نتانياهو يتهم حماس بقتل طفلي بيباس ويتعهّد بتدفيعها الثمن

تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الجمعة بمعاقبة حركة حماس الفلسطينية التي حمّلها مسؤولية “القتل المروع” للطفلين من عائلة بيباس اللذين سلّمت جثمانيهما إلى إسرائيل.
واتهمت عائلة بيباس من جهتها رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ”التخلّي” عن أفرادها خلال الهجوم، والفشل في إعادتهم سالمين الى ذويهم.
وأثار إعلان السلطات الإسرائيلية أن الجثة الثالثة التي سلمتها حماس الخميس لم تكن جثة والدة الطفلين شيري بيباس، بل جثة امرأة من غزة، موجة من الصدمة في إسرائيل. وتحدّثت حماس عن “احتمال وجود خطأ أو تداخل في الجثامين”.
ورغم التوتر الناجم من هذه المسألة، أكدت حماس أنها ستفرج عن ستة رهائن إسرائيليين كما هو مقرر السبت، ضمن اتفاق التهدئة في غزة الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير بعد 15 شهرا من حرب مدمرة.
وأكّدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مساء الجمعة أنها سلّمت السلطات الإسرائيلية رفات جديدة، من دون أن يتبيّن للهيئة ما إذا نت رفات الرهينة الإسرائيلية شيري بيباس.
وأفاد متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر وكالة فرانس برس بأن فريقا تابعا للهيئة “تسلّم رفات تم لاحقا نقلها إلى السلطات الإسرائيلية. يتعذّر على اللجنة الدولية للصليب الأحمر تأكيد أي تفاصيل إضافية”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مساء الجمعة أنه ينظر في تقارير تفيد بأن حماس سلمت جثة ثانية للصليب الأحمر يُعتقد أنها للرهينة الإسرائيلية شيري بيباس، وذلك بعدما سلّمت الحركة الفلسطينية جثة أولى الخميس تبيّن أنها ليست لوالدة الطفلين بيباس.
وقال المتحدث باسم الجيش نداف شوشاني على منصة إكس “يجري حاليا النظر في المعلومات حول شيري بيباس. ممثلو (الجيش) على اتصال مع العائلة”.
من جهتها نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن مسؤولين لم تذكر اسميهما أن الصليب الأحمر تسلم جثة ثانية من حركة حماس في قطاع غزة.
وقال المسؤول في وزارة الصحة الإسرائيلية جلعاد بودنهايمر “نحن نعيش أوقاتا صعبة وغامضة، ونأمل بألا تخيب حماس آمالنا”.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق لحماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، خُطف خلاله 251 رهينة نقلوا إلى قطاع غزة.
وأعيد جثمانا أرييل وكفير بيباس اللذين كان عمرهما أربع سنوات وثمانية أشهر ونصف الشهر على التوالي عند خطفهما، إلى جانب جثمان الرهينة الثمانيني عوديد ليفشيتز.
وتقول حماس إن طفلي عائلة بيباس قتلا مع والدتهما في قصف إسرائيلي على المكان الذي كانا محتجزين فيه في قطاع غزة في تشرين الثاني/نوفمبر 2023. وتم إطلاق سراح الوالد ياردين بيباس الذي كان مخطوفا أيضا في الأول من شباط/فبراير.
وجدّد الجيش الإسرائيلي الجمعة اتهام عناصر فصائل فلسطينية بقتل الطفلين، بعد التحاليل على جثتيهما.
وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري “أرييل وكفير بيباس قتلهما إرهابيون بدم بارد. لم يطلق الإرهابيون النار على الطفلين، بل قتلوهما بأيدٍ عارية. بعد ذلك، ارتكبوا أفعالا مروعة للتستر على هذه الفظاعات”.
– “لا تنشد الانتقام” –
وقال نتانياهو في بيان “على العالم المتحضر برمته أن يدين عمليات القتل المروّعة هذه”، مضيفا “من يخطف صبيا صغيرا وطفلا… ويقتلهما؟ متوحشون”.
وأضاف “أتعهد بأنني لن أستكين إلى أن يتم سوق المتوحشين الذين أعدموا رهائننا أمام القضاء”.
وكان قال في وقت سابق “لم يكتفوا بخطف الأب ياردين بيباس والأم الشابة شيري وطفليهما الصغيرين بطريقة سفيهة لا يمكن تصوّرها، بل فشلوا أيضا في إعادة شيري إلى طفليها الصغيرين، الملاكين الصغيرين، ووضعوا بدلا من ذلك جثة امرأة من غزة في نعش”.
