مستقبل كوسوفو يُـقـرر في فيينا
بدأت في العاصمة النمساوية صباح الاثنين 20 فبراير الجاري فعاليات مؤتمر دولي حول مستقبل إقليم كوسوفو، يناقش فيه موقف أبناء إقليم كوسوفو والحكومة الصربية حول مصير العلاقة بينهما.
وتدعم سويسرا استقلال إقليم كوسوفو بشكل كامل، حيث ترى بأن الانفصال عن صربيا والجبل الأسود سيعمل على ضمان استقرار البلقان.
يوفر مؤتمر فيينا الذي من المتوقع أن يختتم أعماله ظهر الثلاثاء 21 فبراير شباط الجاري، فرصة اللقاء المباشر بين الصرب وألبان كوسوفو، لاستعراض آليات تطوير نظم الحكم المحلية، التي يصفها بالبعض بأنها نوع من التخلص من المركزية، ودراسة حقوق إدارات المدن والوحدات المحلية، وحقوق الأقليات العرقية والدينية.
وفيما يعتقد بعض المراقبين أن هذا المؤتمر لن يكون مخصصا للإجابة على السؤال: “هل ينفصل إقليم كوسوفو عن صربيا أم لا”، يرى آخرون بأنه الفرصة الوحيدة التي يمكن التعرف من خلالها على الفترة الزمنية اللازمة لتحقيق هذا المطلب المدعوم بقوة من سويسرا.
الحدود غير الواضحة
ويقول توماس فلاينر الخبير السويسري القانوني في نظم الدولة: “الأسئلة المطروحة حاليا تدور حول آليات عمل المجالس المحلية مستقبلا، ومن أين ستحصل على المصاريف اللازمة لتمويل إدارات التعليم والثقافة والقضاء والشركة وحقوق الأقليات” وذلك في حديثه إلى سويس انفو، قبل توجهه إلى مؤتمر فيينا، بينما تطالب بلغراد بضمانات لخصوصيات الأقلية الصربية في كوسوفو.
وهذه الضمانات وحدها ليست سهلة على الإطلاق، لأن الأقلية الصربية في كوسوفو ليست مقيمة داخل نطاق جغرافي واضح المعالم، بل موزعة على مناطق مختلفة، وإن كانت تتركز في الشمال بشكل عام، حيث تتشارك أقليات عرقية مختلفة في المعيشة داخل المدن والقرى، ويزيد الأمر تعقيدا أنه من بين 200 ألف لاجئ فروا أثناء هجوم قوات حلف شمال الأطلسي على إقليم كوسوفو في عام 1999، لم يعد سوى 14 ألف فقط، والبقية خافت من العودة، خشية الانتقام، وهذا ينطبق على الصرب والألبان وبقية الأعراق المنتشرة في كوسوفو.
في المقابل، لوحظ أن الغالبية الألبانية قامت بأعمال تشييد وبناء عشوائية منذ الحرب، وفي المناطق التي سكنتها الغالبية الصربية سابقا.
ومن هذه الخلفية المعقدة يبدو واضحا أن العثور على حل سهل ونهائي لعملية إصلاح آليات عمل الوحدات المحلية وإدارات المدن يحتاج إلى وقت طويل جدا، حسب رأي الخبير السويسري فلاينر.
ويطالب فريق المفاوضين القادم من بلغراد بوضع معالم للهوية الصربية في المناطق التي يشكلون فيها الأغلبية، من دون التحول إلى مناطق صربية معزولة عن بقية إقليم كوسوفو، ولكن كي يشعر الصرب بنوع من الاطمئنان والعيش في أمان.
وقد رفض ألبان كوسوفو هذه الهوية الصربية في الإقليم، ويرون بأنه لا يحق لبلغراد التدخل في برامج التخلص من المركزية التي تدرسها الأغلبية الألبانية، في حين تقول بلغراد أن المطالبة بهذه الهوية الصربية ليست مقدمة لانفصال الأجزاء ذات الغالبية الصربية من الإقليم، ولكن كنوع من الخصوصية أو إتخاذ القرار في الأمور المتعلقة بالصرب في كوسوفو.
