هل يُنقذ الخليجيون الموسم السياحي؟
تزامن التراجعُ الملحُوظ الذي سجلهُ القطاع السياحي في سويسرا عموما خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام، مع ارتفاع كبير للسُّياح الوافدين على الكُنفدرالية من دول الخليج.
على الرغم من الحرارة المُفرطة التي شهدها مُعظم أنحاء الكنفدرالية خلال فصل يونيو من عام 2002، لم يتجاوز عددُ الليالي المُقضاة في الفنادق السويسرية 2,83 مليون ليلة، وهو ما يُعادل انخفاضا بنسبة 7% مُقارنة مع نفس الفترة من عام 2001. أما التراجع الذي شهدته الفنادق السويسرية خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام فقد بلغ 6,2%.
ويقولُ المكتب الفدرالي للإحصاء الذي نشر يوم الاثنين 29 يوليو هذه المعطيات، إن التراجع الذي سجله القطاع السياحي السويسري في هذه الفترة يُعزى أساسا للشكوك المتواصلة حول تطور الوضع الاقتصادي الراهن ولقوة الفرنك السويسري مقابل الدولار واليورو.
لا يُمكن الحديث عن أزمة
أما المسؤولةُ في قسم الإعلام بمؤسسة السياحة السويسرية لورانس غابرييل (Laurence Gabriel) فصرحت لـ”سويس انفو” أن الأسباب الرئيسية لتراجع القطاع السياحي السويسري وردت بالفعل في البيان الصحفي الصادر عن المكتب الفدرالي للإحصاء، لكنها أشارت أيضا إلى التراجع الحاد الذي شهدته مؤشرات البورصة عموما والذي “قد يكون له تأثير أكبر خلال الأسابيع القادمة”.
لكن السيدة غابرييل شددت في المُقابل على أنه لا يُمكن الحديث، بناء على الأرقام الواردة في البيان، عن أزمة في القطاع السياحي السويسري بل عن انخفاض في عدد الليالي المُقضاة في الفنادق السويسرية، وهو انخفاضٌ يُفسر بأزمة اقتصادية عامة.
وقد سجلت نسبة حجز السياح الأوربيين في الفنادق السويسرية خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام تراجعا ناهز 10%، ويعود هذا الوضع بالدرجة الأولى إلى انخفاض حاد في عدد السياح الألمان الذين تراجعت نسبتهم بـ17%. أما السياح البريطانيون فانخفض عددهم بنسبة 10%. لكن مع ذلك توافد الأوربيون بنسبة لا بأس بها على الكنفدرالية خلال نفس الفترة.
أما السياح اليابانيون الذين يقصدون بكثرة سويسرا والذين أصبحوا يُعدون من الوافدين التقليديين على أراضيها، فقد كسروا التقليد في النصف الأول من هذا العام وانخفض عددهم بنسبة 22%. كذلك الشأن بالنسبة للزوار القادمين من الولايات المتحدة الذين تراجعوا بنسبة 25%.
السياحة السويسرية واحداث 11 سبتمبر
وتشرح المسؤولة في قسم الإعلام بمؤسسة السياحة السويسرية سبب ندرة السياح اليابانيين والأمريكيين هذه السنة بالتذكير أولا بالوضع الاقتصادي العالمي منذ صيف 2001. ففي هذه الفترة بالذات بدأت تظهر مؤشرات عن تدهور الحالة الاقتصادية العامة، وكانت الأسواق اليابانية على وجه الخصوص أكثر من عانى من الوضع الاقتصادي المتغير.
وتضيف السيدة غابرييل أنه بعد أحداث 11 سبتمبر، انخفض عدد الوافدين على الفنادق السويسرية بشكل كبير خاصة من الولايات المتحدة واليابان، وحتى من الدول الأوربية القريبة مثل بريطانيا، نتيجة الخوف من ركوب الطائرة الذي ولدته الهجمات الإرهابية على نيويورك وواشطن.
وفي مقابل تراجعِ نسبة السياح الأمريكيين واليابانيين وبعض الأوروبيين، استقبلت الفنادق السويسرية عددا أكبر من الزوار القادمين من دول الخليج الذين ارتفع عددهم خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2002 بـ135%، اي بزيادة تعادل 19000 زائر ليتجاوز اجمالي السياح الخليجيين 34000. كما سُجل تزايد في عدد السواح القادمين من روسيا والصين واليونان ويوغوسلافيا والنمسا وإسبانيا.
عوامل جذب للسياح الخليجيين
وعن سبب الارتفاع الهائل للسياح الخليجيين في سويسرا خلال موسم الصيف الجاري الذي لم ينقض بعد، أوضحت السيدة لورانس غابرييل أن النشاطات التسويقية والحملات الدعائية التي قام بها المكتب الوطني السياحي السويسري في السوق الخليجية بدأت تأتي ثمارها.
كما نوهت إلى أن انعكاسات أحداث الحادي عشر من سبتمبر والإجراءات الأمنية المشددة التي تلتها جعلت السياح الخليجيين يتفادون قضاء عُطلهم في الولايات المتحدة حيث يخضع العرب والسعوديون بصفة خاصة لفحص وتحقيقات دقيقة فور وصولهم إلى المطارات الأمريكية.
من جهة أخرى، ذكّرت السيدة غابرييل أن الفنادق السويسرية لم ترفع من أسعارها بشكل ملحوظ منذ سنتين، الشيء الذي يُشجع ربما السياح الخليجيين على ارتيادها. كما أن إجراءات الحصول على تأشيرة دخول إلى سويسرا ليست معقدة بالنسبة لرعايا منطقة الخليج الذين يمكنهم دخول سويسرا اذا كانوا يحملون تأشيرة “شنغن” الأوربية.
جنيف لم تعد الوجهة الوحيدة
ولم يعُد السياح الخليجيون يرتكزون في منطقة جنيف بل يبدو أنهم بدؤوا يكتشفون شيئا فشيئا باقي ربوع الكنفدرالية. وتشير السيدة غابرييل إلى أن منطقة جنيف وبحيرة ليمان التي تمتد من جنيف إلى لوزان، مازالت مركز جذب للسياح الخليجيين، لكن بدأت تظهر مؤشرات على ميلاد نوع من السياحة الخليجية الجديدة في زيوريخ حيث سُجل ارتفاع في عدد الليالي التي يقضيها الزوار الخليجيون في فنادق هذه المنطقة.
لكن ماذا عن مستقبل السياحة السويسرية خلال الأشهر القادمة خاصة وأن موسم الصيف قصير جدا في هذا البلد؟ مؤسسة السياحة السويسرية تتوقع تسجيل هذا القطاع لنتيجة سلبية في نهاية السنة قد تتراوح ما بين ناقص 0,5% وناقص 1% دائما لنفس الأسباب الاقتصادية المذكورة سلفا.
اصلاح بخات – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.