متحجّر بحري في مرتفعات الجُـورا!
ينظم متحف التاريخ الطبيعي في مدينة بازل إلى موفى يناير 2004 معرضا مثيرا للغاية عن فصائل من الديناصورات وُجدت قبل 65 مليون عام فوق الأرض.
أما في المتحف الطبيعي بمدينة أولتن، فتُعرض منذ فترة وجيزة قطعة متحجرة فريدة من نوعها في العالم.
تسمح الوسائل التكنولوجية والمعلوماتية الموجودة اليوم تحت تصرف العلماء والباحثين بعودة الجسد وليس بعودة الروح لأصناف عظيمة من الديناصورات عرفتها الكرة الأرضية خلال فترات تعود لأكثر من 65 مليون عام، ولم تبق إلا المتحجرات كشاهد على تواجدها الفعلي في العصور الغابرة.
فقد سـخّـر خبراء متحف التاريخ الطبيعي في بازل وفي أنحاء أخرى من سويسرا تلك الوسائل التقنية المتطورة لإعطاء بعض المتحجرات هيئة أقرب ما تكون للواقع الطبيعي، مما يجعل المعروضات تبدو وكأنها عادت للحياة في قاعات وشبابيك العرض.
لكن المعرض لا يقتصر فقط على إعطاء فكرة ثلاثيّة الأبعاد عن المنظر الطبيعي الإفتراضي للكائنات المعروضة، التي يبلغ طول أحدها 27 مترا وارتفاعُه 6 أمتار، بل زوّد الخبراء كل متحجرة بلافتة تحمل التفاصيل عن موقع اكتشاف الديناصور وعاداته الغذائية أو الوزن المحتمل الذي كان له عندما كان على قيد الحياة.
وقد يستغرب المرء لحقيقة أن اكتشاف الكثير من البقايا المتحجرة لهذه الكائنات في القارات الخمس، يعود للصُدف وللهواة أو حتى لأناس ليسوا متخصصين بعلم من العلوم الطبيعية، لكنهم من ذوي البصيرة الثاقبة التي أوحت لهم على الفور بأن ما عثروا عليه ليس حجرا عاديا وإنما من المتحجرات.
لكن التكوين في العلوم الطبيعية كعلوم الأرض يلعب دورا حاسما ولا شك في اختيار المواقع للتنقيب عن الأثريات على وجه العموم وأثار الديناصورات على وجه الخصوص.
اكتشاف فريد
وتعتبر منطقة الجورا بغرب سويسرا بين المواقع المعروفة للتنقيب عن الديناصورات التي كانت تعيش على ضفاف بحر لم يعد له وجود بالمرة في تلك المنطقة منذ 200 مليون عام.
وفي المكان الذي كان مقرا للبحر، تنتصب حاليا سلسلة جبال الجورا التي نجمت عن تجعّد قعر أو أرضية البحر تحت ضغط كبير، رفع تلك الأرضية المتجعّدة لآكام شامخة فوق السطح.
ومن بين أحدث البراهين على أن سفوح الجورا كانت في العصور الغابرة تحت المياه، اكتشاف ديناصور بحري شبيه بالدلفين المعاصر، بمنطقة هاونشتاين Hauenstein الواقعة على الجانب السويسري من مرتفعات الجورا.
فبعد ضربة خفيفة أو اثنتين بالإزميل في طبقة من الصخور الكلسية، فوجئ طالب كان يتدارس طبقات الأرض بالمنطقة، ببروز “حجر” عرف على الفور أنه شيء من المتحجرات التي تم العثور عليها قبل ذلك بأشهر في نفس المنطقة.
وتبيّن أن الاكتشاف فريد من نوعه لأسباب عدة، من ضمنها أن المتحجرة كانت لرأس ديناصور بحري عاش قبل فترة لا تقل عن 190 مليون عام، وأن ذلك الكائن كان شبيها بالدلفين، وكان طوله يتراوح بين 2.5 و 3 أمتار. كما تبيّن أن قطر العين التي تتوسط الجمجمة قد زاد على 20 سنتمترا، مما يكفي لمطاردة الفريسة على أعماق تناهز 1000 متر تحت المياه.
لكن النادر والفريد من نوعه في العالم لهذه الاكتشاف المعروض في المتحف الطبيعي بمدينة أولتِن، هو أن رأس هذا الكائن البحري لم تتهشّم وتتسطح تحت ضغط الصخور، وإنما بقيت بالهيئة الفراغية الطبيعية التي كانت للكائن وهو على قيد الحياة.
جورج انضوني – سويس انفو
بإمكان الزائر لمدينة بازل السويسرية الشمالية أن يأخذ خلال الأشهر الستة القادمة فكرة عامة عن فصائل الديناصورات التي يقول علماء التاريخ الطبيعي، إن الكبير منها آل للانقراض قبل 65 مليون عام، لكن صغيرها تطوّر مع مرور الزمن إلى فصائل من الزواحف والطيور والأسماك المعروفة في عالمنا المعاصر.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.