مناهضون للأمم المتحدة ولأوروبا منذ 20 عـامـا!
تحتفل حركة "من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة" AUNS يوم السبت 29 أبريل بعقد جلستها العادية للمرة العشرين.
ويأتي الحدث في خضم الجدل الذي تشهده الساحة السياسية حول انضمام الكنفدرالية إلى اتفاقية شنغين ومعاهدة دبلن المعروضة للاستفتاء الشعبي في 5 يونيو المقبل.
تعتمد حركة “من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة” في خطابها التي تتوجه به إلى الرأي العام على رسم صورة معادية للإتحاد الأوروبي وللسياسة الخارجية التي تنتهجها الحكومة الفدرالية بصفة عامة.
وفي حديث إلى سويس إنفو، قال هانس فير النائب البرلماني عن حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد: “إن السويسريين يريدون بلادهم مستقلة، مثلما يحتاج الإتحاد الأوروبي الكنفدرالية محايدة، وما(اتفاقية ومعاهدة) شنغن/ دبلن سوى خطوة نحو الالتحاق الكامل بالإتحاد الأوروبي”، على حد رأيه.
وأضاف فير: “إننا لا نريد المقاومة من اجل المقاومة فقط، ولكننا نريد المقاومة من أجل الحفاظ على بقاء سويسرا محايدة ومستقلة، لتستطيع أن تحدد احتياجاتها في الملفات المختلفة باستقلالية تامة، فنحن الذين حركنا طرح الانضمام على الاستفتاء الشعبي، ونستطيع إقناع الناخبين بالرفض”.
من رفض إلى .. رفض!
وتعود بدايات الحركة (التي تختصر في كلمة AUNS بالألمانية وASIN بالفرنسية) إلى عام 1986 عندما تأسست الحركة السويسرية ضد الالتحاق بالأمم المتحدة، ونجحت في إقناع 75% من الناخبين برفض الانضمام إلى المنظمة الأممية في الاستفتاء الشعبي المطروح حينذاك.
وفي 19 يونيو 1986 تأسست AUNS برئاسة كريستوف بلوخر النائب البرلماني آنذاك عن حزب الشعب السويسري، قبل أن ينجح في الدخول إلى تشكيلة الحكومة الفدرالية في يناير 2004 ليتولى فيها منصب وزير العدل والشرطة.
ومن أبرز الحملات التي نجحت فيها الحركة، تحويل الرأي العام في سنة 1992 للتصويت ضد الالتحاق بالمجال الاقتصادي الأوروبي، ومحاربة كل أشكال التقارب مع بروكسل، سواء من خلال المفاوضات الثنائية أو بشكل مباشر، ويبدو أنها استبدلت عداءها السابق للشيوعية بالتصدي لبروكسل.
“حماة الدستور الفدرالي”
وعلى الرغم من أن ميثاق حركة AUNS ينص على أنها محايدة تجاه كل الأحزاب، إلا أن صوت حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد كان المهيمن على شعاراتها وبرامجها، فكان كريستوف بلوخر رئيسها والزعيم الكاريزمي لها منذ تأسيسها وحتى 15 مايو 2004، كما يعتبر مديرها هانس فير وكريستوف مورغيلي ولوتسي شتامومن (وهما من أبرز أعضاء لجنتها التنفيذية) من أكثر الأصوات اليمينية تشددا في سويسرا.
ويصر هانس فير في حديثه إلى سويس انفو على أن الحركة “من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة” تمثل “وحدة مكافحة ومجموعة ضغط لا تستند إلى حزب معين، من اجل حماية الدستور الفدرالي، وذلك استنادا إلى أحد نصوصه التي تلزم أعضاء الحكومة الفدرالية والبرلمانيين بضرورة الحفاظ على ودعم استقلالية سويسرا وحيادها وحريتها”، لكن أعضاء الحركة يعتقدون أن الحكومة الفدرالية تعمل عكس ذلك تماما.
وقد يبدو الأمر محيرا، لاسيما بعد انضمام الشخصية الكاريزمية في الحركة، كريستوف بلوخر إلى الحكومة الفدرالية، (الذي يرى فيه البعض الصوت النشاز داخل الحكومة التي تدعم التقارب مع الإتحاد الأوروبي حفاظا على مصالح سويسرا وخوفا من مخاطر العزلة)، إلا أن هانس فير يرى في وجود بلوخر داخل الحكومة وفي حقيبة وزارية هامة مثل العدل والشرطة “نجاحا للحركة وتأكيدا لنجاعة سياستها” القائمة على تفعيل جماعات الضغط الموالية لها داخل غرفتي البرلمان.
ملتقى العديد من الأطراف
في المقابل، تبدو رؤية عدد من المحللين السياسيين للأمور على العكس من ذلك تماما.
