مخرجو السينما المغاربية يتحدون في لوكارنو
قرر مخرجو بلدان المغرب العربي تأسيس جمعية دولية تحمل اسم " مغرب سينما"، تهدف إلى الترويج للعمل السينمائي المغاربي في كل من المغرب والجزائر وتونس.
اجتماع المخرجين الذي تم على هامش الدورة 58 لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي، جاء بدعوة من الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون الدولي.
على هامش الدورة 58 لمهرجان لوكارنو السينمائي الدولي، المنعقدة حتى 13 أغسطس، أجتمع أكثر من 30 مخرجا وسينمائيا من بلدان الغرب العربي على مدى يومين، لبحث إمكانية تأسيس هيئة مشتركة، تعمل على الترويج للعمل السينمائي المغاربي، والتعريف بالطاقات السينمائية الفنية والبشرية المتاحة في كل من المغرب والجزائر وتونس.
ورشة العمل التي شارك فيها أيضاًَ مختصون في ميدان الإنتاج والتوزيع من العديد من البلدان الأوروبية، تمت بناءا على دعوةٍ وجُهت للمخرجين المغاربة من قبل إدارة المهرجان، وذلك في إطار فقرة “الأبواب المفتوحة “، والتي تم تخصيصها لسينما المغرب العربي، ومولتها الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون التابعة لوزارة الخارجية السويسرية.
ولادة “مغرب سينما “
أثمر الإجتماع عن حدثٍ سعيدٍ، على حد تعبير السينمائي التونسي فريد بوغدير، و”هو تأسيس هيئة تسمى مغرب سينما، التي ستشتمل على موقع على الإنترنت، وستسهر على الترويج للسينما المغاربية، والمساعدة على التبادل السينمائي بين البلدان الثلاثة، وتطوير التعاون المشترك بين البلدان المغاربية أو مع باقي بلدان العالم في المجالات المتوفرة، كمخابر التحميض أو تقنيين أو مشاريع أفلام”.
وفي بيان التأسيس الذي حصلت سويس انفو على نسخة منه، عبر الموقعون عليه، وهم أكثر من 33 مخرجا، عن ” اقتناعهم بضرورة فتح موقع إخباري مشترك لصناعة السينما المغاربية على شبكة الإنترنت، وتأسيس هيئة فدرالية مستقلة لدعم تبادل المعلومات حول قطاع السينما في بلدان المغرب العربي وفي الأوساط السينمائية المغاربية في المهجر، و دعم كل عمل مشترك من شأنه أن يساعد في الإبداع والإنتاج والتوزيع والترويج وتطوير السينما المغاربية”.
وقد حدد الموقعون الإطار القانوني لمؤسسة “مغرب سينما”، حيث ستكون “عبارة عن جمعية دولية لها فروع وطنية في البلدان الثلاثة تحمل أسماء : مغرب سينما الجزائر، ومغرب سينما الدار البيضاء، ومغرب سينما تونس”.
ومن المخرجين المشاركين في هذا المشروع نذكر بعض الأسماء من الجزائر : محمد شويخ ، بلقاسم حجاج، مزاحم يحيا ، السعيد ولد خليفة، ومالك بن سماعيل.
ومن المغرب: محمد عسلي ، الجيلالي فرحاتي، حسن بن جللون، فريدة بليازيد ، ياسمين قصاري، ناجية بن مبروك ، عزة جنيني ، سعد الشرايبي ، أحمد بلغيتي، هشام الحياة، و حسن لغزولي.
ومن تونس : نوفل صاحب الطابا، كمال الشريف، النوري بوزيد، نضال الشطة، فريد بوغدير ، ناصر خمير، إبراهيم لطيف، جيلاني سعدي، و رجاء عماري.
حلم كان قائماً منذ سنوات
ردود فعل المشاركين المغاربة كانت متفائلة وإيجابية. فقد ركزت الغالبية منهم على كون هذه المبادرة تعكس حلما ظل قائما منذ سنوات ولم يخرج إلى الوجود إلا خلال دورة مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي.
فالمخرج التونسي النوري بوزيد يرى “أن دورة مهرجان لوكارنو الحالية أفادتنا كمخرجين مغاربة بشكل كبير، وسمحت لنا بتولي مصيرنا بأنفسنا، ومحاولة إيجاد حلول لمستقبلنا بتجميع شتاتنا وجهودنا”.
وذّكر المخرج التونسي بمحاولات تمت من قبل على مستوى الفدرالية الإفريقية لمخرجي السينما ولكنها لم تفلح. ويقول السيد نوري بوزيد “إن المشاكل السينمائية للبلدان المغاربية الثلاثة المجتمعة اليوم هي نفسها، نظرا لكون سينما البلدان الثلاثة تمر بأزمة نمو، تتطلب بناء هياكل تسمح بحل مشاكلنا مجتمعة، وعدم مواصلة مواجهة هذه المشاكل بشكل فردي”.
