يهود الفلاشا في أثيوبيا يحلمون بالهجرة إلى إسرائيل
لم يكن من المفترض أن تصبح المقبرة اليهودية الموجودة على سفح تل في شمال إثيوبيا كبيرة جدا، حيث كان آلاف من اليهود الإثيوبيين الذين دفنوا فيها يحلمون بالموت في إسرائيل، ولكن عقبات كثيرة حالت دون هجرتهم إلى هناك.
ويقول سيتوتاو آلين (49 عاما) الذي جاء لزيارة المقبرة مؤخرا في مدينة غوندر، حيث دفنت شقيقته “آمل أن تتحمل إسرائيل بعض المسؤولية قبل أن نموت جميعنا هنا”.
وكانت مغادرة ألفي اثيوبي يهودي إلى اسرائيل في الفترة ما بين كانون الأول/ديسمبر حتى آذار/مارس الماضي، بمثابة أخبار جيدة نادرة لليهود هناك.
ويبقى هذا العدد ضئيلا مقارنة بأعداد اليهود الراغبين بالهجرة إلى الدولة العبرية. ولا توجد أي خطط حاليا لاستيعاب الآخرين.
ويصر سيتوتاو على أنه يتوجب على السلطات الإسرائيلية التحرك بسرعة قبل فوات الآوان.
ويوضح “ما يقلقني هو أن المقبرة شبه ممتلئة”، بينما يشير إلى شواهد القبور التي تحمل جميعها نجمة داود.
وأضاف “لن يكون لدينا حتى مكان لندفن فيه”.
وهاجر الجزء الأكبر من اليهود الإثيوبيين إلى إسرائيل في جسرين جويين تم تنظيمهما في 1984 و1991.
وتم نقل بعضهم عبر رحلات سرية من مخيمات للاجئين في السودان- في مهمة انتجت نتفلكس فيلما عنها في عام 2019، بينما تم نقل نحو 15 ألفا منهم في جسر جوي عام 1991 عرف باسم “عملية سليمان”.
ويعرف الذين بقوا في أثيوبيا باسم “الفلاشا مورا”.
والفلاشا الذين يؤكدون أنهم أحفاد يهود إثيوبيين لا يستفيدون من “حق العودة” الذي يسمح لأي يهودي في الشتات بالهجرة إلى إسرائيل ويصبح مواطنا تلقائيا. وكانوا قد أجبروا على اعتناق المسيحية في القرن التاسع عشر.
وقد ظل معظمهم معزولين عن المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم لعدة قرون ثم اعترفت السلطات الدينية في إسرائيل بهم مؤخرا.
وفي السنوات الأخيرة نظم يهود الفلاشا في إسرائيل سلسلة من الاحتجاجات للتنديد بالعنصرية والتمييز الذي يقولون إنهم يواجهونه ولمطالبة أفراد الأسر الذين بقوا في إثيوبيا بالانضمام إليهم.
وتعمل السلطات الإسرائيلية على قائمة انتظار تضم ثمانية آلاف مهاجر محتمل.
لكن قادة اليهود الإثيوبيين يؤكدون أن العدد الحقيقي أعلى بكثير: مع وجود أكثر من 10 آلاف شخص في غوندر وحدها و نحو 3800 شخص في العاصمة أديس ابابا.
– حياة صعبة-
ويعيش اليهود في غوندر في منشآت ضيقة مكونة من المعدن، ويعتاشون من التحويلات المالية من الأقارب والمبالغ القليلة التي يكسبونها من عملهم كعمال نظافة وعمال بالمياومة.
ويشكل الكنيس المحلي شريان حياة حيث يقدم حصص طعام للأطفال ورعاية طبية مجانية وفيه مكتبة يتعلم فيها الطلاب اللغة العبرية.
ويصر السكان على أنهم يرغبون بمغادرة أثيوبيا في أسرع وقت ممكن.
وتقول نيجيست ابيجي (46 عاما) أنها “لن تشتاق لأي شيء” في اثيوبيا حال تم السماح لها في المستقبل بالاجتماع مع والديها اللذين يقيمان في الدولة العبرية.
وتقول “أمنيتي الوحيدة هي رؤية عائلتي”.
وبقي غالبية اليهود في منطقة أمهرة في أثيوبيا غير متأثرين بالصراع الدائر في منطقة تيغراي.
لكن فقدت أزانو جيرما نجلها جيرماو جيتي الذي انضم إلى القوات الخاصة في أمهرة تحضيرا للخدمة في الجيش الإسرائيلي بعد إرساله إلى تيغراي في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وتقول السيدة إنه لا يسعها سوى التفكير في ما كان سيحدث لو تم التعامل مع طلب مغادرة العائلة إلى إسرائيل في وقت مبكر.
ولا تبدو الحياة في إسرائيل سهلة باعتراف العديدين ممن تمكنوا من الوصول إلى هناك.
ويشكو 140 ألف اثيوبي في اسرائيل دائما من المعاملة العنصرية والسيئة من قبل الشرطة هناك.
ويعرف نيغوسي أليموي الذي يقوم بتنظيم برامج في الكنيس المصاعب التي يواجهها الإثيوبيون في اسرائيل بعد أن عمل هناك كمعلم.
وبحسب أليموي فإن التعليم قد يساعد الإثيوبيين هناك في التغلب على ما وصفه ب”الصدمة الثقافية”.
وبعيدا عن العنصرية، يسعى اليهود الاثيوبيون للتركيز على الايجابيات.
ويحلم لايلي اندبيت (23 عاما) الذي قضى ستة أشهر يدرس في معهد ديني “يشيفا” في إسرائيل، بالعودة إلى هناك.
ويقول “عندما ذهبت إلى هناك شعرت بأنني ولدت مرة اخرى” موضحا “كان من الصعب للغاية المغادرة، لكن مشيئة الله قضت بأن اعود إلى هنا لانتظر”.