مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“يجب علينا التحول إلى نماذج تنموية أكثر استدامة”

Keystone

مرة أخرى، يعود راجندرا باشاوري الذي تقاسم جائزة نوبل للسلام لعام 2007 مع نائب الرئيس الأمريكي السابق آل غور بصفته رئيسا لهيئة التغيرات المناخية التابعة للامم المتحدة، للتحذير من أن الإنسانية لا تأخذ بما يكفي من الجد حجم التأثيرات السلبية التي تفرضها على كوكب الأرض.

باشاوري يشارك حاليا في أشغال المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس شرق سويسرا، حيث استعرض قناعاته في حديث خاص مع سويس انفو.

يمكن القول أن ملف التغييرات المناخية قد دخل في صُلب الاهتمامات اليومية لجميع سكان المعمورة، بل إن اللجنة المسؤولة على منح جائزة نوبل للسلام لم تتردد في كيل المديح والإطراء العام الماضي لنائب الرئيس الأمريكي السابق آل غور ومجموعة الخبراء الحكومية حول تطور المناخ التابعة للأمم المتحدة وأسندت إليهما الجائزة مناصفة.

في منتجع دافوس، عاد المنتدى الاقتصادي العالمي الذي ينعقد من 23 إلى 27 يناير الجاري في دافوس مجددا إلى تناول الموضوع، واختار هذه المرة تسليط الأضواء على ملف المياه. لكن السؤال الذي يشغل بال الجميع: هل تحسنت الأوضاع ميدانيا فوق الكرة الأرضية؟ راجندرا باشاوري يجيب عن أسئلة سويس انفو بهذا الخصوص في سياق الحديث التالي.

سويس انفو: كيف يمكن لكم وصف الوضع الحالي لكوكب الأرض؟

راجندرا باشاوري: إنه ليس على أحسن ما يُرام ..! فالكوكب يمر بأوقات صعبة جدا، ويجب علينا تصحيح هذه الوضعية بأسرع وقت ممكن.

سويس انفو: هل يقوم القطاع الاقتصادي بما يكفي في هذا الشأن؟

راجندرا باشاوري: القطاع الاقتصادي، الحكومات، المجتمع المدني، رجل الشارع: إننا لا نقوم بما يكفي.

سويس انفو: ما الذي يجب علينا القيام به بالدرجة الأولى؟

راجندرا باشاوري: قبل كل شيء، يجب علينا فهم طبيعة المُشـكلة التي تتطلب الانتقال إلى نماذج تنموية أكثر استدامة، لأن أنموذجنا الحالي (للتنمية) ليس مُستديما.

ينبغي علينا أن نرى أن التغير المناخي ليس سوى أحد الأبعاد في مُشكلة أكثر اتساعا. ويتمثل هذا المُشكل في أننا نستعمل الموارد الطبيعية والأنظمة البيئية بطريقـة لن تسمح لها بـالاستمرار في الحياة.

يتعين علينا إذن تصحيح الطريقة التي نتطور وننمو ونستهلك بها. وهذه العملية الانتقالية لا يمكن أن تتم إلا إذا حددنا سعرا لثاني أكسيد الكربون.

ويُفترض أن يحثنا هذا الإجراء على قياس تأثير أعمالنا (وأنشطتنا) على الأنظمة البيئية للكرة الأرضية.

إنه من الضروري جدا إدماج هذا الإنشغال في جميع قراراتنا لنتقدم باتجاه نظام (حياة) لا يُمارس مثل هذا الضغط على البيئة.

سويس انفو: يتردد تعبير الانكماش الاقتصادي على جميع الألسن. ولمعالجته، تُبذل كل الجهود للحث على الاستهلاك. ما هو رأيكم؟

راجندرا باشاوري: علينا أن نستهلك ولكن لنستهلك بضائع وخدمات لن تؤدي إلى إضافة المزيد من المشاكل البيئية للكرة الأرضية، فلا شيء يتعارض مع الاستهلاك شريطة أن يكون مُستديمـا. فقبل ألف عام، كان العالم يستهلك الكثير من الحرير والكثير من القطن، ومن خشب البناء، ومن الخدمات. لكن كل ذلك كان يتم بشكل مُستديم. وعلى عكس ما يحدث اليوم، لم تكن هناك تضحيةٌ بموارد الكرة الأرضية.