وأعتبر السيد نوري بوزيد “أنه في عصر العولمة هناك ضرورة للتكتل كمجموعة لها ثقل، لأن ذلك سيسمح بإيجاد حلول لصناعة السينما في بلداننا سواء في تفاوضنا مع أوروبا أو مع بقية العالم”. كما يرى أن هذا التكتل “سيتيح لنا الدفاع عن خصوصيتنا الثقافية، والتحالف مع الأوروبيين في صراعهم ضد الهيمنة الثقافية الأمريكية”.
لكن الأهم في رأيه هو “دراسة ومعرفة توجهات السينما المغاربية ونظيرتها المتواجدة في المهجر، ولصالح أية هوية تشتغل”.
“مغرب عربي على مستوى العائلة السينمائية”
محمد شويخ من الجزائر، عبر عن ضجر السينمائيين المغاربة من هذا التشتت قائلا “نحن نعرف بعضنا البعض كسينمائيين منذ زمن طويل، ولكن ليست لنا هيئات قادرة على الحديث باسمنا، بل كل في زاويته يتحدث عن نفسه رغم كل ما يجمعنا من مقومات الشعوب وعامل اللغة والسوق السينمائية الهائلة” .
ويرى المخرج الجزائري محمد شويخ “أن علينا تجاوز الخلافات الظرفية والسياسية من أجل توسيع رقعة استفادة شعوبنا من العمل السينمائي المشترك”.
ويستغرب السيد محمد شويخ “لكون العالم الخارجي ينظر لنا على أننا منطقة شمال إفريقيا، ونحن نواصل النظر إلى أنفسنا على أننا مغرب وجزائر وتونس”. وعلى مستوى التوزيع السينمائي يقول السيد محمد شويخ “عند شراء حقوق توزيع فيلم من الأفلام يشمل ذلك كل بلدان شمال إفريقيا، فلما لا يكون التفاوض على شراء الحقوق مرة واحدة، والقيام بالتوزيع على مستوى بلدان المغرب العربي ؟”
وعما إذا كان حلم السينمائيين المغاربة قد تحقق اليوم بتأسيس هذه الهيئة الفدرالية للمخرجين المغاربة -“مغرب سينما” – يرى السيد محمد شويخ أن ما تم هو “على مستوى السينمائيين المشاركين تعبير عن واقع وعن ضرورة ملحة”. و أضاف “علينا كسينمائيين الكفاح من أجل خلق مغربنا العربي على المستوى السينمائي لأنه لا توجد خلافات بيننا، ولربما قد يكون ذلك بمثابة لبنة لبناء المغرب العربي السياسي”.
أما المخرجة والمنتجة المغربية عزت الجنايني فتعتبر أن ما تم على هامش مهرجان لوكارنو “باعث أمل”، وعبرت عن أملها في “أن يتحول إلى عمل ملموس، و ألا يبقى على مستوى التعبير عن الآمال والتطلعات”.
دعم وتمويل وإرتياح سويسري
وفي تصريح خص به سويس انفو عقب الإعلان عن هذا الحدث، أوضح مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون فالتر فوست إن الهدف الذي حددناه عندما وجهنا الدعوة لصانعي السينما في هذه البلدان، هو تمكينهم من أرضية تسمح لهم بالتعريف عن أنفسهم في مهرجان مثل مهرجان لوكارنو، وإتاحة الفرصة لهم بالاجتماع فيما بينهم. وأنا سعيد جدا لكون هذه الجهود قد تمخضت عن نتائج إيجابية للغاية”.
ويرى السيد فوست أن هذه المبادرة “ستعرف نجاحا، وستلقى دعما لأننا نعيش في عالم متعطش إلى معرفة الكثير عن ثقافة هذه المنطقة من العالم”.
ويستغرب مدير إدارة التنمية والتعاون لكون العديد من السويسريين “لم يدركوا البعد الثقافي لمشاريع التنمية إلا مؤخرا”.
ومن المشاريع التي تدعمها الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في قطاع السينما ببلدان المغرب العربي، ” مشاريع التكوين وتطوير الثقافة المحلية”، وخص بالذكر الجزائر “التي تحاول الخروج من سنوات العنف التي مرت بها، والتي بها من المبدعين والمخرجين ما يكفي”.
أخيراً، أوضح مدير الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون، التي كانت الدافع والممول لهذا الحضور المغاربي المكثف في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي ، “أن إدارته – وفي إطار الاهتمام بمنطقة المغرب العربي – ستدرس كيفية مواصلة دعم هذه المبادرة التي قام بها مخرجو المنطقة”.
محمد شريف – سويس إنفو – لوكارنو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.