مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مجلس حقوق الإنسان يدعو إسرائيل لرفع الحصار عن غزة

محمد أبو كوش السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة يتحدث في الندوة الصحفية التي عقدها في جنيف يوم 24 يناير 2008 Keystone

اختتم مجلس حقوق الإنسان دورته الخاصة حول الأوضاع في غزة بمطالبة إسرائيل بالرفع الفوري للحصار، وبتوفير الحماية الفورية للمدنيين الفلسطينيين.

الدورة الخاصة التي انعقدت بطلب من الدول العربية والإسلامية والتي تمخض عنها قرار تم اعتماده بـ 30 صوتا وامتناع الدول الغربية عن التصويت ومعارضة كندا، تميزت بمقاطعة إسرائيل والولايات المتحدة وعدم حضور الأمين العام بان كي مون رغم تواجده في جنيف بدعوى أنه لم توجه له الدعوة.

بدعوة من سوريا باسم المجموعة العربية وباكستان باسم دول منظمة المؤتمر الإسلامي، عقد مجلس حقوق الإنسان دورته الخاصة السادسة منذ تأسيسه في عام 2006، خصصها للأوضاع الإنسانية في قطاع غزة عقب تشديد الحصار وقيام إسرائيل بتوغلات في الأراضي المحتلة.

مشروع القرار الذي تم اعتماده بثلاثين صوت ومعارضة كندا وحدها وامتناع 15 دولة عن التصويت تضمن “الإعراب عن القلق البالغ من الهجمات العسكرية المتكررة التي قامت بها إسرائيل في الأراضي المحتلة وبخاصة في قطاع غزة”، كما دعا الى اتخاذ إجراء دولي عاجل لوضع حد فوري للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها إسرائيل .

وطالب القرار إسرائيل برفع فوري للحصار الذي فرضته على قطاع غزة المحتل، وأن تعيد الإمدادات المستمرة للوقود والأغذية والأدوية وأن تعيد فتح المعابر الحدودية.

وفيما يتعلق بحماية المدنيين الفلسطينيين دعا القرار لتوفير حماية فورية للمدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفقا لقوانين حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

وسعيا منه إلى إيجاد توازن، حث القرار “جميع الأطراف المعنية” على احترام قواعد قانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والامتناع عن ممارسة العنف ضد السكان المدنيين.

بحثا عن توازن!

الدورة الخاصة التي استمرت ما بين بعد ظهر الأربعاء 23 وصباح الخميس 24 يناير، عرفت مفاوضات بين المجموعة الغربية بقيادة سلوفينيا والمجموعتين العربية والإسلامية برئاسة سوريا وباكستان، للتوصل الى تعديل مشروع القرار بهدف خلق توازن حسب رغبة البلدان الغربية.

إذ ترى دول الاتحاد الأوروبي في تعليلها للامتناع عن التصويت وكما جاء في تدخل ممثل سلوفينيا أن “نص القرار لا يطالب الأطراف المعنية باتخاذ مواقف بناءة لصالح السلام”. وعبرت هذه الدول الأوروبية عن”الأسف لكون نص القرار لا يشير للهجمات بالقذائف التي تتم ضد إسرائيل”. وهذا الموقف وجد دعما من دول مثل غواتيمالا واليابان وباقي الدول الغربية التي امتنعت عن التصويت والتي أضيفت لها دول افريقية مثل الكاميرون وغانا.

أما ممثل إسرائيل الذي امتنع عن حضور الجلسة الى جانب سفير الولايات المتحدة، فاعتبر في بيان أرسل الى وسائل الإعلام أن “الانتقادات الموجهة لإسرائيل تدخل في إطار سلسلة طويلة من الهجمات اللاذعة” ضد بلاده. ويرى أن “التحدي الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو حماية نفسها من المنظمات الإرهابية التي تستخدم المناطق الآهلة بالسكان لكي تطلق منها صواريخها ضد إسرائيل”، كما قال “إن بلاده تقوم بكل ما تستطيعه لتفادي إصابة المدنيين”، على حد تعبيره.

موقف سويسرا

أما سويسرا التي عبرت عن “قلقها الشديد للدوامة الخطيرة وللتصعيد المثير للقلق لأعمال العنف في قطاع غزة وفي جنوب إسرائيل والضفة الغربية”، فقد طالبت الأطراف المختلفة “بوضع حد فوري لمنطق الأخذ بالثأر الذي يترتب عنه سقوط ضحايا مدنيين”.

وقد شددت مندوبة سويسرا على أن “احترام القانون الدولي الإنساني ليس مرهونا بامتثال الطرف الآخر لذلك”. ومع أن ممثلة الكنفدرالية أشارت الى أن ما تقوم به إسرائيل ضد سكان غزة “هو أمر مخالف لمبادئ القانون الإنساني الدولي”، إلا أنها شددت على “إدانة سويسرا لإطلاق صواريخ القسام على التراب الإسرائيلي وضد مدنيين وممتلكاتهم”، معتبرة أن ذلك يمثل “انتهاكا للقانون الإنساني الدولي”.