وأضاف نتانياهو في مقطع مصوّر “سنتحرّك بحزم لإعادة شيري إلى الديار، إلى جانب كل رهائننا، الأحياء والأموات، وضمان أن تدفع حماس الثمن كاملا لهذا الانتهاك الوحشي والشرير للاتفاق”.
وتحدّثت حماس عن “احتمال وجود خطأ أو تداخل في الجثامين”، مطالبة بإعادة جثة المرأة الفلسطينية، ومضيفة “سنفحص هذه الادعاءات بجدية تامة ونعلن النتائج بوضوح”.
واتهمت عائلة بيباس الجمعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ”التخلّي” عن أفرادها خلال الهجوم، والفشل في إعادتهم سالمين الى ذويهم.
وقالت عوفري بيباس في بيان باسم العائلة “لن نسامح التخلّي عنهم في السابع من أكتوبر، ولن نسامح التخلّي عنهم في الأسر. يا رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، لم نتلقَ منك اعتذارا في هذه اللحظة المؤلمة”. وأكّدت أن العائلة تترقّب “مصير” شيري، زوجة شقيقها، و”لا تنشد الانتقام في الوقت الراهن”.
في القدس، قال ديفيد شيمر وهو موسيقي يبلغ 72 عاما “قد يكون خطأ. وقد يكون متعمدا. قد يكون أي شيء”، معربا عن أمله بألا ترد إسرائيل، قائلا “إن الانتقام دافع بشري، لكنه لا يفيد”.
على لسان المتحدث باسمه، شدّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على “ضرورة احترام كرامة الموتى، وضمان إعادة رفاتهم إلى أسرهم، وفقا للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
– تبادل جديد السبت؟ –
وأعيدت الرفات الخميس في إطار المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة الذي أبرِم بواسطة مصر وقطر والولايات المتحدة.
ودان نتانياهو الترتيبات التي وضعتها حماس أثناء تسليم الجثامين في خان يونس جنوب قطاع غزة.
وقال “جميعنا غاضبون من وحوش حماس”، مضيفا “سنعيد جميع رهائننا، ونقضي على القتلة، ونقضي على حماس، ومعا… سنضمن مستقبلنا”.
وكان مقاتلون ملثّمون ومسلّحون سلّموا الصليب الأحمر الخميس أربعة توابيت سود حمل كلّ منها صورة لأحد الرهائن. ورفعت على منصة أقيمت في المكان لافتة تصور نتانياهو كمصاص دماء. وجرى ذلك أمام حشد من الأشخاص الذين تجمّعوا في المكان.
وهي أول مرة تسلّم حماس جثث رهائن منذ هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وكان الجيش الإسرائيلي عثر على جثث بعضهم خلال عملياته العسكرية في غزة.
ومنذ سريان وقف النار، أطلِق سراح 19 رهينة كانوا محتجزين في غزة مقابل أكثر من 1100 معتقل فلسطيني.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، وهو منظمة غير حكومية، ستفرج إسرائيل السبت عن 602 معتقلين مقابل الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الستة.
وينصّ اتفاق التهدئة في مرحلته الأولى التي تنتهي في الأول من آذار/مارس على أن تطلق حماس سراح 33 رهينة، بينهم ثمانية قتلى، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 1900 معتقل فلسطيني في سجونها.
وقالت حماس الأربعاء إنها مستعدة لأن تفرج “دفعة واحدة”، وليس على دفعات متتالية، عن كل الرهائن الذين ما زالوا محتجزين، خلال المرحلة الثانية من اتفاق التهدئة.
وتأخرت المفاوضات غير المباشرة بشأن هذه المرحلة التي يفترض أن تضع حدا للحرب نهائيا. أمّا المرحلة الثالثة والأخيرة، فيجب أن تخصّص لإعادة إعمار قطاع غزة، وهو مشروع ضخم تقدّر الأمم المتحدة كلفته بأكثر من 53 مليار دولار.
وأسفر هجوم حماس على إسرائيل عن مقتل 1211 شخصا، معظمهم مدنيون، وفق حصيلة لوكالة فرانس برس تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وردّا على الهجوم شنّت إسرائيل حربا أسفرت عن تدمير القطاع بكامله وخلّفت ما لا يقلّ عن 48319 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس والتي تعتبر الأمم المتحدة أرقامها موثوقا بها.
بور/ناش-ح س-ود-جص