر، مستشار وزيرة الخارجية السويسرية: “لقد كانت ردود الفعل داخل المجتمعين بعد التوقيع احسن مما كنا نتوقع”، وأضاف بأن الدعم على المستوى الدولي تمثل في دعم الاتحاد الأوربي وحتى دعم وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، معتبرا أن مثل هذه المبادرات “قد يعمل على إحلال السلام في المنطقة”. ويشير السفير زيسفيلر إلى أن مجرد تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون بأنه “إذا لم تتخذ مبادرات، فهذا قد يترك المجال مفتوحا أمام “مبادرة جنيف”، هو في حد ذاته “اعتراف بفاعلية مبادرة جنيف كمحرك نحو المبادرات في المنطقة”.
وفيما يتعلق بالموقف المتخذ من مبادرة الانسحاب من غزة اليوم وفي ظل هذا التدهور الذي تمر به المنطقة، يقول ياسر عبد ربه: “لم يكن من اختيارنا بل أن الحكومة الإسرائيلية هي التي فرضت عنصر الانسحاب المنفرد من قطاع غزة”. ويضيف المسؤول الفلسطيني السابق: “لا يمكننا معارضة الانسحاب ولكن علينا ان نتيقن من أنه انسحاب فعلي، وان يكون ضمن خارطة الطريق وان يشتمل على ضمانات دولية”.
وبدون هذه الضمانات يعتبر السيد عبد ربه أن هذا الانسحاب “سوف لن يكون إلا مجرد خدعة لإكمال بناء الجدار في الضفة، وإكمال النشاط الاستيطاني على نطاق واسع لتثبيت الاحتلال في الضفة”. ويضيف بأن اهتمام أصحاب مبادرة جنيف بمخطط الانسحاب عائد لضرورة أن تكون مبادرة جنيف “مرتبطة بالواقع السياسي وليست مجرد ورقة معلقة في الفضاء بعيدة عن الواقع”.
مواصلة حشد الدعم
أخيرا تجدر الإشارة إلى أن السعي لإبقاء مبادرة جنيف، محط اهتمام من قبل منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والمحافل الدولية، هو الذي كان وراء تنظيم مناقشات “كو” في أعالي جبال مونترو، وذلك ضمن أكثر من 200 حدث واجتماع وتظاهرة تم تنظيمه منذ التوقيع على المبادرة في غرة ديسمبر 2003.
وفي معرض تقييم الجهود التي تبذلها سويسرا الى جانب أصحاب المبادرة لكسب دعم دول وحكومات العالم لها، صرح مستشار وزيرة الخارجية السويسرية السيد أورس زيسفيلر لسويس إنفو بأن ذلك “سمح بكسب دعم 23 دولة لحد الآن، وقد تصبح 28 دولة بعد اجتماع شهر سبتمبر القادم”. ويرى السفير السويسري أن الدول العربية التي كانت مترددة في البداية في دعم مبادرة جنيف تشارك ثمانية منها في الاجتماعات الدولية الخاصة بالمبادرة واستشهد بقولة لوزير الخارجية الأردني مروان المعشر (الذي وصفه بأكثر المناصرين للمبادرة) اعتبر فيها أنه “لا حل في المنطقة بدون اعتماد ما جاء في مبادرة جنيف”!.
محمد شريف – سويس إنفو – كُـو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.