محادثات نزع الأسلحة في جنيف.. مسلسل بلا نهاية
تمر المحادثات الجارية في جنيف والرامية إلى إقرار سلسلة جديدة من الاتفاقيات المتعلقة بمراقبة الأسلحة بـ "مرحلة دقيقة"، حسبما أفاد به دبلوماسي سويسري رفيع المستوى.
وقال السفير يورغ سترولي يوم الخميس 2 أغسطس، “إن الوقت ينفذ لتحقيق تقدّم هذا العام حول حزمة الاتفاقيات، التي تشمل قضايا، من قبيل نزع السلاح في الفضاء الخارجي”.
أشار شترولي، الرئيس الحالي لمؤتمر نزع الأسلحة، الذي يوجد مقره في جنيف، إلى أن المعارضة الصادرة عن ثلاثة بلدان، وهي الصين وباكستان وإيران، أدّت إلى تجميد الجهود المبذولة للتوصل إلى إجماع. في المقابل، يُـعتقد أن الصين تتّـجه لتغيير موقفها.
ويحاول المؤتمر، الذي يضم 65 عضوا، من بينهم جميع القوى النووية المعروفة، المصادقة على مهمّـة للتفاوض حول معاهدة جديدة تحظر إنتاج المواد الانشطارية للأسلحة النووية.
في الوقت نفسه، يريد المؤتمر إطلاق مناقشات معمّـقة حول المسائل المتعلقة بنزع الأسلحة النووية والوقاية من سباق تسلُّـح في الفضاء الخارجي وبخصوص ما يُـسمّـى “ضمانات الأمن السلبية”، التي تعني ضمان الدول النووية عدم مهاجتها الدول غير النووية بأسلحة نووية.
وقال سترولي لسويس انفو: “لقد أنجزنا هذا العام تقدُّما معتبرا. فعلى مدى السنوات العشر الماضية، لم نكن أبدا أقرب مما نحن عليه الآن من التوصل إلى حلٍّ وسط، إنها ثلاثة بلدان فقط تعطِّـل الأمور في الوقت الحاضر”.
وفيما تُـختتم الدورة الثالثة والأخيرة لعام 2007 لمؤتمر نزع الأسلحة يوم 14 سبتمبر القادم، يقول سترولي “إنه ما لم يتمكّـن الأعضاء من التوصل إلى إجماع بحلول موفى شهر أغسطس، فإن المناقشات ستُـجمّـد إلى العام المقبل”.
المواد الانشطارية
في الواقع، يعود تاريخ المحاولات الأولى للتفاوض حول حظر على إنتاج المواد الانشطارية، مثل اليورانيوم المخصّـب، إلى عام 1995، لكن نهاية الحرب الباردة وتعقُّـد الأوضاع على المستوى العالمي، ألحقت أضرارا فادحة بالمسار وعطّـلت تطوّره.
ويقول سترولي “يبدو أنه كان أكثر يُـسرا التفاوض في عالم ذي قُـطبين، كانت توجد فيه قوتان عظميان، أما اليوم، فإن الوضع الأمني برمّـته، غير متوازن، كما أن المصالح ليست متقاربة”.
وفي الوقت الحاضر، تؤيّـد القوى النووية، التي تتوفر على مخزونات كافية من المواد الانشطارية، إقرار حظر على إنتاجها، في حين تعارض ذلك القوى التي لا زالت في مرحلة بناء برنامج نووي.
نفس هذه المبررات تنطبق على نزع سلاح الفضاء الخارجي، فالأطراف التي قطعت أشواطا كبيرة في مجال تكنولوجيا الفضاء، ليست مهتمّـة بالتوصل إلى اتفاق حول الموضوع، أما أولئك الذين لا زالوا في مؤخرة القافلة أو الذين تنقصهم الإمكانية المادية، فيؤيِّـدون التوصل إلى اتفاق.
