نحو معاهدة دولية لحظر القنابل العنقودية
اختتم في العاصمة النمساوية ثالث مؤتمر دولي من نوعه حول القنابل العنقودية بالإعلان عن التوصل إلى إجماع عريض حول عدد من القضايا المهمة التي ستدرج في مشروع معاهدة دولية جديدة ترمي لفرض حظر شامل على هذا النوع من الذخيرة في غضون عام 2008.
وفيما سعت الأطراف المنظمة للمؤتمر وهي تحالف المنظمات المناهضة للقنابل العنقودية والحكومة النمساوية إلى إقرار حظر على هذا الصنف من الذخيرة، اتضح أنه لا بد من بذل مزيد من الجهود لضمان أن لا تؤدي الإستثناءات المقترحة من طرف بعض الدول إلى إضعاف الحظر الشامل المقترح.
شهدت العاصمة النمساوية يوم الجمعة 7 ديسمبر اختتام مؤتمر دولي يهدف لفرض حظر على الاستعمال الدولي للقنابل العنقودية. وقد شهد المؤتمر الذي انطلق يوم 4 ديسمبر بدعوة من “تحالف المنظمات المناهضة للقنابل العنقودية” بالاشتراك مع الحكومة النمساوية مشاركة ممثلين ومندوبين عن حوالي 130 بلدا من العالم.
موعد 2008
وتهدف مبادرة حظر القنابل العنقودية التي أطلقت في شهر فبراير الماضي في العاصمة النرويجية فيما يعرف بـ “مسار أوسلو”، إلى التوصل قبل موفى عام 2008 إلى إقرار معاهدة دولية تفرض حظرا شاملا على انتاج وتخزين واستعمال القنابل العنقودية.
وقال توماس ناش، منسق تحالف المنظمات المناهضة للقنابل العنقودية في خطاب ألقاه في افتتاح المؤتمر “إن عدد الدول المناصرة للحملة ارتفع من رقم كان يُعد على أصابع اليد الواحدة قبل عام ليصل اليوم إلى ثلثي بلدان العالم التي أصبحت تناصر ما نطالب به من حظر”.
أما أورسولا بلاسنيك، وزيرة الخارجية النمساوية التي تلقت مليونا ونصف المليون من التوقيعات المطالبة بفرض حظر شامل من شتى أنحاء العالم، فقالت في كلمتها “إنه لدليل واضح عن الدعم المقدم للهدف الذي حددناه”.
فبعد اجتماع فيينا، وعلى إثر ما تم الإعداد له في مؤتمر ليما بالبيرو، ستحتاج الحملة الى إجراء المزيد من المفاوضات في إطار اجتماعات فيللينغتون في زيلندا الجديدة في شهر فبراير 2008 والتي ستتواصل لاحقا في دبلن بأيرلندا من أجل التوصل إلى بلورة النص النهائي لمشروع المعاهدة في شهر مايو القادم. ومن المتوقع أن يتم تنظيم حفل مشهود للتوقيع على المعاهدة الجديدة في موفى العام المقبل في أوسلو، عاصمة مملكة النرويج.
ومثلما أوضحت وزيرة الخارجية النمساوية، تم التركيز في اجتماع فيينا على بلورة مشروع المعاهدة (الذي سبق التحضير له في ليما) على ثلاثة محاور تشمل وضع تعريف محدد للقنابل العنقودية، وتدمير المخزون الموجود حاليا من هذه الذخيرة، وكيفية تعويض الضحايا ومساعدتهم.
مع الحملة ولكن ليس كلية
ومع أنه اتضح بما لا يدع مجالا للشك وجود تحالف دولي واسع يرغب في وضع حد لاستعمال هذا الصنف من الذخيرة التي تستهدف المدنيين بالدرجة الأولى وتستمر في التقتيل والتدمير حتى بعد مرور عدة أعوام على انتهاء الصراع الذي استخدمت فيه، فإن المواقف سرعان ما تتباين عندما يتعلق الأمر بتحديد تفاصيل التعريف القانوني للذخيرة التي يجب ان يشملها الحظر، والمراحل التي يجب أن تمر بها العملية المؤدية إلى تنفيذ الحظر.
