هل عاد مجلس حقوق الإنسان الى التوافق فعلا؟
مجلس حقوق الإنسان يتوصل الى اعتماد قرار حول دارفور بالتوافق وهو ما وصف "بطريقة العمل الجديدة" التي يجب ان يسير عليها في المستقبل
التوافق بخصوص لجان التحقيق في دارفور والأراضي الفلسطينية، لم يخف اختلافات بخصوص الآليات الخاصة والحق في التنمية والنظرة لكيفية تسيير مكتب مفوضية حقوق الإنسان.
توصل مجلس حقوق الإنسان في نهاية دورته الرابعة الى اتخاذ قرار بتوافق الآراء حول دارفور بعد عملية أخذ وشد هيمنت على أشغال الدورة، وكادت أن تعصف بمحاولات بناء أسس المجلس الفتي.
التوافق الذي تم التوصل إليه بفضل تليين مواقف المجموعتين الإفريقية والأوربية تضمنه مشروع قرار مشترك تم اعتماده بدون تصويت وينص بعد التذكير بالمآسي والانتهاكات التي يتعرض لها سكان دارفور على :
الإعراب عن الأسف لعدم تمكن لجنة التحقيق رفيعة المستوى من التوجه الى دارفور، والإطلاع على التقرير الذي قدمته.
واتخاذ قرار بتشكيل مجموعة برئاسة المقررة الخاصة حول السودان، وتضم ممثل الأمين العام المكلف بالأطفال في الصراعات المسلحة، والمقرر الخاص المكلف بالإعدامات خارج نطاق القانون، وممثل الأمين العام المكلف بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وممثل الأمين العام المكلف بالمرحلين داخليا، والمقر الخاص المكلف بمناهضة التعذيب، والمقرر الخاص المكلف بمناهضة العنف ضد المرأة.
وطالب القرار هذه المجموعة بالعمل مع الحكومة السودانية ومع آليات حقوق الإنسان الإفريقية وفي تنسيق تام مع رئيس مجموعة الحوار في الدارفور لتفعيل القرارات والتوصيات الصادرة بهذا الخصوص من قبل مجلس حقوق الإنسان وباقي المؤسسات الأممية الأخرى .
وعلى هذه المجموعة تقديم تقريرها للدورة الخامسة لمجلس حقوق الإنسان
انتصار لمن؟
توصل مجلس حقوق الإنسان إلى توافق حول نص هذا القرار بعد مفاوضات استمرت حتى منتصف ليلة الخميس 29 مارس، وصفه رئيس المجموعة الأوربية السفير الألماني” بأنه قرار هام لصون مصداقية المجلس وقرار أهم لصون حقوق الإنسان”، معبرا عن الأمل في ” أن يعمل على تحسين ملموس للأوضاع في الميدان”.
أما منسق المجموعة الإفريقية السفير الجزائري فاعتبر أن هذا التوافق ” جاء تلبية لنداء رئيس المجلس، وهو اتفاق قد لا يرضي أي طرف ولكن من شأنه أن يساعد الضحايا في الميدان”.
وقد اعتبر رئيس مجلس حقوق الإنسان السفير المكسيكي ميجال الفونسو دي آلبا ما تم يوم الجمعة بخصوص قرار دارفور” لحظة هامة بالنسبة للمجلس وخطوة هامة يتم اتخاذها”.
وهو ما دعمته عدة دول مثل سويسرا التي عبرت على لسان سفيرها ” بأن هذه الخطوة تظهر جليا بأن ثقافة التوافق قائمة فعلا في المجلس وفي ذلك علامة مميزة في الطريق القصير الذي خطاه مجلس حقوق الإنسان” منذ قيامه في 19 يونيو 2006.
ولكن دولا مثل الصين وروسيا لاحظت بعد التصويت بأن إرسال لجنة جديدة يجب الا يتحول الى سابقة . كما انتقدت اعتبار تقرير اللجنة رفيعة المستوى التي لم تذهب للسودان بل أعدت تقريرها من خارجه. وهو ما دفع مشروع القرار الى ذكر ” الإطلاع” على تقرير اللجنة رفيعة المستوى، وليس اعتماده.
