“هنا سويسرا: 70 عاما في خدمة الإعلام”
بمناسبة الذكرى السبعين لإنشاء إذاعة سويسرا العالمية، التي تحولت في مطلع الألفية الجديدة إلى "سويس انفو"، نعرض عليكم قرص فيديو مُدمج يحكي تاريخ الإذاعة.
طعم الاحتفال لا يخلو من مرارة بعد أن بات وجود سويس انفو مهددا أكثر من أي وقت مضى منذ إعلان هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية عن مخطط تفكيك المؤسسة في مارس الماضي.
“هنا سويسرا: 70 عاما في خدمة الإعلام”… هذا هو عنوان قرص الفيديو المدمج الذي ننشر مضمونه بأربع لغات (الألمانية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية) على موقعنا لتخليد ذكرى جديرة بالاحترام، ذكرى وسيلة إعلام خرجت إلى النور عام 1935 بفضل تكنولوجيا متلعثمة آنذاك، تكنولوجيا الموجات القصيرة التي سمحت فجأة للصوت بقطع مسافات طويلة وعبور العالم بأسره.
كما أتاحت الوصول إلى الجالية السويسرية المقيمة في الخارج الملقبة بـ”سويسرا الخامسة” والتي كان يقدر عدد أبناءها في تلك الفترة بـ200 ألف شخص.
لكن فضل الموجات القصيرة لم يقتصر على مخاطبة رعايا الكنفدرالية البعيدين عن الوطن، بل تجاوزها خلال النصف الثاني من القرن العشرين -الذي كان مشحونا بالأحداث الدولية- ليقترح نظرة أخرى على تطورات العالم على كل من دفعته غريزة حب الاستطلاع لمتابعة ما تبثه إذاعة سويسرا العالمية.
مختارات وطرائف
صورة للجنرال غيزان في استوديوهات برن لـ”الخدمة السويسرية للموجات القصيرة.. وصورة أخرى للرئيس ياسر عرفات رفقة الرئيس السابق للقسم العربي لإذاعة سويسرا العالمية محمود بوناب في برن.. ثم صورة أخرى للزعيم نيلسون مانديلا الذي استجوبه صحفيو الإذاعة في جنوب إفريقيا.. أو صور بسيطة لكواليس ستوديوهات إذاعة سويسرا العالمية.
صوت رئيس الكنفدرالية رودولف مينجر في أول برنامج أذيع على الموجات القصيرة في غرة أغسطس 1935. أو أصوات الكاتب الألماني توماس مان الحائز على جائزة نوبل للآداب، والشاعر والمؤلف السويسري بليز ساندرار، والكاتب والرسام السويسري فريدريش دورنمات..
ثم حوار مع مطرب الجاز الأمريكي الشهير لويس أرمسترونغ في غرفة الحمام بالفندق الذي نزل فيه في برن، ومع أعضاء فرقة الروك البريطانية “ديب بوربل” وهم يحكون قصة تأليفهم في مدينة مونترو السويسرية لأغنيتهم الشهيرة “دخان فوق الماء” (Smoke on the Water) المستوحاة من الحريق الذي شب في كازينو مونترو المطل على بحيرة المدينة…
تلك الصور والحوارات وغيرها من المختارات والطرائف المرئية والسمعية تجدونها ضمن المحاور الخمسة التي يقترحها قرص الفيديو المدمج تحت عناوين: “من الموجات القصيرة إلى النصوص متعددة الوسائط”، “صوت سويسرا في العالم”، “ثقافة وموسيقى”، “طرائف من الأرشيف”، “معارض الصور”.
كما يعرض القرص ذكريات صانعي تاريخ إذاعة سويسرا العالمية والذين يسترجعون لقطات من حياتهم في هذه الدار التي تعد بمثابة “برج بابل السويسري”، فهنا نتحدث الفرنسية والألمانية والإيطالية والإنجليزية والإسبانية والبرتغالية والعربية، ومنذ فترة قصيرة الصينية واليابانية أيضا.
من الموجات القصيرة إلى الإنترنت
يحكي إذن هذا الملف متعدد الوسائط مغامرة هذه الإذاعة العالمية السويسرية الطابع. يستعيد سنوات الحرب التي تحملت خلالها إذاعة سويسرا العالمية مسؤولية ثقيلة، مسؤولية تمثلت في تحولها إلى وسيلة الإعلام الحرة الوحيدة في أوروبا القارية.
وبفضل استفادتها من صورة الحياد السويسري، فرضت إذاعة سويسرا العالمية بعد ذلك نفسها كصوت قوي في أوروبا خلال فترة الحرب الباردة. وعزز السمعة الطيبة للإذاعة خلو ماضي سويسرا من أي سجل استعماري، لتصبح واسعة الانتشار ولتحظى بالتقدير والإعجاب في عدد من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.
