مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مقاربة “براغماتية” لمُساعدة الفلسطينيين

تسبب إغلاق معبر كارني غرب قطاع غزة الذي اعادت السلطات الإسرائيلية فتحه يوم 21 مارس الجاري في تفاقم الأزمة الغذائية لسكان المنطقة Keystone

"في ظل حكومة تقودها حماس، قد يُخشى من أسلمةٍ للمجتمع تعيد النظر في برامجنا الخاصة بالصحة ومجال حقوق الإنسان، لكن لا أحد هنا يثق بهذا ولا يسيطر التشاؤم على أحد".

هكذا يبدو الوضع حاليا لرئيس مكتب الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في الأراضي الفلسطينية ماريو كاريرا الذي أعرب عن ثقة نسبية في مواصلة العمل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة.

بينما تظل آفاق السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قاتمة، تدفع الأزمة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون في الضفة والقطاع هيئات المساعدة الدولية إلى المضي قدما في نشاطها والتحلي بالبراغماتية، رغم التهديدات والضغوط التي تواجهها من عدة أطراف خارجية لا ترغب في التعامل مع حركة المقاومة الإسلامية حماس إثر الفوز الكاسح الذي حققته في الانتخابات التشريعية في يناير الماضي.

ويعتقد رئيس مكتب الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في الأراضي الفلسطينية ماريو كاريرا بجدوى ذلك المنهج العملي في تقديم المساعدة للشعب الفلسطيني.

ففي حديث مع وكالة الأنباء السويسرية، أعرب السيد كاريرا يوم الأربعاء 22 مارس الجاري عن تفاؤله وثقته النسبية بشأن استمرار العمل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة.

لكن تفاؤله يظل حذرا إذ هو على قناعة بأن مواصلة التعاون ممكن مع الفلسطينيين شرط “أن تتوقف الفوضى الأمنية الحالية وأن لا تعرقل بعد عمل وكالات التعاون”.

ويذكر أن وكالة التنمية والتعاون السويسرية اضطرت إلى الحد من تنقلاتها مثل كافة منظمات الإغاثة الأجنبية في الأراضي الفلسطينية.

وفي ظل تولي حماس مقاليد الأمور، يتوقع معظم المراقبين تحركا حقيقيا ضد الفساد ومن أجل المزيد من الشفافية. علما أن أغلب التحاليل اعتبرت أن انتصار حماس كان بمثابة تصويت احتجاجي ضد أسلوب إدارة فتح – حزب الرئيس الفلسطيني محمود عباس – للشأن العام وضد الاحتلال الإسرائيلي.

زهاء 15 مشروعا..

وتشرف وكالة التنمية والتعاون السويسرية على حوالي 15 برنامجا ثنائيا في الأراضي الفلسطينية، من بينها برنامج واحد فقط تابع مباشرة للحكومة الفلسطينية ويخص إعادة تأهيل السجناء. وقد حصلت سويسرا، بفضل هذا البرنامج، على تقدير كبير في الأراضي الفلسطينية نظرا للعدد الكبير للأسر التي لها م قريب وأقرباء في السجون.

وعن هذا البرنامج، قال السيد كاريرا في تصريحاته لوكالة الأنباء السويسرية: “سنبحث مع الحكومة الجديدة إذا كان الاتفاق حول هذا البرنامج الذي وقعناه في نوفمبر الماضي لمدة تتواصل سنتين، مازال صالحا”.

وهنالك برنامجان آخران تابعان مباشرة للرئيس محمود عباس، من المفترض أن يتواصلا بدون أية مشاكل، ولئن كان أحدهما – وهو يعتمد على 40 وسيطا مكلفا بتجميع شكاوى المواطنين في مجال التعليم والعلاج والشرطة- قد يثير “انزعاج الحكم الجديد”، على حد تعبير السيد كاريرا.

وما عدا هذه المشاريع الثلاثة، لا ترتبط المساعدة السويسرية الثنائية (التي ُخُصصت لها 11 مليون فرنك في ميزانية 2006) بالحكومة الفلسطينية، إذ تمر عبر منظمات غير حكومية أو دولية.

المساعدة متعددة الأطراف مازالت مُجمدة

أما النصف المتبقي من الدعم السويسري الذي ينفق أساسا على المساعدات الإنسانية التي تمر عبر وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” وبرنامج الغذاء العالمي، فيواجه مشاكل خطرة على مستوى التنفيذ منذ أن أغلقت إسرائيل معبر كارني، نقطة العبور الرئيسية للبضائع في اتجاه قطاع غزة، قبل إعادة فتحه (يوم 21 مارس الجاري، التحرير).

وعن الوضع الإنساني جراء عمليات إغلاق المعبر، قال السيد كاريرا: “هذه هي المرة الأولى منذ ثلاث أو أربع سنوات التي لا يتمكن فيها برنامج الغذاء العالمي والأونروا من إيصال المساعدات الأساسية لغزة”، واصفا الحالة الراهنة بـ”أزمة غذائية”، علما أن ثلثي سكان المنطقة يعتمدون على المساعدة الدولية.

ويذكر أن الأنروا وبرنامج الغذاء العالمي احتجا مؤخرا على هذا الإغلاق التعسفي في رسالة وجهت لإسرائيل. ووقعت على الرسالة أيضا الدول المانحة، من بينها سويسرا.

“براغماتية”

من جانبه، ذكّر باسكال دو كروزا، الخبير السويسري في شؤون الشرق الأوسط، أن بعض اعضاء الحكومة الإسرائيلية لم يخفوا بعد انتصار حماس عزمهم على عرقلة تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة خلال الفترة السابقة للانتخابات الاسرائيلية التي ستجري يوم 28 مارس.

وفي تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية، نوه الخبير دوكروزا إلى أن المقاربة البراغماتية بدأت تفرض نفسها بشكل مُحتشم في طريقة عمل منظمات المساعدة الدولية، في ظل تصاعد العنف الإسرائيلي وتفاقم الأزمة الانسانية الفلسطينية. وأشار في هذا السياق إلى تدخل الولايات المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وحصولها “دون تصعيد اللهجة” على إعادة فتح إسرائيل لمعبر كارني.

ويذكر أن الأونروا أوردت في بيان صحفي أن مدير عمليات الوكالة الأممية في غزة جون جنج “كان يحاول جاهدا أن يكون متفائلاً” عقب عودته صباح يوم الثلاثاء 21 مارس الجاري من زيارة إلى معبر كارني التجاري بعد إعادة فتحه بين إسرائيل والقطاع.

وقال السيد جنج “إن الوضع في شوارع غزة بات أسوأ مما كان عليه بالأمس حيث أن فتح المعبر لنصف ساعة ظهيرة يوم الاثنين لم يخفف مطلقا من وطأة الأزمة الإنسانية المتفاقمة”، مضيفا: “أتمني بصدق أن يكون فتح المعبر اليوم هو بداية العودة إلى الوضع الطبيعي، فهذه أول مرة في الذاكرة الحية لمواطني غزة التي يتم فيها تقنين استهلاك الخبز”.

وأضاف بيان الاونروا أن السيد جنج أعرب أيضا عن استياءه من عمل معبر كارني بنسبة 10% من قدرته بعد إعادة فتحه صبيحة الثلاثاء 21 مارس، كما دعا الأطراف المعنية إلى العمل على فتحه بشكل كامل.

سويس انفو مع وكالة الأنباء السويسرية

تنشط الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1994.
وتبلغ ميزانيتها لعام 2006 في المنطقة 25 مليون فرنك سويسري.
تتعاون الوكالة في الضفة والقطاع مع عدد من الشركاء، وخاصة مع المنظمات غير الحكومية الفلسطينية النشيطة في مجال حقوق الإنسان وحماية البيئة والتنمية الاجتماعية.
قرابة 50% من ميزانية الوكالة السويسرية للتنمية والتعاون في المنطقة يرصد لمنظمات دولية مثل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط واللجنة الدولية للصليب الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية