مصالح متباينة داخل الكتلة العربية في مؤتمر المناخ
تهيمن السعودية التي تعارض بشدة الاستغناء عن الوقود الأحفوري، على كتلة الدول العربية في مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ (كوب28) المنعقد في دبي، رغم أن مصالح هذه الدول متباينة ولاسيما بالنسبة للدولة المضيفة للمؤتمر.
وقال جيم كراين من معهد “بايكر” في جامعة هيوستن الأميركية، “نشهد خلافًا بين الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول النفطية الكبرى بشأن مستقبل الوقود الأحفوري”.
في حين ترفض الرياض أول مصدّر للنفط الخام في العالم، ذكر الوقود الأحفوري في اتفاق دولي في ختام المفاوضات، فإن رئيس مؤتمر كوب28 الإماراتي سلطان الجابر أكد أنّه يريد التوصل إلى اتفاق تاريخي يبتّ مستقبل النفط والفحم والغاز.
وبإمكان الرياض أن تعوّل على الدعم غير المحدود للدول العربية الأربعة الأخرى الأعضاء في منظمة البلدان المصدّر للنفط (أوبك) وهي الكويت والجزائر والعراق وليبيا، علمًا ان الأمين العام للمنظمة دعا الكارتل إلى رفض أي اتفاق يستهدف الوقود الأحفوري في مفاوضات المناخ.
من جانبها، استثمرت قطر، وهي إحدى الدول الرائدة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم، “عشرات المليارات من الدولارات” في هذا القطاع حسب ما ذكّر وزير الدولة لشؤون الطاقة سعد بن شريده الكعبي.
ودعا الوزير خلال مؤتمر الطاقة العربي في الدوحة الاثنين، إلى “إعطاء الأولوية لمواجهة تحديات تحقيق أمن الطاقة”.
وتعتمد دول الخليج على المحروقات لتمويل تنويع اقتصاداتها ومشاريعها الإنمائية، وفق ما أوضحت لوري هايتايان مديرة قسم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى معهد حوكمة الموارد الطبيعية ومقرّه بروكسل.
وأضافت هايتايان أن الرياض “تحتاج إلى عائدات النفط، لتحقيق رؤية 2030” التي تهدف إلى تحويل المملكة التي كانت مغلقة سابقًا إلى مركز للأعمال والسياحة والرياضة.
ورأى جيم كراين أن بالنسبة للسعوديين “رغم أنهم يعيشون في إحدى المناطق الأكثر حرًا على الكوكب، فإن إنقاذ النفط أهمّ من إنقاذ المناخ”.
أما بالنسبة للإماراتيين ورغم الاستثمارات الهائلة في قطاع النفط، فإنهم “أكثر ارتياحًا للتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري لأن اقتصادهم أكثر تنوعًا بكثير من اقتصاد معظم أعضاء أوبك”، وفق كراين.
واعتبر أن الدولة الخليجية الثرية تفكّر خصوصًا في “الهيبة التي ستكتسبها من استضافة مؤتمر مناخ ناجح”.
وأفاد مصدر قريب من المفاوضات طلب عدم الكشف عن اسمه، وكالة فرانس برس أن أبوظبي بقيت حتى الآن منسحبة بعض الشيء من النقاشات داخل الكتلة العربية، التي تهيمن عليها السعودية تاريخيًا.
– أول اقتصاد في الشرق الأوسط –
بالنسبة للدول العربية غير النفطية في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا، فإن تأييد الموقف السعودي كما جرت العادة تاريخيًا، يصطدم هذه المرة بمصالحها البيئية والزراعية والصحية، بحسب منظمات غير حكومية.
فالعالم العربي هو أحد المناطق الأكثر تأثراً بتداعيات التغيّر المناخي.
وأشارت المديرة التنفيذية لمنظمة “غرينبيس” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غوى نكت أن المنظمة سجّلت هذا العام “آثار تغير المناخ في واحات المغرب، وعلى الزراعة في مصر وتونس والجزائر، وحتى على غابات الأرز في لبنان”.
وأضافت أن حتى في السعودية سيصبح موسم الحجّ في مكة المكرمة “صعبًا جدًا إذا ارتفعت حرارة الأرض درجتين مئويتين”.
لكنّ المملكة هي أيضًا أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، ومن بين أبرز المستثمرين في الدول غير النفطية في المنطقة على غرار لبنان والأردن ومصر.
في مؤتمر كوب28، تضم وفود هذه البلدان، التي تركز بشكل كبير على السياحة، مدافعين نشطين عن المناخ.
وأكدت نكت أن بعض هذه الدول “تسمع أصواتها والبعض الآخر لا يفعل، ربما بسبب هذه التبعية”.
وتعوّل على دول مثل المغرب المصنّف من بين الدول العشر الأكثر نشاطًا في العالم في مكافحة الاحترار المناخي، بحسب مؤشر الأداء المناخي (CCPI).
وترى أن المغرب “يجب أن يلعب دورًا أكثر أهمية مع الوفود كي لا تقتصر طموحاته (المناخية) على المستوى الوطني، وكي يتمكن من التأثير على سياسات المناخ الإقليمية”.
وفي حين أن المؤتمر دخل الشوط الأخير، قالت نكت “لم نرَ حتى الآن القيادة التي نريدها والتي تحتاجها المنطقة”.