وبعد الإنتصار الدبلوماسي الذي يحفظ ماء وجه جميع الأطراف في مجلس حقوق الإنسان، تترقب العديد من الجهات، وبالاخص منظمات المجتمع المدني ، مدى تطبيق ذلك على ارض الواقع لتحسين ظروف سكان دارفور. كما تتجه النظار بالتحديد لمعرفة مدى تعاون الحكومة السودانية مع المجموعة الجديدة لتطبيق القرارات السابقة، بعد أن ارتكبت الخرطوم العديد من الأخطاء، حسب قول العديد من المراقبين، في التعامل مع الآليات السابقة.
صك ملزم بالنسبة للحق في التنمية؟
من أوجه الخلاف التي لربما لم يثر نقاش كبير بشأنها لحد الآن، مشروع إقرار الحق في التنمية الذي تقدمت به كوبا باسم مجموعة دول عدم الانحياز، وهو القرار الذي اعتمد بأغلبية 32 صوتا ومعارضة 12 وامتناع بلد واحد.
كوبا ودول عدم الانحياز ترى في اعتماد هذا القرار، ترخيصا للبحث في تطوير معاهدة ملزمة تقر الحق في التنمية، معتمدة في ذلك على ما جاء في الفقرة “د” من القرار أي “ان يتخذ الفريق العامل ( الذي سيتم تشكيله )،” الخطوات الملائمة لإنفاذ هذه المقاييس ، وهو ما قد يتخذ أشكالا متنوعة، منها مبادئ توجيهية بشأن إعمال الحق في التنمية، وقد يتطور ليشكل أساسا للنظر في مقياس قانوني دولي ذي طبيعة إلزامية ، عبر عملية مشاركة قائمة على التعاون”.
لكن دولا غربية من بينها ألمانيا باسم المجموعة الأوربية رأت في القرار ” تفعيلا للحق في التنمية ولكن ليس على حد الذهاب الى صك دولي ملزم”. أما كندا فأوضحت بالحرف الواحد ” بأن الفريق الرفيع المستوى ( الذي سيتم تشكيله لتفعلي الحق في التنمية) ليس من حقه ان ينظر في وضع صك دولي”.
انتقاد مباشر للمفوضية
مشروع القرار الذي تقدمت به الصين وجنوب إفريقيا باسم مجموعة من الدول التي لها نفس المواقف تحت عنوان “تدعيم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان” يعتبر بمثابة انتقاد مباشر موجه لمكتب المفوضة السامية ولشخصها في طريقة تطبيق معايير حقوق الإنسان.
القرار الذي اعتمد ب 35 صوتا وعدم اعتراض أحد عليه وامتناع 12 بلدا من بينها دول الاتحاد الأوربي، يرى من بين ما ينص عليه:
“التأكيد من جديد الحرص ، عند النظر في قضايا حقوق الإنسان على توافر عناصر العالمية والموضوعية وعدم الانتقاء ، والتأكيد في هذا الصدد ، للحاجة على مواصلة ضمان قيام مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان بتطبيق هذه المبادئ تنفيذا لمهام ولايته ولأنشطة المفوضية السامية”.
وفي فقرة موجهة للشروط التي يجب توفرها في المفوض السامي ينص القرار على :
” التأكيد من جديد على أن يتحلى المفوض السامي بأخلاق رفيعة وبدرجة عالية من النزاهة الشخصية ، ويتمتع بالخبرة الفنية ، بما في ذلك الخبرة في ميدان حقوق الإنسان ، ويتوفر لديه من المعرفة والتفهم للثقافات المتنوعة ما يلزم لأداء واجباته بحياد وموضوعية ولا انتقائية وفعالية”.
كما انتقد القرار لجوء المفوضية الى قبول مساهمات مالية مشروطة من قبل بعض الدول معللا بأن حصولها على دعم مالي في ميزانيتها العادية قد يعمل على تفادي هذا الانحراف ومطالبتها بممارسة مزيد من الشفافية في هذا الميدان.
كما اقترح القرار ضرورة مراعاة الأمين العام في تعين المفوض السامي التناوب الجغرافي. كما طالب المفوضة السامية بمراعاة التوازن الجغرافي في أماكن العمل بالمفوضية وضرورة الاستفادة من الخبرات الإقليمية.
وقد امتنعت كل الدول الأوربية ومعها الدول الغربية عن التصويت على هذا القرار في الوقت الذي لم يعارضه أحد. وقد عللت المانيا باسم ألأوربيين ذلك بقولها ” نمتنع عن التصويت الى أن يتم التوصل الى نص مقبول” بينما رأت كندا ” أن النظر في المسائل المالية للمفوضية من مهام اللجنة الخامسة التابعة للجمعية العامة وليس من مهام مجلس حقوق الإنسان”.
