مقررون أمميون يُـدينون الممارسات الأمريكية
أدان فريق عمل مكون من خمسة مقررين خاصين تابعين للأمم المتحدة، تباطؤ واشنطن في حل مشكلة معتقلي معسكر غوانتانامو في مخالفة تامة للقوانين والمعاهدات الدولية.
في حديث خصت به سويس إنفو، تتحدث الجزائرية ليلى زروقي، رئيسة فريق العمل المعني بالحبس التعسفي، عن وضع معتقلي غوانتاموا، وعن ملف السجون السرية وتورط بعض الدول، من بينها دول عربية.
في بداية دورته الثانية المنعقدة منذ 19 سبتمبر 2006 في جنيف، تطرق مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة إلى تقارير عدد من المقررين الخاصين، من بينها التقرير الذي شارك في إعداده خمسة مقررين خاصين عن وضع معتقلي غوانتانامو، وهم رئيسة فريق العمل المعني بالحبس التعسفي ومناهضة التعذيب واستقلالية القضاء، والحق في الصحة وحرية المعتقد والدين.
سويس إنفو التقت بالسيدة ليلى زروقي، رئيسة فريق العمل المعني بالحبس التعسفي وأجرت معها الحوار التالي:
سويس إنفو: ما الجديد في هذا التقرير الذي عرض على مجلس حقوق الإنسان عن أوضاع معتقلي غوانتانامو، ؟
ليلى زروقي: هؤلاء المقررين الخاصين قرروا من تلقاء أنفسهم، التكفل بهذا الموضوع الشائك المتعلق بأوضاع معتقلي غوانتانامو منذ بداية 2002 الى يومنا هذا، والذي تبقّـى منهم اليوم في هذا المعتقل حوالي 450 شخصا. هؤلاء المعتقلين يوجدون في وضعية بدون أي حق في الطعن في مدى شرعية الاعتقال بدون أن يوجه لهم اتهام واضح في الأمور التي اعتقلوا من أجلها وبدون الحق في محاكمة عادلة.
وهذا ما جعلنا نهتم بالموضوع، وفقا لكل المعلومات التي وصلتنا عن الانتهاكات المرتكبة في حقهم، سواء من حيث الصحة او التعذيب وسوء المعاملة. وقد شرع فريق العمل المعني بالحبس التعسفي في المطالبة بزيارة المعتقلين في بداية 2002.
والى غاية السنة الماضية، تفاوضنا مع الحكومة الأمريكية، و لكن الاتفاق حول إمكانية زيارة غوانتانامو استثنى أن يكون لنا الحق في الحديث مع المحبوسين، وهذا ما كان غير مقبول بالنسبة للخبراء لأن في ذلك فتحا لباب جديد قد يلغي كل تحقيق مستقل يريد الوصول الى الحقيقة.
لذلك، رفضنا هذه الشروط وقررنا ان نذهب وأن يكون لنا الحق في الاستماع الى المعتقلين، وبدون حضور المسؤولين وفي كامل السرية لضمان التحقيق الجدي.
وبما أن ذلك لم يحدث، قررنا ان نقدم تقريرا مُـشتركا لمجلس حقوق الإنسان. وحتى لا يقال بأننا قدمنا تقريرا مبنيا على معلومات غير مؤكدة، قمنا بزيارة دول بها أشخاص مروا في سجن غوانتانامو، واستمعنا الى محبوسين موجودين في بعض الدول أو أفرج عنهم.
سويس إنفو: هل توجد من بين هذه الدول، دول عربية؟
ليلى زروقي: في الواقع، كتبنا الى ست دول التي كنا نعتقد أن مجموعة كبيرة موجودة فيها وهي، فرنسا وإسبانيا وبريطانيا والمغرب وباكستان وأفغانستان، وجاء الرد الأول من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا. وقمنا بالتحقيق في كل بلد، وساعدتنا منظمة العفو الدولية ايضا بإحضار مجموعة من عدة دول الى بريطانيا.
وعندما كنا في طور الاعداد النهائي للتقرير، تلقينا جوابا إيجابيا من المغرب ومن أفغانستان. أما من باكستان، فلم نتلق أي جواب لحد الآن. وتلقينا معلومات من أن اليمن كانت تسمح لنا بزيارة الأشخاص اليمنيين الذين مروا على غوانتانامو.
وقد اعتمدنا ايضا على تقارير وردت إلينا من محامي المتهمين الموجودين حاليا في غوانتانامو. واطلعنا أيضا على وثائق رسمية للحكومة الأمريكية رفعت عنها السرية، وهذا بالإضافة الى العديد من تقارير المنظمات غير الحكومية.
وحرصا على حرفيتنا، تفادينا الحديث عن عدة أشياء لم نتمكن من التدقيق فيها، والكرة الآن أصبحت، بعد تقديمنا لهذا التقرير، بين أيدي مجلس حقوق الإنسان لمعرفة ما الذي يجب اتخاذه من خطوات.
