يريدان إحياء البوذا من جديد!
ينوي خبيران سويسريان إعادة بناء تمثالي البوذا العملاقين اللذيْن دمرتهُما حركة طالبان الأفغانية في بداية العام الجاري في مدينة باميان. لكن تحقيق المشروع قد لا يخلو من المصاعب..
أطلق الخبيران السويسريان بول بوشرر، مؤسسُ متحف أفغانستان في بوندندورف بالقرب من مدينة بازل، وبيرنار فيبير، مؤسس موقع New7Wonders.org -او العجائب السبع الجديدة، حملة على الإنترنت من أجل حشد التأييد لاعادة بناء التمثالين البوذيين العملاقين اللذين هدمتهما حركة طالبان الأفغانية في مارس آذار من هذا العام.
وتهدف الحملة إلى المساهمة في التصدي لخطر الانقراض الذي يواجهه التراث الثقافي الثري لأفغانستان على مُستويين. فمن جهة، هنالك الضربات الأمريكية المتواصلة ضد الأراضي الأفغانية، ومن جهة أخرى، مُخلفات حقبة طالبان وسياستها التي عمدت خلال السنوات الخمس الماضية على تدمير الصناعات اليدوية والآثار التي لا تنتسب إلى الحضارة الإسلامية.
هل سيُطبق ميثاق البُندقية على المشروع؟
لكن تحقيق المشروع الطموح للخبيرين السويسريين لن يسلم من العقبات والجدل. وفي هذا السياق، قال السيد كريستيان مانهارت، الخبيرُ في التراث الآسيوي في منظمة الثقافة والتربية والعلوم التابعة للأمم المتحدة “يونيسكو” إن الاتفاق الدولي المتمثل في ميثاق البُندقية لا يسمح بإعادة بناء الآثار المُدمرة.
لكن الخبير فيبير لا يقلق كثيرا بهذا الشأن بما أن إعادة بناء التمثاليْن البوذييْن اللذين يعود تاريخهما إلى 1800 عام لن يكون سابقة في هذا المجال. ففي يونيو حزيران الماضي، أعطت منظمة الـ”يونيسكو” الضوء الأخضر لاعادة بناء جسر الـموستار الذي يعود إلى القرن السادس عشر والذي دُمر ما بين عامي 92 و95 خلال النزاع بين الكروات والمسلمين.
ويقول السيد فيبير: “حسب معلوماتي، تتم في الأثناء إعادة بناء جسر الموستار ولم تنقطع أبدا الجهود الرامية إلى انقاذ التراث العالمي. معابدُ ابو سنبل في مصر أُنقذت من طرف منظمة اليونيسكو.”
ويعتقد فيبير أن قضية التمثالين البوذيين ليست مُجرد مسألة إعادة بناء لآثار بوذية بما أن هذين التمثالين يجسدا علاقة بين الشرق والغرب. ويشرح فيبير وجهة نظره قائلا: “إن التمثالين البوذيين شُيدا من قبل فنانين يونانيين وكانا من بين أول التماثيل التي جسدت البوذا. ونُقلت التماثيلُ البوذية في أول الأمر إلى الهند والصين واليابان عبر الطريق التاريخي القديم لتجارة الحرير. ولم يشرع الآسيويون في صناعة التماثيل البوذية بأنفسهم إلا مؤخرا.”
خُطوة بخُطوة..لبناء العملاقيْن
إعادة بناء التمثالين البوذيين لمدينة باميان الأفغانية سيتطلب المرور من ثلاث مراحل أساسية. الخطوة الأولى تتمثل في إنشاء صورة مجسمة ثلاثية الأبعاد 3D بالحاسوب تُجسد التمثالين. أما الخطوة الثانية فتتلخص في بناء نموذج للتمثالين لا يتعدى حجمه عُشر الحجم الأصلي لتمثالي باميان. وسيتم وضع النموذج في متحف أفغانستان ببلدة بوبندورف القريبة من بازل.
أما الخطوة الثالثة والأكثر أهمية هي الذهاب إلى أفغانستان وإعادة بناء التمثالين البوذيين في موقعهما الأصلي وعلوهما الأولي الذي يبلغ ارتفاعه 53 مترا وعرضهما الذي يصل إلى 35 مترا. وقد أشار الخبير فيبير إلى أنه لم يكن ممكنا تصور المشروع دون المقاييس المضبوطة للتمثالين والتي حصل عليها فريق الخبراء السويسري من البروفيسور روبيرت كوسكا من جامعة غراز بالنمسا.
وعلى الرغم من تعبير دول أخرى عن اهتمامها بإعادة تشييد التمثالين البوذيين في باميان، ظلت المقاييس الدقيقة التي أخذها البروفيسور كوسكا منذ حوالي ثلاثين عاما أهم محور في مشروع فريق الخبراء السويسري. فبدونها يستحيل بناء المجسمات الثلاثية الأبعاد للتمثالين البوذيين.
قيمة تاريخية واقتصادية لوادي باميان
شدد الخبير السويسري بيرنار فيبير على أن إعادة بناء التمثالين البوذيين لن تكتسب قيمة تاريخية فحسب بل اقتصادية أيضا بالنسبة لسكان وادي باميان الأفغاني. ويقول السيد فيبير في هذا السياق: “ان التمثالين البوذيين كانا من بين آخر البنى التحتية التي كانت مصدر رزق لسكان الوادي، فالزوار القلائل الذين قصدوا افغانستان وقفوا لتأمل التمثالين الذين كانا يضمنان قوت سكان المنطقة.
ولتمويل المشروع، وجه فيبير نداء على الانترنيت من خلال موقع www.new7wonders.org ودعا مُتصفحيه إلى التبرع بما استطاعوا للمساهمة في تحقيق المشروع. ويتوقع فيبير تجميع مليونين فرنك سويسري من التبرعات، كما أعرب عن اعتقاده أن كبريات المنظمات ستهتم بالمشروع، وأشار إلى أن عددا من الشركات اقترحت عليه المساهمة في تمويل الفكرة.
وفور الحصول على ما يكفي من الأموال، سيحتاج فريق الخبراء السويسري إلى دعوة رسمية من الحكومة الأفغانية المقبلة للشروع في إنجاز فكرته. ولا يتوقع فيبير أن يكون الحصول على هذه الدعوة أمرا عسيرا. لكن الأكيد هو انه يتعين على الفريق السويسري الانتظار قبل إعادة بناء التمثالين البوذيين لأن إعادة بناء الحكومة الأفغانية مازالت تتعثر في مدينة بون الألمانية!
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.