“يجب على أوروبا أن تقول الحقيقة”
سارع ديك مارتي، عضو مجلس الشيوخ السويسري، الذي كُـلف العام الماضي من طرف مجلس أوروبا، بإجراء تحقيق حول السجون السرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إلى التعليق على اعترافات الرئيس جورج بوش.
وكان بوش اعترف يوم 6 سبتمبر بأنه تم استنطاق عدد من المشتبه فيهم خارج الأراضي الأمريكية.
سارع ديك مارتي، عضو مجلس الشيوخ السويسري، الذي كُـلف العام الماضي من طرف مجلس أوروبا، بإجراء تحقيق حول السجون السرية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، إلى التعليق على اعترافات الرئيس جورج بوش.
وكان بوش اعترف يوم 6 سبتمبر بأنه تم استنطاق عدد من المشتبه فيهم خارج الأراضي الأمريكية.
ديك مارتي يريد أن تُـدلي الدول الأوروبية، ومن ضمنها سويسرا، بكل الحقيقة حول هذا الملف. ففي تقرير نُـشر في شهر يونيو الماضي، أكّـد المحقق السويسري لدى مجلس أوروبا أن 14 بلدا أوروبيا قد تعاونوا مع وكالة المخابرات المركزية في إطار شبكة من الانتهاكات للحقوق الإنسانية.
في المقابل، يبدو أن بلدانا أخرى، من بينها سويسرا، قد تكون اشتركت بشكل فعلي أو بطريقة سلبية في اعتقال وترحيل إرهابيين محتملين.
وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد اعترف للمرة الأولى يوم الأربعاء 6 سبتمبر، أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية تقوم باعتقال واستنطاق أعضاء بارزين في تنظيم القاعدة في سجون سرية في الخارج، وأنها (أي الأجهزة) تعتزم الاستمرار في هذه الممارسات، رغم الاستنكار الدولي.
وفي جنيف، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه من المحتمل أن تقوم “خلال الأيام المقبلة بزيارة 14 رجلا (من بينهم الشخص الذي يُـعتقد أنه العقل المدبّـر لهجمات 11 سبتمبر 2001)، الذين أعلن الرئيس بوش في خطابه عن تحويلهم إلى معتقل غوانتانامو بعد اعتقالهم في سجون سرية خارج أراضي الولايات المتحدة.
اعترافات الرئيس الأمريكي أكّـدت شكوك عضو مجلس الشيوخ السويسري ديك مارتي، الذي يُـطالب الآن بمعرفة أماكن وجود هذه المواقع السرية للاعتقال. سويس انفو أجرت معه الحديث التالي.
سويس انفو: هل ستدفع اعترافات جورج بوش الحكومات الأخرى المتورّطة في الجلوس على كرسي الاعتراف بدورها؟
ديك مارتي: قبل كل شيء، إن تأكيد وجود سجون سرية لا يمثل مفاجأة بالنسبة لي، فقد كنت مقتنعا بذلك على الدوام. ثانيا، إن اعتراف إدارة بوش أخيرا بأنها اعتقلت واستجوبت سجناء بطريقة خشنة خارج الولايات المتحدة، مبرّر إضافي عاجل يجب أن يدفع الحكومات الأوروبية إلى القيام بواجبها وإلى تحديد ما حصل فعلا فوق أراضيها. إننا لازلنا بعيدين جدا عن معرفة كل الحقيقة.
سويس انفو: هل سيعني هذا سويسرا التي، حسبما ورد في تقريرك، أغمضت أعينها عن عبور طائرات مشبوهة لمجالها الجوي؟
ديك مارتي: سويسرا، ولكن أيضا جميع الدول التي تُـظهر فيها مؤشرات أكثر من ملموسة، أن المجال الجوي والمطارات ومنشآت أخرى قد وُضِـعت على ذمَـة هذا النظام السري للاعتقال، الذي يحتاج إلى نظام لوجيستي وإلى شبكة نقل مهمة.
