“من هنا نبدأ!”
عندما أصدرت مجموعة من رجال الدين يوم 10 مارس عام 1968 "إعلان برن"، لم تكن تدرك الأثر الذي ستتركه.
خمسة وثلاثون عاما مرت على انبثاق منظمةٍ غير حكومية خصصت جهودها للدفاع عن قضايا العالم الثالث.
“من بين الذين سيولدون اليوم في عالمنا، ووفقا للتكهنات الإحصائية، ستعيش نسبة كبيرة من البشر التي لن تتمكن من إشباع جوعها، كما لن تستطيع الدخول إلى المدارس أو تعلم مهنة محددة ، وستحرم من حقوقها الإنسانية الأساسية”.
رغم أن هذه الفقرة تصف أوضاع شرائح لا يستهان بها من سكان العالم الثالث، إلا أنها لم تُكتب حديثا. كانت الانطلاقة التي بدأت بها مجموعة من رجال الدين المرموقين إعلانها الصادر في برن يوم 10 مارس عام 1968.
كان الهدف من الإعلان مثالياً في مضمونه. فقد طالبت المجموعة برفع حجم المساعدات التنموية السويسرية، وتأسيس منظمة تعكف على دراسة مشاكل العالم الثالث، وتوعية طلاب المدارس في الكنفدرالية بهذه الأوضاع.
لكن المجموعة لم تكتف بإطلاق الدعوات، واختارت سبيلا عمليا لترجمة مطالبها. بدأت بنفسها. حيث ألتزم الموقعون على الإعلان بتخصيص 3% من مدخولهم على مدى ثلاث سنوات للمساعدات التنموية.
كانت المفاجأة في تأسيس المنظمة!
الطريف أن مجموعة رجال الدين لم تخطط لأكثر من المطالب التي حددها الإعلان والتزام أعضاءها المادي. كان هدفها ببساطة أن تُسمع الحكومة السويسرية صوتها، وأن تساهم بصورة ما في هذا المجال.
لم تكن تتصور أن يلاقي الإعلان استجابة قوية، وأن تتمكن في ظرف أشهر معدودة من تقديم الوثيقة إلى وزارة الخارجية وعليها أكثر من آلف توقيع. كما لم تتوقع أن يزداد العدد بعد ذلك إلى عشرين آلف.
مع ذلك الإقبال المتزايد لم تجد المجموعة بُداً عام 1971 من تأسيس منظمة تحمل أسم “إعلان برن”. أما المنهج الذي اتخذته في تعاملها مع قضايا العالم الثالث، فقد أبتعد عن مفهوم “تقديم الهبات”، وبدا ذلك واضحا في نوعية وطبيعة الحملات التي تبنتها بعد ذلك.
على سبيل المثال، أطلقت المنظمة عام 1974 حملة بعنوان “التجارة لا المساعدة”. نجحت الحملة في استيراد قهوة يوجاما من تنزانيا وبيعها في الأسواق السويسرية، وبفضلها انبثقت المتاجر المروجة لبضائع دول العالم الثالث.
المشروع مستمر..
تقف اليوم منظمة “إعلان برن” كواحدة من أعرق المنظمات غير الحكومية السويسرية التي أثبتت مقدرة على التأقلم والتكيف مع مستجدات واقع العالم الثالث ومشكلاته.
فقد دأبت على موائمة أهدافها بصورة مستمرة لتشمل بعد ذلك قضايا مثل مناهضة العلاقات التجارية والمالية الدولية غير المتوازنة إلى مكافحة أنماط الاستهلاك غير المستديمة ورفض التحيز الثقافي.
الشيء الوحيد الذي لم يتغير في أهدافها هي المقدمة التي أستهل بها رجال الدين إعلانهم، إذ أن المعمورة إلى يومنا هذا لازالت تزخر بمن يولدون ليحرموا من حقوقهم الأساسية، و لم يكن غريبا لذلك أن تتمكن المنظمة من البقاء على مدى الخمسة والثلاثين عاما الماضية.
إلهام مانع – سويس إنفو
“إعلان برن” منظمة غير حكومية بلا انتماء سياسي أو ديني.
16.000 شخص هم أعضاء المنظمة.
تصل ميزانيتها السنوية إلى نحو 1.8 مليون فرنك سويسري.
من بين حملات المنظمة: “أطفال نستله الميتين” التي حددت مضار بيع الحليب الصناعي في البلدان النامية؛ و”الملابس النظيفة” الداعية إلى تحسين أوضاع العاملين في مجال صناعة النسيج ومنع عمالة الأطفال.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.