توافق هش
رغم ما تردد من تفاؤل من قبل العديد من المتدخلين في الجلسة الختامية للدورة الرابعة لمجلس حقوق الإنسان، بخصوص الشروع في سياسة توافق كمنهج جديد لعمل مجلس حقوق الإنسان تظهر هذه العينات من المواقف عمق الاختلافات بين المجموعات الجغرافية والدول بين شمالها وجنوبها المتقدم منها والنامي. وهذه الاختلافات ستعرف أوجها عندما يحشر المجلس قبل 18 يونيو القادم لإنهاء تحضير تصورات أعضائه للآليات التي يجب ان يشتغل وفقا لها.
ويكفي ان نذكر بأن ما ينتظر أن يحسم هو كيفية إعداد وتقديم تقارير المراجعة الدورية التي تعتبر أكبر محاسبة للدول الأعضاء وغير الأعضاء بخصوص مدى احترامها او عدم احترامها لمعايير حقوق الإنسان. كما من أهم النقاط التي على المجلس تقديم تصور لها قبل هذا الموعد كيفية الاستمرار في العمل بالآليات الخاصة من مقررين خاصين وخبراء وغيرهم وكيف يجب اختيارهم.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
جنيف (رويترز) – واصل مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة يوم الجمعة الضغط على السودان بشأن دارفور غير أنه لم يصل الى حد القاء اللوم صراحة على الخرطوم في أعمال القتل والاغتصاب المنتشرة بالاقليم الواقع في غرب البلاد.
وبعد أيام من المفاوضات الشاقة عبر قرار أصدره المجلس باجماع أعضائه البالغ عددهم 47 عن القلق العميق ازاء “خطورة الانتهاكات المتواصلة لحقوق الانسان وقانون حقوق الانسان الدولي في دارفور.”
وقال دبلوماسي غربي “هذا أقوى بيان يصدره المجلس حتى الان بشأن دارفور والاقوى الذي يصدره بخصوص أي وضع خارج الشرق الاوسط.”
وأضاف “انه يتحدث عن الانتهاكات وهذا يعني الدولة السودانية لان الدول فقط في قانون حقوق الانسان هي التي يمكن أن ترتكب انتهاكات.”
ويعتقد أن أكثر من 200 ألف شخص قتلوا وأن نحو 2.5 مليون اخرين اضطروا للنزوح عن منازلهم الى مخيمات بالغة السوء منذ تحول صراع عرقي بالاقليم الى تمرد في عام 2003.
وطلب المجلس من مجموعة من ستة محققين تابعين له متخصصين في انتهاكات حقوق الانسان العمل مع السودان بشأن تنفيذ توصيات تحقيقات مختلفة خاصة بحقوق الانسان حول الوضع في دارفور ورفع تقرير اليه في يونيو حزيران.
ومن بين الوثائق التي سيدرسها الفريق تقرير أعدته بعثة تحقيق رفع الى المجلس في وقت سابق من الشهر الجاري اتهم الخرطوم “بتدبير والمشاركة” في انتهاكات منتظمة للقانون الانساني.
وتنفي الخرطوم وصف الولايات المتحدة وجهات أخرى ما يحدث في دارفور بأنه إبادة جماعية وتلقي باللوم على جماعات متمردين رفضت التوقيع على اتفاق سلام في عام 2006 وتتهمها بالمسؤولية عن استمرار الانتهاكات في الاقليم.
ويرفض السودان مطالب غربية بنشر قوة حفظ سلام تابعة للامم المتحدة لدعم قوة مراقبة تابعة للاتحاد الافريقي قوامها سبعة الاف فرد تعاني من ضعف التمويل وتعجز عن وقف العنف.
واستدعت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وزير دولة سودانيا وزعيم ميليشيا في دارفور للرد على تهم بارتكاب جرائم حرب في خطوة أولى باتجاه محاكمة المتهمين بالمسؤولية عن الاعمال الوحشية ومن بينها عمليات اغتصاب وقتل جماعي بالاقليم.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 30 مارس 2007)
الجزائر
المغرب
جنوب افريقيا
تونس
الأرجنتين
الإيكوادور
البحرين
الهند
اندونيسيا
الفيليبين
تشيكيا
بولندا
فنلندا
هولندا
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.