مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ملفات كانكون محل خلاف في سويسرا

من المنتظر أن يشهد اجتماع كانكون مناقشات حامية حول ملف الإستثمار swissinfo.ch

تؤيد الحكومة السويسرية بقوة الجهود الرامية إلى إقرار اتفاقية دولية حول الإستثمارات المباشرة في كانكون.

في المقابل، تندد المنظمات غير الحكومية السويسرية بالمشروع وترى أنه منحاز بشدة لمصالح الشركات المتعددة الجنسيات على حساب البلدان الفقيرة.

مع اقتراب موعد انعقاد الإجتماع الوزاري الخامس للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في كانكون تبرز في سويسرا المزيد من الخلافات حول عدة ملفات مطروحة للبحث.

ونظرا لأهمية وتشعب الملفات التي سينظر فيها وزراء التجارة للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية المائة وأربعة وأربعين في اجتماع المكسيك، بادرت المنظمات غير الحكومية في سويسرا بتوضيح موقفها من أهم القضايا المعروضة.

رفض واستنكار

ففي ندوة صحفية عقدتها يوم الأربعاء في العاصمة الفدرالية شرحت المنظمات المعنية (وهي “إعلان برن” و”اتحاد النقابات السويسرية” و”مجموعة العمل للمنظمات التنموية” و”Pro Natura ” المدافعة عن البيئة و”شبكة العالم الثالث”) أسباب اعتراضها على الإتفاق الدولي للإستثمار المقترح.

وتقول هذه المنظمات إن “البلدان المصنعة تريد تعزيز حقوق المستثمرين الأجانب وتمكينهم من العمل بأكبر قدر من الحرية. وهذه الإرادة تهدد جديا الجهود المبذولة من أجل تنمية الإقتصاديات المحلية للعديد من البلدان السائرة في طريق النمو”.

يُذكر أن التحركات الرامية لوضع قواعد عامة تتحكم في سلوك الشركات المتعددة الجنسيات التي تمثل أكبر وأهم المستثمرين في العالم تعود إلى بداية السبعينات. وكانت قد تُوّجت في عام 1986 بصدور “مدونة سلوك” عن الأمم المتحدة لم تتمكن مت الصمود أمام موجة الليبيرالية العارمة التي جاءت بعد ذلك.

ويشير ميشال إيغير من مجموعة العمل التي تضم منظمات المساعدة والتنمية السويسرية أن حقوق المستثمرين محمية إلى حد بعيد في الوقت الذي تُـتـرك فيه واجباتهم إلى “تقديرات كبار مسيري الشركات المتعددة الجنسيات”.

وبما أنه من المنتظر أن يتم في كانكون تنشيط المباحثات حول ما تضمنه إعلان الدوحة الصادر في نوفمبر 2001 في ظل وجود رغبة واضحة من وزراء التجارة والإقتصاد في عدة بلدان غربية في توسيع وتعزيز الحقوق الممنوحة حاليا للمستثمرين الدوليين، لم تتردد المنظمات غير الحكومية في التعبير عن مخاوفها ومعارضتها لهذه التوجهات.

وترى هذه المنظمات في اعتزام سويسرا والإتحاد الأوروبي واليابان وكندا بالخصوص العمل على إقرار آليات التفاوض حول الإستثمار الأجنبي المباشر في جدول أعمال اجتماع كانكون تهديدا جديا لمصالح العديد من البلدان الفقيرة أو السائرة في طريق النمو ولا تتردد في التعبير عن رفضها واستنكارها.

برن تشرح موقفها

من جانبها ترفض الحكومة السويسرية الحجج المقدمة من طرف المنظمات غير الحكومية. وتذكّـر على لسان السفير لوتسيوس فاشيشا كبير المفاوضين السويسريين في منظمة التجارة العالمية بأن الأمر يتعلق بمصلحة سويسرا التي “تصنف ضمن أكبر المستثمرين العشرة في العالم”. ونظرا للوزن السياسي الضعيف للكونفدرالية على الساحة الدولية، فان التوصل إلى إبرام “اتفاقية متعددة الأطراف تمثل حماية بوجه أطراف أكثر قوة من سويسرا” على حد قوله.

وتعترض السيدة ماريان هوشولي الناشطة في منظمة “إعلان برن” بالإشارة إلى أن سويسرا تُـقـدم بذلك على نقض ما تعهدت به في اجتماع الدوحة وهو ما يعني من وجهة نظرها أن برن “لا تأخذ اعتراضات الدول الفقيرة بعين الإعتبار”.

لكن لوتسيوس فاشيشا يرفض هذا التبرير ويؤكد أن مسألة الإستثمارات واردة في إعلان الدوحة مضيفا بأن “عددا من البلدان السائرة في طريق النمو مؤيدة لاتفاق حول الإستثمار”.

ويضيف الدبلوماسي الذي خبر لفترة طويلة جولات المفاوضات التجارية الدولية “إن ما تقوم به المنظمات غير الحكومية السويسرية لا يزيد عن ترديد حجج بلدان أخرى كالهند وماليزيا. لكن هذه البلدان ترفض فتح مفاوضات في هذا المجال لأسباب تتعلق بسياساتها الداخلية”.

مراجعة مطلوبة

ومن المآخذ الخطيرة التي تُوردها ماريان هوشولي من منظمة “إعلان برن” أن الإطار المقترح للإتفاق المقبل حول الإستثمارات يضع قيودا على قدرات البلدان الفقيرة في ما يتعلق بتقديم الدعم أو الترويج لشركاتها ومؤسساتها الوطنية. وتشير بالمناسبة إلى أن “المبادئ المعتمدة من طرف منظمة التجارة العالمية لا توفر الظروف الملائمة للإستثمارات المستديمة”.

ومهما يكن من أمر فان المنظمات غير الحكومية السويسرية تُصر على مطالبة الحكومة بمراجعة موقفها، بل تذهب في البيان الجماعي الصادر عنها إلى التأكيد على أنه “يجب على سويسرا الإنخراط بقوة من أجل إنشاء آلية رقابة وتحكم دولية – في إطار الأمم المتحدة حول المسؤولية القانونية للشركات المتعددة الجنسيات بدلا من المطالبة باتفاق يرمي إلى حماية المستثمرين”.

ومع أن ممثل الحكومة السويسرية لا يرفض تماما هذه المقترحات خصوصا في ظل وجود توجيهات تتعلق بكيفية تصرف الشركات تمت بلورتها في إطار الأمم المتحدة أو داخل منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية يمكن أن يُشار إليها ضمن اتفاق حول الإستثمارات، إلا أنه يختتم تصريحه لسويس إنفو بالتأكيد على أن هذه المسالة لا زالت مفتوحة بل هي “محل خلاف واسع” على حد قوله.

سويس إنفو

شكلت الإستثمارات المباشرة في الخارج (IDE) 20% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي في عام 2000، أي ثلاثة أضعاف ما كانت عليه في عام 1980

الأغلبية الساحقة لهذه الإستثمارات تقوم بها 65000 شركة متعددة الجنسيات

تهيمن هذه الشركات على ثُـلُـثي التجارة الدولية للبضائع وتمتلك 80% من الأراضي الزراعية في العالم (طبقا لما أورده مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أونكتاد)

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية