مسيرة جوزيـف دايـس في كتاب
بعد إعلان وزير الإقتصاد السويسري جوزيف دايس عن استقالته من منصبه اعتبارا من 31 يوليو الجاري، بدأت أقلام المحللين تستيعد مسيرته السياسية وترصد ملامح تلك المرحلة.
ولأن الفترة التي جاء فيها دايس ورحل كانت هامة جدا في تاريخ الكنفدرالية، فإن تقييم أدائه ليس بالأمر الهين، بل سيحتاج إلى سنوات وأكثر من كتاب.
يغادر وزير الاقتصاد السويسري جوزيف دايس الحكومة الفدرالية يوم 31 يوليو 2006 بعد 7 سنوات من العمل الوزاري المتواصل، بدأت بوزارة الخارجية اعتبارا من 1 مايو 1999، إلى أن كتب استقالته في 27 أبريل 2006 وهو على رأس وزارة الاقتصاد.
وكان من الطبيعي أن تتفاوت الآراء حول حصيلة أداءه في هذه الفترة وأسباب استقالته وهو في قمة العطاء، وستبقى محور نقاش لسنوات طويلة. لكن المحلل الاقتصادي بيات كابلر والمستشار مارتين تسينهاوزرن، ومعهما المصور الخاص بالقصر الفدرالي كارل هاينتس هوغ، استبقوا الجميع وقدموا للقراء كتابا بعنوان “جوزيف دايس وسويسرا”.
ويقول تسينهاوزرن الذي يعمل مستشارا اقتصاديا مستقلا، في مقدمة الكتاب بأن الهدف منه ليس تقييم أداء دايس، أو تعديد مميزاته وسلبياته، لأن “من يضع نفسه في خدمة وطنه، يحصد القليل من الثناء والكثير من الانتقادات أثناء الخدمة”، ولكن “ليس غريبا أن يأتي الحكم الحقيقي على الشخصيات البارزة في السياسة والثقافة والمجتمع دائما بعد مغادرتهم للساحة، واختفائهم من مسرح الأحداث، فالتقييم يكون بعيدا عن الانفعالات العاطفية والمجاملات التي تفرضها المواقف والأحداث”.
تقييم أداء الساسة ليس سهلا
ويشير الكتاب من خلال 104 صفحات إلى المراحل التاريخية الهامة التي ارتبطت بدايس أثناء مسيرته في الحكومة، فهو الذي سعى حثيثا لإقناع الناخبين بالتصويت لصالح الالتحاق بالأمم المتحدة، ونجح في ذلك، ليكون شاهدا تاريخيا على رفع علم سويسرا كعضو كامل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك يوم 10 سبتمبر 2002، رأى فيه الكثير من المراقبين آنذاك بداية تحول في السياسة الخارجية السويسرية نحو الانفتاح.
“تقييم أداء أحد الساسة بحياد وموضوعية ليس عملا سهلا”، يعترف تسينهاوزرن في الكتاب، فكلما تعقدت الملفات وتشعبت، أصبح من الصعب إصدار حكم قاطع على الأداء، يترك الكتاب مجالا كبيرا للقارئ لتكوين الصورة النهائية لجوزيف دايس.
فقد قدمه في أطوار مختلفة؛ الأكاديمي ورجل اقتصاد على الناحيتين العملية والنظرية، والسياسي على مستوى الكانتون، ثم في الحكومة الفدرالية؛ كوزير خارجية ثم اقتصاد، وبينهما تقلد منصب رئاسة الكنفدرالية لعام واحد، وتنقل فيها يحمل اهتمامات سويسرا إلى شتى بقاع الأرض، والتقى بشريحة متنوعة من البشر، من أطفال أفقر أزقة دكا (عاصمة بنغلاديش)، إلى كبار الساسة وحتى البابا الراحل يوحنا بولس الثاني.
آخر وزير اقتصاد سويسري؟
أما بيات كابلر، الخبير الاقتصادي المعروف بآرائه الليبرالية التي ينشرها الصحيفتين الرصينتين “نويه تسورخر تسايتونغ” (التي تصدر في زيورخ) و”لوتون” (التي تصدر في جنيف)، فقد استعرض مسيرة دايس السياسية وربطها بالتطورات الاقتصادية في البلاد والقارة الأوروبية، ليطرح السؤال حول ما إذا كان دايس سيصبح آخر وزير اقتصاد في سويسرا؟
لكن كابلر الذي يشتهر بانتقاداته الحادة للقيود الاقتصادية، يرى بأن تقييم أداء دايس لابد وأن يرتبط بالمراحل السياسية التي عاشتها سويسرا خلال 20 عاما خلت، لاسيما في الفترة ما بعد الحرب الباردة، التي وصفها قائلا “كان يجب على سويسرا في تلك المرحلة أن تحدد مجددا موقفها في العالم الجديد”.
فقد عدد كابلر التغيرات التي شهدها الحقل الاقتصادي السويسري خلال فترة عمل دايس كوزير للاقتصاد، مثل تفعيل الاتفاقيات الثنائية مع الإتحاد الأوروبي، والعديد من اتفاقيات التجارة الحرة الثنائية مع بعض دول العالم، بالتوازي مع مفاوضات منظمة التجارة العالمية، لتحصل سويسرا في النهاية على 16 اتفاقا تجاريا مع أطراف متعددة وفي مجالات تجارية مختلفة، ويشهد التصدير انتعاشا جيدا، وتحقق الشركات والمؤسسات المالية أرباحا عام بعد آخر.
وحرصا من كابلر على الإنصاف، فقد تحدث أيضا عن معارضي دايس الذي كانوا يرغبون في ليبرالية اقتصادية كاملة من دون قيد أو شرط، وتفعيل اتفاق تجاري حر مع الولايات المتحدة بالتحديد، وعدم البحث والتنقيب وراء كل فقرات وبنود الاتفاقيات الاقتصادية التي توقعها سويسرا مع الأطراف المختلفة لاسيما مع دول الجوار.
كما رصد كابلر آراء من يعتقدون بأن دايس قد فشل في مسيرته السياسية، ولكن المؤلف بعتقد بأن الفشل هو جزء من مسيرة الحياة العملية على كل الأحوال، وليس من العيب أن تكون بين صفحات النجاح سطور من فشل.
سويس انفو – تامر أبوالعينين
صدر الكتاب في 27 يوليو 2006، أي قبل 4 أيام على نهاية عمل جوزيف دايس في الحكومة الفدرالية.
يقع الكتاب في 104 صفحات من الحجم الكبير، ويضم 26 صورة بالألوان من مراحل عمله كوزير للخارجية ثم للإقتصاد، وصورة واحدة بالأبيض والأسود في ريعان الشباب.
يبلغ سعر الكتاب 39.80 فرنكا.
رقم التصنيف الدولي:
ISBN 3-280-05216-5
يعترف الكتاب بصعوبة تقييم أداء عمل أحد الساسة أثناء أداء مهام منصبه، أو بعد خروجه منها مباشرة، لكنه يرصد مراحل مسيرة الوزير السويسري، ويربطها بأهم الأحداث التي عايشتها الكنفدرالية على الصعيدين السياسي والإقتصادي ذات الأبعاد الداخلية والخارجية.
يترك الكتاب الفرصة للقارئ لتقييم أداء دور جوزيف دايس في الحياة السياسية للكنفدرالية، ولكنه يؤكد أن اسمه سيرتبط بتاريخ سويسرا الحديث بشكل وثيق.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.