سويس انفو: هذا العام، يتحدث أصحاب القرار كثيرا عن الماء في دافوس. ويطرحون بالخصوص فكرة تحديد سعر للماء. ما هو موقفكم من هذا الموضوع؟

راجندرا باشاوري: يجب علينا أن نحدد سعرا للماء، فالماء يُمثل موردا نادرا، ولا يُمكن أن نتعامل معه كشيء مجرد لا قيمة له. هذه القيمة يجب أن تظهر في السوق.

في المقابل، يجب علينا أيضا أن نتأكد أو أن نضمن أن لا يعاني الفقراء من هذه التسعيرة. وعلى غرار ما يحدث لبضائع وخدمات أخرى تمنح الحق في الحصول على دعم، رُبما يجب تصور بعض التنازلات عندما يأتي أوان بلورة نظام أسعار للمياه.

سويس انفو: في دافوس، عرض خبراء من جامعتي يال وكولومبيا مؤشرا جديدا للأداء البيئي، احتلت سويسرا المرتبة الأولى فيه. ما هو رأيكم في مثل هذه المبادرات؟

راجندرا باشاوري: إن مُجرد وجود هذا الصنف من المؤشرات أمر جيد. ومن العسير إصدار حكم نهائي على نتائـج مثل هذه المؤشرات، لكنني أعتبر أنها مفيدة. فهي تقدم فكرة عن أداء البـلدان، فليست حكما نهائيا بالمرة، لكنها تُمثل أساسا لمواصلة الحوار.

أجرى الحديث في دافوس: بيير فرانسوا بيسون – سويس إنفو

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

عالم اقتصاد هندي وخبير في شؤون البيئة يبلغ 67 عاما من العمر. تابع تكوينه بالولايات المتحدة ويترأس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة (وتسمى أيضا هيئة ما بين الحكومات حول تغير المناخ).كما يدير معهد موارد الطاقة، وهي مؤسسة بيئية يوجد مقرها بالهند.

تضم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (التي تأسست قبل 20 عاما من طرف الأمم المتحدة ويوجد مقرها في جنيف) 3000 عالم وخبير من شتى بلدان العالم، وهي تعنى بتنسيق الجهود الدولية للحد من هذه الظاهرة وآثارها.

وتقدم الهيئة تقاريرها (التي تأتي نتيجة مداولات دقيقة بين وفود مختلف الدول) بشكل دوري، وتمثل قاعدة متينة للاطلاع على المعلومات الدقيقة عن هذه الظاهرة من طرف صانعي القرار السياسي. وقد نشرت آخر تقرير لها في عام 2007.

ينتظم الإجتماع السنوي لعام 2008 للمنتدى الإقتصادي العالمي من 23 إلى 27 يناير 2008 في منتجع دافوس شرق سويسرا.

يحضر الإجتماع 27 رئيس دولة أو حكومة و113 وزيرا وقادة العديد من المنظمات الدولية و1370 من أرباب العمل من بينهم 74 يديرون واحدة من أكبر 100 شركة في العالم و340 ممثلا عن المجتمع المدني (في مجالات الدين والثقافة والبيئة والمنظمات غير الحكومية).

يشارك جميع أعضاء الحكومة الفدرالية (باستثناء الوزيرة الجديدة إيفلين فيدمر-شلومف) في أشغال الدورة.

في هذه الدورة التي تنظم تحت شعار “قوة الإبتكار التعاوني”، يدور النقاش بين أصحاب القرار في العالم عن الإقتصاد والجغرافيا السياسية والبيئة والمؤسسات والتكنولوجيا والمجتمع.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية