مقتل 18 متظاهرا على الأقل في بورما والمجموعة العسكرية تفرض الأحكام العرفية في بلدتين
قُتل 18 متظاهرا على الأقل الأحد في بورما خلال تظاهرات ضد الانقلاب العسكري، في حصيلة يومية هي الأفدح منذ سيطرة الجيش على الحكم، في حين أعلنت السلطات الانقلابية مساء فرض الأحكام العرفية في بلدتين واقعتين ضمن نطاق العاصمة الاقتصادية رانغون.
ومنذ انطلاق الاحتجاجات على الانقلاب قتل أكثر من 80 شخصا، علما أن الحصيلة مرشّحة للارتفاع بعد أعمال العنف التي سُجّلت الأحد.
ودانت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى بورما “بشدة” ما وصفته بأنه “حمام دم” في البلاد بعد مقتل 18 شخصا الأحد في تظاهرات ضد الانقلاب العسكري.
وجاء في بيان للمبعوثة الأممية كريستين شرانر بورغنر أن “المجتمع الدولي وخصوصا اللاعبين الإقليميين يجب أن يرصوا الصفوف في التضامن مع الشعب البورمي وتطلّعاته الديموقراطية”.
وبرر الجيش انقلابه مرارا بتأكيد حصول عمليات تزوير واسعة النطاق خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر وحقق فيها حزب الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية بزعامة سو تشي فوزا كبيرا.
وليل الأحد أفاد الإعلام الرسمي بفرض الأحكام العرفية في بلدتي هلاينغ ثاريار وشويبيثا.
وتعد البلدتان مركزين صناعيين وتتركز فيهما كبرى مصانع الألبسة.
وقال مذيع في قناة حكومية إن المجلس العسكري “يمنح سلطة الأحكام العرفية الإدارية والقضائية للقائد الإقليمي في رانغون لممارستها (في بلدتي هلاينغ ثاريار وشويبيثا) … للاضطلاع بالأمن والحفاظ على سيادة القانون والهدوء بشكل أكثر فعالية”.
وتشن قوات الأمن التابعة للمجموعة العسكرية خلال الأسابيع الأخيرة حملة قمع شبه يومية ضد المحتجين باستخدام الغاز المسيّل للدموع والأعيرة المطاطية والرصاص.
وفتحت قوات الأمن النيران على المحتجين في هلاينغ ثاريار، كبرى بلدات رانغون، فيما اشتبك متظاهرون مسلحين بعصي وسكاكين معهم بينما كان آخرون ينقلون الجرحى بعيدا عن موقع المواجهات في سيارات.
وتمكّن متظاهرون استخدموا أجزاء من مستوعبات النفايات دروعا لهم من نقل المصابين، لكن طبيبة كشفت أنه تعذّر إنقاذ الجميع.
وقالت الطبيبة لوكالة فرانس برس “يمكنني تأكيد مقتل 15 شخصا”، مضيفة أنها عالجت نحو خمسين جريحا ورجحت ارتفاع الحصيلة.
ويرجّح مركز مراقبة تابع لجمعية مساعدة السجناء السياسيين يتولى التثّبت من التوقيفات والوفيات منذ الانقلاب، أن تكون حصيلة الضحايا أعلى.
وعلى مدار اليوم، سمع صوت إطلاق الرصاص باستمرار فيما شوهدت آليات عسكرية تسير في الشوارع.
وأصدرت السفارة البريطانية في رانغون بيانا وصفت فيه استخدام القوة “ضد أشخاص أبرياء” بأنه “مروع”.
وجاء في البيان الذي وقّعه السفير دان تشاغي ان بريطانيا تدعو إلى “وقف العنف فورا” وإعادة السلطة إلى الحكومة المدنية المنتخبة.
– سأقاتل حتى النهاية –
وقبل اندلاع أعمال العنف كان ضابط في الشرطة قد نشر تسجيل فيديو على تطبيق تيك توك قال فيه إن قوات الأمن ستستخدم الأسلحة الثقيلة في التصدي للمتظاهرين.
وقال “لن أرحم هلاينغ ثاريار”، مضيفا أنه يتوقّع أن يتصدى أهالي المنطقة للشرطة، إلا أنه توعّد بالقول “لن نرحمهم”.
وبعد ساعات تم حذف الفيديو الذي تحقّقت وكالة فرانس برس من صحّته.
وأفادت وسائل إعلام محلية بأنه تم هدم خمسة مصانع ألبسة في البلدة.
ومن المباني التي تم تدميرها مصانع مملوكة لصينيين، وفق سفارة الصين في بورما التي دانت أعمال “مدمّرين” في بيان نشرته في صفحتها على فيسبوك.
وحضّت السفارة الشرطة المحلية على ضمان أمن الشركات الصينية وموظفيها.
ومساء تأكدت أنباء عن مقتل شخص في بلدة تاموي، واوردت وسائل الإعلام أن قوات الأمن أطلقت النار على محتجين حاولوا إحراق مركز للشرطة.
وفي مدينة هباكانت في شمال البلاد، فرقت قوات الأمن تظاهرة صغيرة قبل حلول الظهر في مواجهة أسفرت عن مقتل شخص، حسب ما أفاد طبيب وموقع إخباري محلي.
وفي ماندالاي، ثاني مدن البلاد، فتحت قوات الأمن النار على المحتجين الذين هرعوا لإجلاء الجرحى من ساحة الاشتباكات، حسب ما أفاد صحافيو فرانس برس في المكان.
وأفاد طبيب فرانس برس “توفيت شابة تبلغ 24 عاما جراء طلق ناري في الوجه… وصلت هنا مقتولة”، مشيرا إلى أنّ سبعة اشخاص على الأقل اصيبوا بطلقات نارية.
وأقرت المتظاهرة ما خين لاي البالغة 21 عاما انها تشعر بالخوف الشديد فيما كانت تساعد في بناء حواجز لصد قوات الأمن.
لكنها قالت “رأيت الضحايا الأبطال يضحون بأعمارهم … سأقاتل حتى النهاية”.
– “أحلك الأوقات” –
وجاءت التجمعات الأخيرة غداة دعوة نائب رئيس برلمان الظل المحتجين لمواصلة التعبئة ضد “الدكتاتورية الظالمة” للمجلس العسكري.
وقال مان وين خينغ ثان في مقطع فيديو نشر مساء السبت على صفحة “برلمان الظل” على فيسبوك “نمر بأحلك الأوقات في تاريخ الأمة وبات الضوء في نهاية النفق قريبا”.
وأضاف ثان المسؤول الكبير في الرابطة الوطنية للديموقراطية بزعامة اونغ سان سو تشي والذي كان رئيس البرلمان في عهدها “انها أيضا المرحلة التي يخضع فيها مواطنونا للاختبار لنرى إلى أي مدى يمكننا مقاومة هذه الأوقات العصيبة”.
ووضع ثان قيد الاقامة الجبرية لدى وقوع الانقلاب في الأول من شباط/فبراير وفقا لرابطة مساعدة السجناء السياسيين.
وكان خطابه السبت أول ظهور له بصفته نائب الرئيس الموقت لـ”برلمان الظل”.
وحذرت المجموعة العسكرية من أن تشكيل “برلمان الظل” يعد “خيانة عظمى” تصل عقوبتها القصوى إلى السجن 22 عاما.