وموازاة مع الموجات القصيرة، طورت إذاعة سويسرا العالمية “خدمة التسجيل”، إذ شرعت في إنتاج برامجها على شرائط الكاسيت ثم الأقراص المدمجة (CD) وإذاعتها عبر محطات راديو في كل أرجاء العالم. كما أنتجت أشرطة فيديو ضمن سلسلة “عالم سويسرا” (Swiss World) التي بثتها عدد من التلفزيونات العالمية.
كما حرصت الإذاعة على إعداد برامج خاصة بالجالية السويسرية في الخارج في فترات الاستفتاءات الشعبية، حيث واظبت على إرسال تلك البرامج مباشرة إلى أبناء الكنفدرالية في المهجر الذين يمثلون قوة انتخابية لا يُستهان بها.
ومع انتشار استخدام وسائل الإعلام للأقمار الإصطناعية في التسعينات ثم الإنترنت في مطلع القرن الحادي والعشرين، كرست إذاعة سويسرا العالمية جهودها لتطوير موقعها الخاص على الشبكة العنكبوتية. واستعارت الإذاعة فور إنشاء الموقع إسم “سويس انفو” الذي بدأ منذ عام 1999 يسكن شيئا فشيئا كيان إذاعة سويسرا العالمية إلى أن بثت آخر برامجها في 30 أكتوبر 2004 ليصمت صوتها إلى الأبد.
فهل كان التخلي عن الإذاعة لفائدة الإنترنت قرارا شجاعا أو انتحاريا؟ مازالت وجهات النظر تختلف حول المسألة.
علامة استفهام كبيرة حول المستقبل
في عام 1935، كان عدد السويسريين في الخارج لا يتجاوز 200 ألف. اليوم، وحسب الأرقام الأخيرة (الصادرة في نهاية عام 2004) ارتفع عدد أبناء “سويسرا الخامسة” إلى أكثر من 623 ألف. ورغم أن خدمات سويس انفو، على غرار إذاعة سويسرا العالمية، موجهة بالدرجة الأولى لسويسريي الخارج وإلى الأجانب المهتمين بسويسرا، لم تتردد هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية في مارس الماضي في الإعلان عن مخطط تفكيك موقع سويس انفو متعدد اللغات، مما قد يعني الاستغناء عن 70 إلى 80 موطن عمل من أصل 120 (علما أن سويس انفو كانت قد اضطرت إلى إلغاء 26 موطن عمل عام 2004).
ومازال مشروع تفكيك سويس انفو واردا بالنسبة لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية رغم عدم حصوله بعد على الموافقة السياسية الضرورية. وقد أثار المشروع منذ الإعلان عنه في 21 مارس الماضي ردود فعل كثيرة في صفوف السياسيين أعربت في مجملها عن أهمية عمل سويس انفو والمهمة المنوطة بنا. لكن الدعم المعنوي لا يكفي لضمان بقاء موقع سويس انفو في شكله الحالي، ويبقى الدعم المادي المسألة الشائكة التي تنتظر الحل.
ورغم صعوبة الموقف، نحرص من خلال ملف “هنا سويسرا: 70 عاما في خدمة الإعلام” تخليد الذكرى في انتظار القرار النهائي. وقد نعرف في المستقبل القريب (ربما أكتوبر القادم) إن كان هذا الملف الخاص سيمثل فاصلة، أو نقطة نهائية أو نقطة وقوف في تاريخنا.
وإلى ذلك الحين، وفي كل الأحوال، نتمنى أن يستمتع أوفياء إذاعة سويسرا العالمية وسويس انفو بالتجول عبر محطات سبعين عاما من تواجد وسيلة إعلام انفعلت ومازالت تنفعل مع أحداث سويسرا والعالم.
“إذاعة سويسرا العالمية، في قلب أوروبا، وعلى إيقاع العالم”، عبارة رددتها الموجات القصيرة إلى نهاية القرن الماضي.
بيرنار ليشو – سويس انفو
(نقلته للعربية: إصلاح بخات)
1935: تأسست “الخدمة السويسرية للموجات القصيرة” لبث برامج موجهة للخارج.
1939: بداية عمل أول محطة إرسال الموجات القصيرة من شفارزنبورغ بكانتون برن.
1964: بدأ البث باللغة العربية.
1972: تدشين محطة إرسال الموجات القصيرة بسوتون بكانتون فو.
1978: تم تسمية “الخدمة السويسرية للموجات القصيرة” بـ”إذاعة سويسرا العالمية”.
2004: أقُفلت محطة الإرسال بسوتون، وبذلك انتهت حقبة الموجات القصيرة ومعها صمتت إذاعة سويسرا العالمية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.