سويس انفو: في شهر فبراير، قررت سويسرا تجديد الترخيص السنوي الممنوح للطائرات الأمريكية لاستعمال المجال الجوي السويسري. هل يجب إعادة تقييم هذا القرار على ضوء اعترافات الرئيس الأمريكي؟
ديك مارتي: من وجهة نظري، لقد جددت سويسرا هذا الترخيص بشكل سريع جدا. يكفي النظر في قرارات القضاء الإيطالي، ليكتشف المرء أن طيفا من القرائن يُـشير إلى أن مجالنا الجوي قد استُـعمل لنقل معتقل اختُـطف بشكل غير شرعي على الأقل.
إنني اعتقد أنه كان يتوجّـب علينا المطالبة بشكل أكثر قوة ورسمية، توضيحات من حكومة الولايات المتحدة. لقد اكتفينا بتصريح شفوي من جانب موظف في الإدارة الأمريكية.
سويس انفو: بعد تصريح جورج بوش، هل ما زال بالإمكان أن نأخذ مأخذ الجدّ التطمينات الأمريكية بعدم عبور أي سجين من سويسرا؟
ديك مارتي: لا. إنني اعتقد أن العديد من الأكاذيب قد قيلت في هذه القضية، مثلما هو الحال فيما يتعلق بالحرب في العراق. يجب علينا من الآن فصاعدا أن نكون صارمين جدا في طلبات المعلومات التي نتقدم بها.
سويس انفو: هل تعتقدون أن إدارة بوش ستقدم المزيد من التفاصيل حول برنامجها للاعتقال أو حول الأماكن التي توجد فيها السجون السرية؟
ديك مارتي: لا. يجب أن نستمر في ممارسة الضغط. إن هذه الاعترافات الأولى لم تنتزع إلا بفضل العمل الرائع لمنظمات غير حكومية ولصحفيين أمريكيين متخصصين في مجال التحقيق، دون أن ننسى الدور الفائق الأهمية للسلطة القضائية الأمريكية، التي اتّـخذت قرارات مهمة لكل المجتمع المدني.
سويس انفو: هل ستواصلون تحقيقاتكم الخاصة؟
دريك مارتي: في شهر يونيو، قررت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا أن التحقيق يجب أن يستمر. إنني موافق على مواصلة عملي، ولكن ليس في الظروف الحالية، أي شريطة أن توضع وسائل تحت تصرفي.
إلى حد الآن، كان لدي معاون شاب، ومن المنتظر أن لا يتم تجديد عقد عمله لأسباب بيروقراطية. إنني أرى أن هذا الأمر مثير للاستغراب، خصوصا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهمية هذه المهمة.
اجرى الحوار أدام بومون – سويس انفو
(ترجم الحوار وعالجه كمال الضيف)
في شهر نوفمبر 2005، كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمريكية عن وجود سجون سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية في أوروبا وعن تنفيذ عمليات اختطاف لإرهابيين مزعومين.
إثر ذلك، كلف مجلس أوروبا عضو مجلس الشيوخ السويسري ديك مارتي، الذي يترأس في نفس الوقت لجنة المسائل القانونية وحقوق الإنسان في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، بإجراء تحقيق حول الموضوع.
في شهر يونيو 2006، قدم ديك مارتي تقريره، الذي جاء فيه أن 14 بلدا أوروبيا تعاونت مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لنقل إرهابيين مزعومين واعتقالهم في سجون سرية.
يتهم التقرير أيضا الحكومة السويسرية بغضّ الطرف عن عبور طائرات مشبوهة لمجالها الجوي. وفي فبراير 2006، جددت سويسرا الترخيص السنوي الممنوح للطائرات الأمريكية باستعمال مجالها الجوي.
أكّـد المكتب الفدرالي للطيران المدني أن 6 طائرات مشبوهة تابعة لوكالة المخابرات المركزية قد حطّـت بسويسرا.
قدّر المكتب الفدرالي للطيران المدني عدد المرات التي عبرت فيها طائرات، يُـعتقد أنها تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية للمجال الجوي السويسري ما بين عام 2001 ويناير 2006 بـ 76 مرة.
الطائرات المعنية، كانت مسجّـلة باعتبارها تقوم برحلات غير تجارية، حسب ما أورد المكتب الفدرالي للطيران المدني.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.