وقد تبلورت مواقف الوفدين الصربي والكوسوفاري قبل مؤتمر فيينا بشكل واضح؛ فالساسة القادمون من بريشتينا التي تستضيف مقر الإدارة الأممية للإقليم منذ عام1999 يصرون على المضي قدما في عملية الانفصال عن صربيا والجبل الأسود، في حين يصر ساسة بلغراد على أن كوسوفو جزء لا يتجزأ من تحالف صربيا والجبل الأسود المتبقيتان من يوغسلافيا، وأن الإقليم حصل على صلاحيات واسعة في الحكم الذاتي.
البحث عن الوضع القانوني، أم الحفاظ على مصالح خاصة؟
سويسرا كانت قد أعلنت عن موقفها الرسمي من خلال تصريحات وزيرة الخارجية ميشلين كالمي راي، التي دعمت فيها استقلال إقليم كوسوفو بشكل كامل عن صربيا، ولكنها في الوقت نفسه أكدت على أن يتم ذلك من خلال الحوار بين الطرفين.
وقد تباينت ردود فعل جالية أبناء كوسوفو في سويسرا المتعددة الأعراق على مؤتمر فيينا؛ ففي حين يرى نفايل ماليكي مراسل صحيفة “بوتا سوت” اليومية التي تصدر في كوسوفو لدى الأمم المتحدة في جنيف أن هذا المؤتمر يفتح آفاقا جديدة لعملية الاستقلال عن بلغراد، يصف سلوبودان ديسبوت السكرتير السابق للمعهد الصربي في لوزان موقف الغرب بغير المفهوم: “في حين يدعم الغرب استقلال كوسوفو الألبانية يرفض قيام جمهورية صربية بوسنية، ونفس الساسة الذين يعملون لتطوير الإتحاد الأوروبي، هم أيضا الذين يسعون لرسم حدود جديدة في البلقان”.
وتهتم وسائل الإعلام السويسرية بهذا المؤتمر بشكل خاص، حيث أفردت صحفها مساحات واسعة للحديث عن المؤتمر والاحتمالات التي من الممكن أن يسفر عنها، كما استمعت إلى آراء خبراء متخصصين في شؤون البلقان.
صحيفة “دير بوند” الصادرة في العاصمة برن نشرت في عدد يوم الاثنين 10 فبراير حديثا مع بريدراغ يوريكوفيتش رئيس قسم تحليل النزاعات في وزارة الدفاع النمساوية، قال فيه “إن الغرب يمكن أن يدعم موقف صربيا، إذا منحت بلغراد أبناء إقليم كوسفو مساحة أكبر في الحياة السياسية”، كما نصح الخبير المتخصص في شؤون جنوب أوروبا الإتحاد الأوروبي بتحمل مسؤوليته في البلقان بدلا من تركها في يد أمريكية، قائلا: “من المؤلم أن يتولى الأمريكيون مسؤوليات مختلفة مثل حفظ الأمن والنظام، بدلا من أن يرتفع علم الإتحاد الأوروبي هناك، ولكن للولايات المتحدة اهتماماتها في كوسوفو، لذا فهي باقية هناك”.
سويس انفو – أندرياس كايزر
(نقله من الألمانية وعالجه: تامر أبوالعينين)
معلومات حول إقليم كوسوفو:
تعداد السكان: 1.9 مليون نسمة
نسبة الألبان: 91%
نسبة الصرب: 5%
أعراق أخرى: 4%
نسبة البطالة تتراوح بين 40 و 80% حسب المصادر.
50% من السكان يعيشون تحت خط الفقر.
يعيش في سويسرا 200 ألف شخص من ألبان كوسوفو، وتمول الحكومة السويسرية منذ عام 1999 مشروعات في الأمن والمساعدات الإنسانية والبنية التحتية ودعم اللاجئين العائدين، بلغت حتى نهاية 2005 نصف مليار فرنك سويسري.
رسميا يتبع إقليم كوسوفو على صربيا والجبل الأسود، وعمليا تديره الأمم المتحدة منذ 1999.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.