مشروع مغربي سويسري لتعزيز التكوين في حقوق الإنسان
يقدم المغرب وسويسرا في مجلس حقوق الإنسان مشروع قرار مشترك لتعزيز التكوين في مجال حقوق الإنسان.
المشروع يهدف لسد نقص في مجال التركيز على التكوين، ولكنه يشكل منعطفا أيضا في التعاون بين الكتل الجغرافية للتخفيف من المواجهة والتسييس داخل مجلس حقوق الإنسان.
يستعد وفدا المغرب وسويسرا في مجلس حقوق الإنسان لتقديم مشروع قرار مشترك يهدف الى التركيز على أولوية التكوين في مجال حقوق الإنسان.
المشروع الذي نشأ بين وزير حقوق الإنسان المغربي وممثلين سويسريين في ملتقى أكاديمي حول العلاقات الدولية في لندن في بداية العام، وصل اليوم لمرحلة وضع اللمسات الأخيرة بغرض عرضه على مجلس حقوق الإنسان في دورته الحالية، بنية التصديق عليه بالإجماع.
التركيز على التكوين في كل مجالات حقوق الإنسان
مشروع القرار الذي حصلت سويس إنفو على نسخة منه، يطالب في بنده الأول – وبعد التذكير بالأهمية التي أولاها لمسألة التكوين والتعليم في مجال حقوق الإنسان كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإعلان فيينا وبرنامج العمل لعام 1993 وبصلاحيات مجلس حقوق الإنسان في دعم التعليم والتكوين في هذا المجال – يطالب اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان بإعداد مشروع إعلان حول التعليم والتكوين في مجال حقوق الإنسان، وعرضه على مجلس حقوق الإنسان عام 2010.
وفي بنده الثاني، يطالب اللجنة الاستشارية بالاستماع الى إسهامات ووجهات نظر الدول الأعضاء ومكتب مفوضية حقوق الإنسان والمنظمات الدولية ولإقليمية ذات الصلة، وكذلك منظمات المجتمع المدني.
ويطالبها في البند الثالث، بتقديم تقرير لمجلس حقوق الإنسان في دورته الرئيسة لعام 2009 حول سير عملية الإعداد لهذا الإعلان.
عودة للـتشاور والتعاون بدل المواجهة
وتعتبر سويسرا هذا المشروع خطوة نحو بداية سياسة تعاون بين الدول والكتل في مجال حقوق الإنسان، بدل المواجهة والتشدد التي عصفت بلجنة حقوق الإنسان، وكادت أن تعصف بمجلس حقوق الإنسان أيضا، إذ تقول المسؤولة عن ملف حقوق الإنسان بالبعثة السويسرية، ميريال كوهين بيريسي “إن هذا المشروع المشترك بخصوص الإعلان خطوة أولى لكسر الجمود القائم بسبب مواقف المجموعات الإقليمية وغير الإقليمية، والعودة للدفاع عن حقوق الإنسان في عمل مشترك بين الدول وليس عبر المواجهة”.
وعند الحديث عن تشدد المجموعات، فإن المقصود بالدرجة الأولى المجموعة الغربية، وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي التي كثيرا ما تتخذ مواقف موحدة من القضايا المطروحة، تأتي بعدها المجموعة الإفريقية بخصوص قضايا إفريقية، مثل دارفور، وهناك بعض القضايا، مثل القضية الفلسطينية والقضايا الإسلامية التي تفرض تحالف مجموعات إقليمية، مثل الإفريقية والآسيوية اللتين تنضم لهما مجموعةُ أمريكا اللاتينية وبعض الدول، مثل الصين وروسيا، عندما يتعلق الأمر بقضايا تهم البلدان النامية.
لكن سويسرا تأمل من خلال تعزيز جانب التكوين، أن تولي الدول أهمية للتكوين الداخلي، إذ تقول السيدة كوهين بيرسي “الهدف هو توجيه الجهود نحو تطبيق معايير حقوق الإنسان داخل الوطن”، وتشير الى أن “الأمر لا يقتصر على الدول النامية، بل يهم الدول المتقدمة أيضا التي عليها أن تعزز التكوين في مجالات محاربة العنصرية وتكوين أجهزة الشرطة”.