فبالنسبة للخبير الاستراتيجي هانس هيرتر، فإن الحركة “من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة” أقل من أن تكون “حركة مقاومة” كما يحلو لأعضائها أن يسمون أنفسهم، بل هي لا تزيد – في رأيه- عن مجرد “سلة تتجمع فيها كل التيارات الانعزالية على صعيد السياسة الخارجية وبين الأحزاب في الداخل أيضا، ومن بعض التيارات التي لا يمكنها الوصول إلى الرأي العام بمفردها فتبحث عن مثل تلك الحركات للانضمام إليها”، حسب قوله.
ويبرر هيرتر هذا التحليل بالقول: “إن AUNS حركة ساكنة تطفو على السطح في المناسبات فقط، مثلا لجمع التوقيعات لإجبار الحكومة على إجراء استفتاء، ولكنها ليست حركة مقاومة تقف بصفة دائمة في واجهة الحدث السياسي السويسري، فهنا يكون حزب الشعب بتحركات نائبيه هانز فير وأولريش شوللر أكثر نشاطا”.
ويعتقد الخبير هانس هيرتر، بأن AUNS هي عبارة عن “موطن لأعضائها من الباحثين عن هوية”.
حركة محايدة أم مركز العنصرية؟
أما عن أسباب معارضة الحركة لانضمام سويسرا إلى اتفاقية شنغن ومعاهدة دبلن، فهي تتلخص حسب رأي هانس فير في أن “الانضمام ليس كما تقول الحكومة الفدرالية لتحقيق المزيد من الأمن بالتعاون مع دول الجوار، بل هو أولا للتخلص من وحدة حرس الحدود، ثم عدم وجود أي نوع من المراقبة على المعابر بين سويسرا ودول الجوار، فيدخل إلى سويسرا كل من يشاء”.
وبالنسبة لهانس فير فإن هذا يعني “فقدان الأمن، وضياع فرص العمل للمواطنين المحليين”، وهي نتيجة خاطئة للسياسة الخارجية السويسرية، حيث تحاول الحكومة الفدرالية، من وجهة نظره، تعديل الأوضاع في سويسرا بما يتماشى مع التقارب نحو الإتحاد الأوروبي.
أما على صعيد الرأي العام، يرى رجل الشارع بأن الحركة “من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة” بالتعاون مع حزب الشعب السويسري اليميني هما اللذان حركا عملية جمع الأصوات لفرض إجراء الاستفتاء الشعبي في 5 يونيو المقبل ومعها الحملة المناهضة للانضمام إلى شنغن/دبلن، ومن اللافت للنظر أن الحركة والحزب تمكنا في وقت قياسي من جمع التوقيعات المطلوبة (حوالي 100 ألف توقيع) لطرح هذا الملف للاستفتاء.
من جهة أخرى، تُـتـهم الحركة من طرف كثيرين بقربها من دوائر اليمين المتطرف، ويستدلون على ذلك مثلا بارتباط موقعها على الشبكة المعلوماتية بأحدى أشهر شبكات مواقع المجموعات المتطرفة والنازيين الجدد في ألمانيا، إلا أن هانس فير يقول إن الحركة “ليست مسؤولة عن نوعية زائري موقعها على الإنترنت”.
وحول هذه النقطة تحديدا، يقول هانس فير لسويس انفو: “إننا نمارس عملنا في إطار الدستور والديمقراطية، وإنه لمن دواعي الأسف الشديد أن يتقاعس الآخرون سواء الأحزاب أو الحكومة عن أداء واجبهم” ويضيف: “من الواضح أننا عندما نتحرك نحن رافضين لأي مساومات، فإن بعض الأطراف – التي لا نريد التعامل معها على الإطلاق – قد تنضم إلينا”، لذل تحرص الحركة على التنويه في أول سطور قانونها الداخلي على أنه “لا مكان بين صفوفها للمتطرفين والعنصريين”..
سويس انفو
تأسست الحركة من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة في 19 يونيو 1986، وتولى رئاستها كريستوف بلوخر حتى 15 أبريل 2004.
نجحت الحركة في تأجيل انضمام سويسرا إلى الأمم المتحدة أكثر من مرة ووقفت ضد التحاق الكنفدرالية بالاتحاد الأوروبي والمجال الإقتصادي الأوروبي.
تعارض “الحركة من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة” جميع توجهات سويسرا الخارجية الداعية إلى التقارب مع الإتحاد الأوروبي.
تصر الحركة على أن انضمام سويسرا إلى معاهدة شنغن وانفاقية دبلن يهدد أمن الكنفدرالية على عكس ما تروج له الحكومة الفدرالية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.