هل سيعمل ملف الزراعة على إفشال مؤتمر الدوحة؟
شكل ملف الزراعة حجر العثرة في فشل مؤتمر منظمة التجارة العالمية في سياتل وقد يكون من الأسباب الرئيسية لإفشال مؤتمر الدوحة . فالصراع حول الدعم المقدم للمزارعين في البلدان المتقدمة لم تنقص حدته كما أن آمال البلدان النامية في رؤية أسواق البلدان المتقدمة تنفتح أكثر امام منتجاتها الزراعية لازالت حبرا على ورق
يشكل ملف الزراعة إلى جانب ملف الأدوية اكثر الملفات جدلا في المؤتمر الوزاري الرابع الذي افتتح يوم الجمعة في العاصمة القطرية الدوحة. وجدير بالذكر أن ملف الزراعة هو الذي أدى إلى إفشال مؤتمر سياتل في عام تسعة وتسعين نظرا لتصلب المواقف بين الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة ومجموعة الدول المصدرة للحبوب .
ويبدو أن مرور الزمن لم يخفف من حدة هذا التصلب إذ أن وزراء الدول الأعضاء سيواجهون في مؤتمر الدوحة بمواقف إن تغيرت لغة صياغتها فإنها لم تتغير في جوهرها على الإطلاق ، وهذا ما يجعل النص المقترح في الدوحة عرضة لانتقادات من كل الجهات.
إلغاء دعم المزارعين ولكن بأية سرعة
فالولايات المتحدة الأمريكية ترغب في أن يتم إلغاء الدعم الذي تقدمه بلدان الإتحاد الأوربي لمزارعيها وترغب في أن يتم ذلك دفعة واحدة ، بينما تصر بلدان الاتحاد الأوربي في حال قبولها لمبدأ إلغاء الدعم أن يتم تدريجيا .
وتطرح بلدان الإتحاد الأوربي في المقابل موضوع الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لصادرات القطاع الزراعي فيها ، بحيث ترغب في أن تعامل كل أنواع الدعم بنفس الطريقة . وكما قال المفاوض الأوربي المكلف بملف الزراعة فرانتس فيشر ” لم يستطع أحد أن يشرح لي لماذا يجب على الاتحاد الأوربي أن يواصل إلغاء اجراءات الدعم لصادراته في وقت يسمح فيه بمواصلة تطبيق أنواع أخرى من الدعم؟”.
وفي الوقت الذي يتمسك فيه كل من الجانب الأمريكي والجانب الأوربي بمواقفه في ملف الدعم المقدم لقطاع الزراعة ، ترتفع أصوات من مجموعة الدول المصدرة للحبوب والتي تشمل استراليا وزيلاندا الجديدة والبرازيل تنتقد الطرفيين وتطالب برفع فعلي لكل أنواع الدعم في القطاع الزراعي .
البلدان النامية تنتظر انفتاحا أكثر
أما البلدان النامية التي تعتمد في أغلب صادراتها على المنتجات الزراعية فتنتظر وعودا قطعت لها في جولة أورغواي عام أربعة وتسعين تتمثل في تمكينها من الوصول إلى أسواق البلدان المتقدمة بسهولة وهو ما لم يتوفر لحد ولا زال يشكل ملفا شائكا آخر على الوزراء الفصل فيه خلال مؤتمر الدوحة .
وهذه العراقيل التي تواجهها المنتجات الزراعية للبلدان النامية عند محاولة الوصول إلى أسواق البلدان الصناعية تتخذ أشكالا مختلفة بعضها على شكل تعريفات جمركية مرتفعة ، أو في شكل حصص استيراد لا يمكن تجاوزها ، أو في شكل معايير عمل او معايير حماية البيئة .
وتصر الدول النامية في مؤتمر الدوحة على عدم الرضوخ لمحاولات الربط بين التجارة والبيئة او التجارة ومعايير العمل إذ ترى في ذلك محاولات مقنعة لفرض إجراءات وقائية من قبل الدول الصناعية لحماية إنتاجها الزراعي المحلي لا غير .
انقسام أيضا في مواقف منظمات المجتمع المدني
إذا كانت منظمات المجتمع المدني تتحدث بلغة واحدة في شتى المواضيع فإنها بحكم اشتمالها على مجموعات مزارعين من الدول الصناعية تجد نفسها منقسمة بين الرغبة في دعم مطالب البلدان النامية وبين الدفاع عن مصالحها المصيرية . لكن مصالح الطرفيين في ملف الزراعة تعتبر متضاربة لان فتح أسواق البلدان الصناعية أمام منتجات البلدان النامية سيكون على حساب الإنتاج المحلي . وهذا ما يزيد تعقيدا إضافيا لهذا الملف الذي به ما يكفي من التعقيد .
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.