وعن اختيار مسار القرار، تـم الإعلان ولِـما لا عن معاهدة دولية مرة واحدة، تجيب الممثلة السويسرية “من السابق لأوانه الحديث عن معاهدة، ولكن الإعداد لإعلان يسير سيرا حسنا وهناك إجماع مبدئي عليه”.
مبادرة “شمال – جنوب”
من جهته، أشار السفير المغربي محمد لوليشكي، رئيس البعثة لدى الأمم المتحدة في جنيف إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها التأكيد على أهمية التكوين، مُعربا عن اعتقاده أن “الجهود في هذا المجال بقيت مشتتة”، ومؤكدا أن الهدف من وراء هذه الخطوة المشتركة السويسرية المغربية هو “محاولة تحضير نص قانوني ليس ملزما بالضرورة ولكنه مشجع ومحرض لدول بإمكانها أن ترتكز عليه لتعميم التكوين والتعليم في مجال حقوق الإنسان”.
وعن المعنيين بهذا الإعلان بالدرجة الأولى، يقول السفير لوليشكي “إنه لا يستهدف فئة دون غيرها، بل يهم كل الشركاء من ممثلي الحكومات وممثلي المجتمع المدني والمدرسين في مختلف المراحل الدراسية، وليس فقط على المستوى النظري أو الجامعي، بل أيضا من يشرفون على التطبيق مثل القضاة ورجال الأمن وغيرهم”.
وعن الهدف من القيام بعمل مشترك مع بلد غربي، أي سويسرا، في محفل معروف بمواجهة بين الكتل الجغرافية، يقول السفير المغربي “إن الأمر لا يدخل في منطق دول غربية او غير غربية، بل من منطلق مبادرة بين دول الشمال والجنوب، مفادها أن حماية حقوق الإنسان تتعدى الحدود الأيديولوجية أو التنموية أو الثقافية، لأنها قِـيم إنسانية عالمية”.
وعمّـا إذا كانت هذه الخطوة اعترافا بالمطلب الذي أثارته الدول النامية أثناء عملية الانتقال من لجنة حقوق الإنسان نحو مجلس حقوق الإنسان، والمتمثل في وجوب التركيز على التعاون التقني ومن ضمنه التكوين قبل التركيز على الإدانة والمتابعة، يقول السفير لوليشكي “منذ تأسيس مجلس حقوق الإنسان، بدأ يظهر تفكير جديد وشدد قرار الجمعية العامة لتأسيس المجلس في حد ذاته على التعاون وعلى عدم إقصاء أحد والشفافية والحوار، وأعتقد أن هذا التفكير بدأ يفرض نفسه ويجب أن نمهل الأمور بعض الوقت لمعرفة الى أي حد تبلورت أفكار وأعمال الدول داخل مجلس حقوق الإنسان”.
وإذا ما تم اعتماد مشروع القرار المشترك المغربي السويسري في دورة مجلس حقوق الإنسان الحالية، فعلى اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان إعداد مشروع الإعلان لكي يعتمد في عام 2010، وهذا يعني أن دورة عام 2011 لمجس حقوق الإنسان هي التي ستتولى مناقشة كيفية إعداد آليات التطبيق.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
في انتظار أن تصل مبادرة المغرب وسويسرا الى مرحلة التطبيق في عام 2011، شرعت جهات عديدة في سد النقص الملاحظ في قطاع التكوين في مجال حقوق الإنسان.
ولئن كانت هناك العديد من المنظمات التي ظهرت في جنيف وتكفلت بتكوين نشطاء حقوق الإنسان من منتسبي المنظمات غير الحكومية، فإن معهد جنيف لحقوق الإنسان أكمل المسيرة بإدماج دورات خاصة بإطارات الدول العربية المهتمة بتكوين إطاراتها الرسمية والأكاديمية وغير الحكومية في مجال حقوق الإنسان، حيث سبق له أن نظم دورات خاصة بإطارات الدول ودورات مختلطة تشمل ممثلين حكوميين ومنظمات مدنية وإطارات أكاديمية.
وقد شرع مؤخرا في تنظيم دورات في عين المكان، إذا رغب بلد في تنظيمها على أرضه لتعميم الفائدة على أكبر قدر من المشاركين، وآخر هذه الدورات تلك التي نظمها معهد جنيف لحقوق الإنسان في سوريا لضباط الشرطة على امتداد ثلاث حلقات، وشملت حوالي تسعين ضابطا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.