سويس إنفو: من خلال هذا العمل الدقيق ما هي الانتهاكات التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية، والتي توصلتم الى توثيقها في وضع معتقلي غوانتانامو؟
ليلى زروقي: كل مقرر خاص من بين الخمسة، ضبط انتهاكات ارتُـكبت في حق معتقلي غوانتانامو. إذا تحدثنا عن الحبس التعسفي، فقد قررنا ان كل المعتقلين اليوم هم في وضعية حبس تعسفي، لأنه لا يوجد حق في الطعن بصفة جدية في شرعية الاحتجاز أمام محكمة مستقلة بالمعايير الدولية. لم يتم اتهام أشخاص وإحالتهم على المحاكمة، بل تمت إحالتهم على لجان وليست حتى محاكم عسكرية، وهذا انتهاك للحق في الحرية وفي الحماية النفسية.
إذا اخذنا موضوع سوء المعاملة والتعذيب، وصلنا الى معلومات بأن هناك معاملات تكيف الى مستوى التعذيب ومعاملات أخرى الى مستوى انتهاكات ومعاملات قاسية ومهينة.
بالنسبة لحماية المعتقد والدين، كانت هناك بعض المعاملات المبنية على أساس المساس بالانتماءات الدينية للمعنيين وبمعتقداتهم.
وتوصلنا ايضا الى معالجة مبدا المحاكمة العادلة وتمكننا من تصنيف بان كل الهيئات التي أعدت لمحاكمة هؤلاء المعتقلين او للنظر في شرعية الاحتباس لا تتوفر على مبدأ المحاكمة العادلة والمحكمة المستقلة بالمعايير الدولية. وتوصلنا الى اعتبار ان السلطة التنفيذية الأمريكية هي التي تقوم في نفس الوقت بدور المدعي والقاضي والمحامي.
وبالنسبة للأشخاص الذين كانوا أضربوا عن الطعام، هناك مساس بحقهم في الصحة وهناك تقصير من قبل الفريق الطبي فيما يتعلق باحترام أخلاقيات المهنة الطبية. وقد مورست على المعتقلين قيود نفسية قد تصل الى مستوى التعذيب في مخالفة لبنود المعاهدات المختلفة التي وقعت عليها الولايات المتحدة.
سويس إنفو: عندما تقول الولايات المتحدة بأنها قررت غلق معتقل غوانتانامو، هل تعني بذلك تناسي كل ما تم من قبل؟
ليلى زروقي: اولا، لم يتم بعد غلق معسكر غوانتانامو. والمعلومات التي وردت إلينا دفعتنا الى إضافة تقرير شفوي أمام المجلس، أشرنا فيه الى إضافة مبنى جديد في معسكر غوانتانامو، وأن هذه المعلومات التي وصلتنا، أشارت الى أن 14 من معتقلي السجون السرية تمّـت إحالتهم الى معسكر غوانتانامو. لذلك، لا نستبق الأحداث، سمعنا عن تلك النية في إغلاق المعتقل، ولكن نحن في انتظار أن يتم ذلك.
غلق معسكر غوانتانامو ستترتب عنه تعقيدات شتى، من بينها ما تنص عليه القوانين الدولية من حق في التعويض والحق في الطعن والحق في المطالبة بجبر الضرر، وكل هذه المسائل لم نصل إليها بعد، ولكنها ستطرح في المستقبل.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
افتتحت الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف يوم 18 سبتمبر وتنتهي في 6 أكتوبر 2006
خصص الأسبوع الأول للاستماع الى تقارير المقررين الخاصين.
يخصص الأسبوع الثاني للاستماع الى التقارير الخاصة بوضع حقوق الإنسان في بعض الدول.
أما في الأسبوع الثالث، فسيتم التطرق إلى إجراءات مراجعة آليات عمل المجلس، إضافة إلى تقرير مرحلي حول المهمة التي أرسلها المجلس الى لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة.
ينبغي لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية
– إما تقديم جميع المحتجزين في خليج غوانتتانامو للمحاكمة على وجه السرعة، امتثالا للفقرة 3 من المادة 9 والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو إطلاق سراحهم من دون تأخير.
– أن تغلق مرافق الإحتجاز في خليج غوانتانامو من دون المزيد من التأخير.
-الإمتناع عن إبعاد أو إعادة أو تسليم المحتجزين في خليج غوانتانامو إلى دول توجد أسباب قوية تدعو إلى الإعتقاد بأعنهم سيواجهون فيها خطر التعرض إلى التعذيب.
– أن تكفل حق كل محتجز في تقديم شكوى بشأن المعاملة التي يتلقاها، والنظر في شكواه على وجه السرعة، أو بطريقة سرية إن طلب ذلك.
– أن تكفل قيام هيئة مستقلة بالتحقيق الدقيق في جميع ادعاءات التعرض للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وأن تكفل أن يُقدّم للعدالة جميع الأشخاص الذين اتضح أنهم ارتكبوا هذه الممارسات أو أمروا بها أو سمحوا بها أو غضوا الطرف عنها، إلى أعلى مستويات القيادة العسكرية والسياسية.
– أن تكفل التعويض العادل والمناسب لجميع ضحايا التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وذلك وفقا للمادة 14 من اتفاقية مناهضة التعذيب، بما في ذلك وسائل إعادة تأهيلهم على أكمل وجه ممكن.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.