هذه المعطيات تجعل من عملية “وضع جميع هذه المصالح تحت غطاء واحد، أمرا عسيرا ومعقّـدا إلى أبعد الحدود”، على حد تعبير السفير سترولي، الذي يستدرك قائلا “إنها ليست مهمّـة مستحيلة ونحن بصدد تجريب كل شيء، لكن هذه المسائل، التي نتحدث عنها، تحظى بالأولية على مستوى مصالح الأمن القومي لبعض البلدان وتُـتّـخذ القرارات بشأنها على أعلى مستوى، لذلك، فالأمر يتطلّـب بعض الوقت”.
تعطيل الأشغال
في سياق متّـصل، أثار طول فترة الجمود التي مرت بها المحادثات المتعلقة بالمواد الانشطارية، تساؤلات حول قُـدرة المؤتمر على إدارة المفاوضات المتعددة الأطراف لمراقبة الأسلحة. فطِـبقا لقواعد عمل وترتيبات هذا الهيكل الأممي، يكفي اعتراض بلد واحد لوضع العصا في عجلة سير عمله، وهو ما يدفع البعض إلى القول بأن الوقت حان لتغيير هذا الوضع.
فقد كان آخر اتفاق تم التفاوض عليه من طرف مؤتمر نزع الأسلحة، معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية في عام 1996، ومنذ ذلك الحين، لم يتمكّـن من التوصل إلى الإجماع حول أية مهمّـة تفاوضية أسنِـدت إليه.
وتقول ريبيكا جونسون، المديرة التنفيذية لمعهد Acronym لدبلوماسية نزع الأسلحة، الذي يوجد مقره في لندن “إن هذا الهيكل قد تحوّل إلى (عُـنق زجاجة) للمراقبة المتعددة الأطراف للتسلُّـح”، وأضافت أن “مؤتمر نزع الأسلحة يصلح كآلية تعطيل ملائمة لتلك الدول التي لا تريد أن تتقدم إلى الأمام في جميع أصناف معاهدات مراقبة الأسلحة”.
وأشارت جونسون، إلى أن هناك فرق بين دول تدافع عن مصالحها، عندما يتعلق الأمر بمفاوضات حول معاهدة جديدة، وبين “الشلل”، الذي يُـصيب العملية برمّـتها قبل وقت طويل من بلوغها تلك المرحلة.
وعلى عكس السفير سترولي، اعتبرت ريبيكا جونسون أن العام الجاري يُـمثل “كارثة تامّـة”، وأكّـدت على أن الوقت قد حان للقيام بعملية إعادة تفكير شاملة، وقالت محذرة “إن مؤتمر نزع الأسلحة مُـخيّـر بين تغيير قواعد عمله وإجراءاته أو التحول إلى هيكل لا قيمة له تماما”.
سويس انفو – آدم بومون – جنيف
(ترجمه من الإنكليزية وعالجه كمال الضيف)
تتمثل المهمة الأساسية لمؤتمر نزع الأسلحة في التفاوض حول معاهدات مراقبة الأسلحة.
في الوقت الحاضر، يتركّـز اهتمامه على عدة قضايا، تشمل وقف سباق التسلح النووي ونزع الأسلحة النووية، إضافة إلى الوقاية من سباق التسلح في الفضاء الخارجي وإيجاد تسويات دولية فعلية لضمان عدم تعرّض الدول، التي لا تمتلك أسلحة نووية، للتهديد أو لاستعمال الأسلحة النووية والأصناف الجديدة من أسلحة الدمار الشامل ضدها.
ناقش مؤتمر نزع الأسلحة والهياكل السابقة له، عددا من الاتفاقيات المهمّـة المتعددة الأطراف في مجال الحدّ من التسلّـح أو نزع الأسلحة، مثل اتفاقية عدم انتشار الأسلحة النووية والمعاهدات الداعية لحظر الأسلحة البيولوجية والكيماوية واتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية.
يعتبر المؤتمر هيكلا مستقلا، على الرغم من وجود علاقة وثيقة قائمة بينه وبين الأمم المتحدة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.