مجتمع الغد!
يسعى الاجتماع التحضيري لقمة" مجتمع المعلوماتية" المنعقد حاليا في جنيف، الى توحيد نظرة الشركاء حول خصائص مجتمع الغد الذي سيرتكز على المعلوماتية والاتصالات. تحد كبير تواجهه الإنسانية لتفادي زيادة عمق ما يسمى "بالهوة الرقمية".
استعدادا لقمة “مجتمع المعلوماتية”، التي سيعقد الجزء الأول منها في نهاية عام 2003 بجنيف، والجزء الثاني في عام 2005 بتونس، تنعقد ما بين 1 و5 يوليو بجنيف الدورة التحضيرية الأولى، بمشاركة 900 ممثل من 115 بلدا، الى جانب 29 منظمة أممية و28 مؤسسة خاصة.
وما دام الأمر يتعلق بتحول جذري، يتطلب قواعد جديدة تقوم عليها مجتمعات الغد، مثلما تم في مرحلة التحول من المجتمع الزراعي إلى مجتمع صناعي، فإن الأفكار حول نمط المجتمع المستقبلي لا تزال غير واضحة المعالم.
كما أن أي تحول جذري مثل الذي نحن بصدد الإقبال عليه قد يكون في صالح البعض ويهمش البعض الآخر، خصوصا أن مجتمع الغد يتطلب التحكم في تكنولوجيا متطورة ليست في متناول الجميع، وهذا ما دفع المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية، الذي يشرف على تنظيم المؤتمر، الياباني يوشيو أوتسومي، إلى التحذير من “زيادة الهوة عمقا، بين من يملكون وسائل الاتصال ومن يفتقرون إليها، إن لم نتحرك من الآن”.
الهوة الرقمية واقع يجب الحد من اتساعه
لازالت كثافة الخطوط الهاتفية في 83 بلدا لا تتجاوز عشرة خطوط لكل مائة ساكن. ولا تتعدى هذه النسبة %1 في خمسة وعشرين بلدا. أما نسبة الوصول إلى شبكة الانترنت فلا تتعدى في اكثر من ستين بلدا، % 1 من مجموع السكان.
ومن الأسباب التي تحول دون تمتع الكثيرين بوسائل الاتصال، الأسعار المرتفعة لمثل هذه الخدمات حتى مقارنة مع ما هو متداول في البلدان المتقدمة. فقد تكلف دقيقة مكالمة هاتفية بين الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا، اقل 20% مما يكلفه اتصال بين الولايات المتحدة واغلب بلدان القارة الإفريقية.
وينعقد الاجتماع التحضيري لقمة مجتمع المعلوماتية للاستماع إلى أفكار كل الشركاء من ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية والقطاع الخاص ووسائل الإعلام، ومحاولة بلورة برنامج عمل وخطة يقرها مؤتمر المعلوماتية في العامين 2003 و 2005.
ويقرّ المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات “بأن المهلة ليست سهلة”، لكن مع ذلك يعرب عن الأمل “في ضم الجهود من أجل تحديد استراتيجية عالمية تسمح بخلق فرص ملائمة لكل الأطراف”.
سويسرا تدعو الى حوار بناء يجنب عولمة قاسية
دعا وزير الاتصالات السويسري موريس لوينبيرغر، الذي افتتح الدورة التحضيرية يوم الاثنين في جنيف، إلى “تقاسم عادل في المعلومات”. ويرى الوزير السويسري “أن تطوير وسائل الاتصال، أمر حيوي لتعزيز الرعاية الصحية، ودعم الحوار بين الثقافات، وتنمية تجارة عادلة، وترسيخ الأمن”.
وحتى وان كانت هنالك أوليات فيما يتعلق بالوصول إلى الغذاء والعلاج والتعليم والعمل، إلا أن التمكن من وسائل الاتصال قد يساعد على تحسين ظروف المعيشة، لاسيما في البلدان النامية. وخير دليل على ذلك، تجربة فلاحين في بوليفيا استطاعوا مضاعفة دخلهم بعد تمكنهم من تسويق منتجاتهم عبر شبكة الانترنت.
ولكن بما أن الأمر يتعلق باستخلاص مواقف البلدان المتقدمة والبلدان النامية، وتصورات القطاعات الحكومية والقطاع الخاص، ونظرة المنظمات الأممية والمنظمات غير الحكومية، فإن بلورة الأفكار ما هي إلا في بدايتها.
وقد لا تتضح الرؤيا إلا بعد عقد الندوتين التحضيريتين القادمتين في جنيف في شهر مارس وفي نهاية العام 2003، وبعد عقد الندوات الإقليمية في كل من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأوربا.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.