محمد يونس يؤدي اليمين الدستورية لقيادة حكومة موقتة في بنغلادش
أدى محمد يونس الحائز جائزة نوبل للسلام اليمين الدستورية الخميس لقيادة الحكومة الموقتة في بنغلادش بصفته مستشارا رئيسيا لها، بعد إطاحة رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة.
وقال يونس خلال مراسم أداء اليمين “سأحافظ على الدستور وأدعمه وأحميه”، مضيفا أنه سيؤدي واجباته “بصدق”.
وأدى يونس اليمين في القصر الرئاسي في دكا أمام زعماء سياسيين وقادة المجتمع المدني وجنرالات ودبلوماسيين.
كما أدى اليمين أكثر من اثني عشر عضوا من حكومته يحملون لقب مستشارين وليس وزراء.
ومن بينهم كبار قادة مجموعة الطلاب ضد التمييز التي قادت احتجاجات استمرت أسابيع، ناهد إسلام وآصف محمود. ومن بين الآخرين توحيد حسين، وزير الخارجية السابق، وحسن عارف، المدعي العام السابق، إضافة إلى محامية بيئية بارزة وكاتب وأستاذ قانون، والناشط البارز عادل الرحمن خان الذي حكمت عليه حكومة الشيخة حسينة بالسجن عامين.
وتتألف الحكومة الجديدة من فريق مدني، باستثناء عميد متقاعد واحد.
وتأتي عودة يونس بعد أعمال عنف أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص وفرار الشيخة حسينة الإثنين. وكان يونس في المنفى بعدما صدرت بحقّه إدانة جنائية في بداية العام.
وأكد يونس لدى عودته أنّ أولويته ستكون استعادة “القانون والنظام”. وقال “إذا كنتم تثقون بي، تأكّدوا من عدم وقوع أيّ هجوم ضدّ أيّ شخص في أي مكان في البلاد”.
وبحسب قائد الجيش الجنرال وقر الزمان، فإنه “واثق” من أن يونس سيكون “قادرا على قيادة عملية ديموقراطية جيدة سَنَجني ثمارها”.
كان يونس الذي دعا مواطني بنغلادش الأربعاء إلى “الهدوء”، قد وصل من باريس إلى دكا الساعة الثانية بعد الظهر (08,00 بتوقيت غرينتش).
وقال في بيان “أناشد الجميع بشدة الحفاظ على الهدوء. رجاءً الامتناع عن كل أنواع العنف”.
– تهنئة مودي –
وقدّم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي “أطيب تمنّياته” ليونس الخميس، قائلاً إنّ نيودلهي “ملتزمة” العمل مع دكا.
كذلك، أبدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي استعدادهما للعمل معه.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر “نرحب بدعوة الدكتور يونس لوضع حد لموجة العنف الأخيرة، ونحن على استعداد للعمل مع الحكومة الموقتة والدكتور يونس، وهما يعدان مستقبلا ديموقراطيا لشعب بنغلادش”.
وأعرب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل عن “تطلع الاتحاد للانخراط مع الإدارة الجديدة ودعم هذا الانتقال المهم الذي يجب أن يكون جزءاً من عملية سلمية وشاملة ترتكز إلى الحكم الرشيد والقيم الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان”.
وأعلنت الصين من جهتها الجمعة “ترحيبها” بتشكيل حكومة موقّتة في بنغلادش، واعدةً بالعمل مع البلاد “لتعزيز التبادل والتعاون”. وقال متحدّث باسم الخارجيّة الصينيّة في بيان إنّ “الصين أخذت علما بتشكيل حكومة موقّتة لبنغلادش وهي ترحّب بذلك”.
وأكّدت بكين الجمعة أنّها “لطالما تمسّكت بمبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول الأخرى” و”احترمت مسار التنمية الذي اختاره شعب بنغلادش بشكل مستقلّ”.
وشدّدت الخارجيّة الصينيّة على أنّ بكين “تولي أهمّية لتنمية العلاقات الصينيّة-البنغلادشيّة”. وأضاف المتحدّث باسمها أنّ الصين “مستعدّة للعمل مع بنغلادش لتعزيز التبادلات والتعاون في مختلف المجالات”.
