ورشة عمل أمريكية لنساء خليجيات
في إطار مشروع "مساندة مشاركة المرأة في الحياة العامة في الشرق الأوسط"، أشرف معهدان أمريكيان على تنظيم ورشة في العاصمة القطرية شاركت فيها 65 سيدة خليجية.
وفي ظل غياب سعودي، تعددت التقييمات للخطوة التي تثير ردود فعل شعبية وإعلامية متفاوتة بين الترحيب والتحفظ والرفض.
وسط تصفيق الحاضرات وتحت الابتسامة الديبلوماسية لكادر السفارة الأمريكية في الدوحة، تسلمت خمس وستون(65) سيدة من دول الخليج واليمن (باستثناء المملكة العربية السعودية) شهادات “مشاركة وإكمال برنامج” ضمن ورشة عمل هي الأولى من نوعها في الخليج لتأهيل القيادات النسائية.
وتم تنظيم الورشة التي تدخل في إطار برنامج الشراكة الأمريكية – الشرق أوسطية، من قبل المعهد الجمهوري الأمريكي بمعية المعهد الديمقراطي الأمريكي وباستضافة قطرية في إطار مبادرة تحمل اسم “مساندة مشاركة المرأة في الحياة العامة في الشرق الأوسط”.
وكانت السيدات الخليجيات اللاتي حضرن الندوة قد قضين أربعة أيام من التدريب على مهارات فن القيادة والاتصال، بإشراف 15 متخصصا من أمريكا وكندا والمغرب ولبنان. وتلقين تدريبات على إجراء حملات فاعلة سواء انتخابية أو استفتائية، أو حملات لكسب التأييد أو حملات توعية عامة.
ورغم الجرأة التي أبدينها بمجرد الإقبال على المشاركة في مشروع لا ينظر له شعبيا بعين الرضى، يبدو أن هدف الندوة ما زال بعيد المنال في مجتمعات تتحسس معها المرأة طريقها للظهور في العمل العام بصعوبة متفاوتة الدرجات.
فقد قال الشيخ خالد بن جبر آل ثاني، نائب رئيس لجنة الانتخابات في المجلس الأعلى للأسرة في قطر الذي استضاف الورشة، انه من خلال الحديث مع بعض المشاركات تبين له أن “اثنتين على واحدة ما زالتا تفضلان البقاء في الظل”، مقرا “بالتفاوت بين دول الخليج في تقبل دور المرأة القيادي”.
ثقافة المشاركات .. عالية
ففي حين كان لغياب السعوديات مدلول سياسي وربما اجتماعي بسبب الضغوط الكبيرة التي تعيشها المرأة هناك، تقف المرأة البحرينية في الضفة المقابلة، يسندها تراث من المشاركة في الحياة العامة وإجراءات سياسية جديدة تسمح لها بخوض المعارك السياسية في شتى مستوياتها.
وإلى جانبها المرأة العُمانية واليمنية، ثم الكويتية بكل الزخم الذي تحمله تحركاتها المتتالية في وجه الرافضين لدورها السياسي. وإلى ذلك الطيف تُضاف المرأة القطرية التي أهدتها القيادة السياسية أبوابا مشرعة، لكنها ما تزال تصارع النظرة الاجتماعية.
ومع ذلك، فان أكثر من 100 سيدة قطرية تقدمت بطلب المشاركة في الورشة، “لكننا لم نستطع الاستجابة لأكثر من 17 منهن” يقول الشيخ خالد بن جبر آل ثاني، في إشارة لتقبل القطريات المتزايد لدورهن في الحياة العامة.
ومن جهتها، تقول ألان فابري، مسؤولة البرنامج من المعهد الجمهوري، إنها فوجئت “بالثقافة العالية للمشاركات”، مُعبرة عن أملها في رؤية سيدات سعوديات يشاركن في الورشات المقبلة.
وعن غياب المشاركة السعودية، قالت السيدة فابري إن الجهات المُنظمة توصلت بسبعة طلبات مشاركة من المملكة العربية السعودية، لكن تعذر حضورهن في آخر لحظة بسبب “التزامات مهنية وانشغالهن في ممارسة مسؤولياتهن”، على حد تعبيرها، مُستبعدة أن يكون سبب الغياب سياسيا.
لكن تبريرها الملفوف بالديبلوماسية كان قليل الإقناع وسط ظروف إقليمية معلومة للجميع، مع أن أحدا لا يجرؤ على الاصداع بالسبب الحقيقي لغياب السعوديات السبع عن الورشة التي تستهدف التغيير في مجتمع يقع بين سندان الضغط الأمريكي، وبين الرفض الشعبي لكل ما هو آت من الولايات المتحدة الأمريكية، توجسا من أن يكون يستهدف الهوية والثقافة والدين.
بين المقاطعة والإعجاب
هذه المخاوف لم تبرز فقط عبر الغياب السعودي، بل امتد التوجس إلى بعض الحاضرات اللواتي قدّرن في شهاداتهن جهد المعهدين الأمريكيين في نقل المعارف الجديدة لهن، بدون أن ينسين لفت النظر إلى السياسة الخارجية الأمريكية “المنحازة”، وإلى “ضرورة مراعاة الخصوصية الثقافية للتدرج في كل مجتمع”.
لكن في المقابل، تقول المشاركة القطرية لينا الدفع، مديرة الاتحاد العربي لنوادي العلوم، إنها استفادت كثيرا من الأيام الأربعة للدورة. وهي تنوي بناء على ذلك تعميم الفائدة على اللواتي لم يحظين بفرصة الحضور. وقالت “سأتولى كمتطوعة تنظيم ورشة عمل مشابهة لإشاعة الفائدة”.
وبين “المُقاطعة” والإعجاب بالمشروع، مرورا بالمشاركة “المتحفظة”، تخطو الشراكةُ الشرق أوسطية الأمريكية بحذر في طريق وعرة. ويعلم المنظمون تماما حقيقة صعوبة عملهم في أوساط تنظر إليهم بتوجس. لكنهم يبدون مصممين على المُضي قدما في تنظيم ندوات مشابهة لتلك التي شهدتها العاصمة القطرية. ومن ذلك برمجة ورشة مشابهة لسيدات في الشرق الأوسط وثالثة لسيدات من المغرب العربي.
لكن المنظمين يبدون حرصا على التريث لاستنتاج العبر من الورشة الخليجية الأولى قبل الإعلان عن تواريخ الخطوات القادمة.
فيصل البعطوط – الدوحة
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.