فبعد بلجيكا التي أقر برلمانها في عام 2005 فرض حظر شامل على إنتاج وتخزين واستخدام هذه الأسلحة، ستصبح النمسا البلد الثاني في العالم الذي يلتزم بحظر شامل على الإنتاج والتخزين والاستعمال لمثل هذه الذخيرة بعد اعتماد برلمانها يوم الخميس 29 نوفمبر قانونا في هذا الشأن. وبموجب ذلك يتوجب على النمسا القيام بتدمير مخزونها من هذه الذخيرة الذي يقدر بحوالي 12000 قنبلة عنقودية.
في المقابل، اكتفت النرويج، التي انطلقت منها الفكرة، بالمطالبة بفرض مهلة على استخدام القنابل العنقودية في انتظار التوصل الى معاهدة دولية تفرض حظرا شاملا عليها.
من جهة أخرى، هناك العديد من الدول المشاركة في الحملة التي لا تُخفي رغبتها في نفس الوقت في إقرار بعض الاستثناءات على تعريف القنابل العنقودية التي يمسها الحظر، أو تمديد الفترة المخولة لها لتدمير مخزونها من هذه الذخيرة. ومن بين هذه الدول سويسرا وفرنسا وألمانيا وفنلندا وبريطانيا واليابان.
وتشير الحملة المناهضة للقنابل العنقودية إلى أنه توجد حاليا في العالم 34 دولة على الأقل لا زالت تقوم بإنتاج هذه الذخيرة وأن هناك 75 بلدا تتوفر على مخزون مهم من هذه القنابل.
ضغط منظمات المجتمع المدني
ومن الواضح أن النجاح الذي حققته منظمات المجتمع المدني في فرض معاهدة دولية لحظر الألغام المضادة للأفراد، شجع المشرفين على “حملة مناهضة القنابل العنقودية” على السير في نفس النهج والعمل من أجل التوصل الى معاهدة تعرض على كافة الدول لكي ينظم إليها من يرغب في ذلك على أمل ممارسة ضغوط على الدول المعارضة من قبل الرأي العام داخلها ومجتمعاتها المدنية لإقناعها بالإلتحاق بالركب في يوم من الأيام.
وقد كان هذا التمشي أهم النقاط التي تركز عليها اهتمام ممثلي 140 منظمة غير حكومية قدموا من 50 بلدا في مؤتمرهم الموازي الذي عقدوه في العاصمة النمساوية بمشاركة بعض ضحايا هذه القنابل.
يجدر التذكير بأن العديد من الصراعات التي دارت رحاها في المنطقة العربية والإسلامية في السنوات الأخيرة قد استخدمت فيها هذه الذخيرة بكثرة مثل العراق ولبنان وأفغانستان. كما أنها استخدمت بكثافة في منطقة البلقان وفي اللاوس حيث مازال السكان يعانون من أكثر من 208 مليون قنبلة أطلقتها القوات الأمريكية ما بين عامي 1969 و 1973.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
هي قنابل تتكون من عبوة تنكسر لينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء يتم توظيفها للهجوم على أهداف مختلفة مثل العربات المدرعة أو الأشخاص أو لإضرام الحرائق.
وبإمكان القنابل الصغيرة تغطية منطقة كبيرة ولكنها تفتقر للتوجيه الدقيق. ويتم قذفها من على ارتفاعات متوسطة أو عالية بما يزيد من احتمالات انحرافها عن الهدف.
أما معدل فشلها فيعتبر كبيرا حيث يبلغ حوالي 5%، بمعنى أن كثيرا منها لا ينفجر ولكن يستقر في الأرض كألغام قد تنفجر ولو بعد مضي سنوات.
من المناطق التي عرفت استخداما كبيرا في الآونة الأخيرة لهذه الذخيرة العراق ولبنان ومنطقة البلقان وإقليم كوسوفو وأفغانستان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.