تعهّد يونس الأربعاء في مقال نشره في مجلّة “ذي إيكونوميست” البريطانية بذل كلّ ما في وسعه لضمان “تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في الأشهر المقبلة”، مضيفاً أنه ينبغي على الشباب “ألا ينشغلوا بتصفية الحسابات، خلافا لما فعل كثُر في حكوماتنا السابقة”.
كذلك، دعا طارق الرحمن، رئيس حزب بنغلادش الوطني بالإنابة، وهي حركة المعارضة الرئيسية للنظام السابق، إلى إجراء انتخابات “في أقرب وقت”، في كلمة وجهها عبر الفيديو إلى حشد كبير في دكا، من منفاه في لندن الذي لجأ إليه خلال ولاية الشيخة حسينة.
وسهّلت عودة يونس إلى بلاده تبرئته الأربعاء في محكمة استئناف من تهمة انتهاك قانون العمل. وكانت إدانته أمام المحكمة الابتدائية في كانون الثاني/يناير الحكم الوحيد الصادر ضده في أكثر من مئة دعوى جنائية تستهدفه، ويعتبر المدافعون عنه أن أهدافها سياسية.
وسافر يونس إلى الخارج بعد أن حُكم عليه بالسجن ستة أشهر، مع بقائه حراً في انتظار الاستئناف. وأعلن محاميه الأربعاء تبرئته في الاستئناف.
واتُخذ قرار تشكيل حكومة انتقالية برئاسة يونس خلال لقاء بين رئيس الجمهورية محمد شهاب الدين وكبار ضباط الجيش وقادة مجموعة “طلبة ضد التمييز” التي نظمت التظاهرات في مطلع تموز/يوليو، بحسب بيان للرئاسة.
وكان الخبير الاقتصادي المعروف بإخراج ملايين الأشخاص من الفقر بفضل مصرفه الرائد لتمويل المشاريع الصغيرة، على خلاف مع الشيخة حسينة التي اتهمته “بامتصاص دم الفقراء”.
وحل الرئيس محمد شهاب الدين البرلمان الثلاثاء وأمر الاثنين بالإفراج عن الذين أوقِفوا خلال التظاهرات وعن السجناء السياسيين.
– إصلاح شامل للشرطة والجيش –
وفي إشارة أخرى إلى العمل على خفض حدّة التوتر، قدّم قائد الشرطة المعين حديثا في بنغلادش محمد معين الإسلام الأربعاء، اعتذارا عن سلوك رجال الشرطة خلال الاحتجاجات الدامية وتعهّد إجراء تحقيق “محايد” بشأن أعمال القتل.
وأعلن أيضًا أنه طلب من وحدات الشرطة إنهاء إضرابها والعودة إلى العمل الخميس تزامنا مع عودة يونس لقيادة الحكومة.
كذلك، أقال الرئيس قائد الشرطة الوطنية. وأجرى الجيش تعديلات شملت خفض رتبة عدد من كبار الضباط ممّن يُعدون قريبين من حسينة.
وقُتل 432 شخصاً على الأقل خلال الحركة الاحتجاجية، بينهم 122 على الأقل الإثنين الذي يُعتبر اليوم الأكثر دموية، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى مصادر الشرطة والحكومة ومصادر طبية.
وبعد فرار حسينة، خرج الملايين إلى شوارع دكا واقتحم متظاهرون البرلمان وأحرقوا محطات تلفزيونية وحطّموا تماثيل لوالد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن بطل الاستقلال.
وأفاد شهود عيان فرانس برس بأن مكاتب رابطة عوامي، حزب حسينة، تعرضت للحرق والنهب في أنحاء البلاد.
كما أفاد شهود بأن بعض الأعمال التجارية والمنازل المملوكة للهندوس، وهي فئة يرى البعض في الدولة ذات الغالبية المسلمة بأنها كانت مقرّبة من حسينة، تعرّضت لهجمات.
بدأت الاضطرابات الشهر الماضي على شكل احتجاجات ضد توزيع الوظائف الحكومية بموجب نظام محاصصة تستفيد منه شرائح اجتماعية وعائلات معينة، قبل أن تتصاعد إلى مطالبة حسينة بالتنحي.
فازت حسينة التي تولت السلطة في 2009، بولاية خامسة في كانون الثاني/يناير بعد انتخابات من دون معارضة حقيقية.
وفي النهاية تبرّأ منها الجيش وفرّت بهليكوبتر الاثنين إلى جهة مجهولة.
سا-روك/ناش-شي/كام-جص