وإذا كانت ممثلة سويسرا قد عبرت في بداية الدورة الخاصة عن “الأمل في التوصل الى قرار متوازن يتخذ بالإجماع”، فإنها انتهت الى الامتناع عن التصويت على القرار المقترح معبرة عن “الأسف لكون المشاورات لم تفلح في تجاوز الخلافات”، ومؤكدة أن “النص غير متوازن لأنه لا يأخذ بعين الاعتبار انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل كل الأطراف”.

“أي توازن يساوي بين الجلاد والضحية؟”

هذه المطالبة بالمساواة بين الطرفين في مشروع القرار اعتبرتها بعض الدول العربية والإسلامية بمثابة محاولة للتوفيق بين الضحية والجلاد مثلما جاء في تدخل الممثل الجزائري الذي قال “إن أية محاولة لخلق توازن بين المعتدي والمعتدى عليه يعتبر ظلما قد يمس بمصداقية هذا المجلس”.

أما السفير الفلسطيني محمد أبو الكوش فقد أوضح في ندوته الصحفية التي تلت التصويت على مشروع القرار، بان المفاوضات بين المجموعتين الغربية والعربية والإسلامية تطرقت لموضوع التوازن وقال: “إننا عرضنا عليهم اقتراحين: الأول- إذا قبلنا بالإشارة إلى أن المقاتلين الفلسطينيين يطلقون أنابيب حديدية طائرة يقول عنها بعض الخبراء إنه من العار تسميتها بالقذائف، فعلينا أن نشير أيضا للأسلحة التي تستعملها إسرائيل من طائرات أف 15 و 16 والقنابل العنقودية ودبابات ميركافا وغيرها من الأسلحة المستعملة ضد شعبنا”.

السفير الفلسطيني أشار إلى أن ذلك كان بمثابة “رد مفاجئ بالنسبة للمجموعة الغربية” مضيفا “بأننا طالبنا أيضا بوقف كل الأطراف استعمال هذه الأسلحة ضد المدنيين”، وهو ما لم تتم الموافقة عليه حسب السفير الفلسطيني.

وقد تقدم الجانب الفلسطيني باقتراح آخر ينص على “المطالبة بوقف لكل العمليات العسكرية التي تقوم بها القوة المحتلة عبر التراب الفلسطيني المحتل ووقف إطلاق الصواريخ من قبل المقاتلين الفلسطينيين والتي تستهدف المدنيين في إسرائيل”.

ولكن السفير الفلسطيني أوضح بأن مناقشة المجموعة الأوروبية لهذا الاقتراح أدى الى انقسام داخلها ما بين مناصر له ومعارض “ليس وفقا لمعايير القانون الدولي بل على أساس تسييس وانتقائية”، حسب قوله.

وانتهى السفير الفلسطيني الى خاتمة مفادها أنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل “ترفع بعض الدول الأوربية الراية الحمراء وتعرقل إمكانية التوصل الى توافق في الآراء”.

وإذا كان الأمر ينطبق على قطاع غزة من حيث إطلاق الصواريخ، فقد أوضح السفير الفلسطيني بأن “الضفة الغربية لا تعرف إطلاق صواريخ… ومع ذلك تدخلت إسرائيل في نابلس لمرات عديدة وقتلت العديد من الأشخاص”، قبل أن يتساءل “إذا كانت إسرائيل تتحدث عن إطلاق صواريخ لماذا تهاجم جنين ونابلس؟” ويجيب بالإشارة إلى أن “ما تريده إسرائيل هو إرغام الفلسطينيين على قبول حل تحدد هي معالمه وتفاصيله يسمح لإسرائيل بالإستيلاء على الجغرافيا والتخلص من الديموغرافيا”، على حد قوله.

وتجدر الإشارة إلى أن القرار الذي تم اعتماده من قبل الدورة الخاصة بخصوص الوضع في غزة طالب المفوضة السامية لحقوق الإنسان بمتابعة الوضع وتقديم تقرير للدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان.

الأمين العام لا يحتاج لدعوة خاصة

تزامن انعقاد الدورة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان حول الوضع في غزة مع تواجد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة السيد بان كي مون في جنيف. وقد أثار الانتباه كونه لم يبرمج لا حديثا أمام الدورة الخاصة ولا حتى رسالة مصورة مثلما فعل أثناء الدورة الخاصة المخصصة حول دارفور.

وهذا ما دفع الصحفيين لتوجيه السؤال له أثناء الندوة الصحفية التي عقدها بعد ظهر الأربعاء 23 يناير في جنيف وقد برر فيها هذا الغياب عن الحديث أمام الدورة الخاصة بانه “لم توجه له دعوة خاصة بذلك كما ان برنامجه كان مكثفا”.

لكن السفير الفلسطيني محمد ابو كوش الذي ووجه بنفس السؤال في الندوة الصحفية يوم الخميس 24 يناير رد قائلا: “الأمين العام يجب ألا ينتظر دعوة خاصة، هذه منظمته … وإذا ما رغب في الحديث أمام المجلس فنحن نرحب به، وهو ليس في حاجة الى دعوة خاصة لأن المجلس ليس هيئة منفصلة عن منظمة الأمم المتحدة وهو رئيسها وهو الذي يعين المفوضة السامية” لحقوق الإنسان.

وأضاف السيد ابو كوش “ما نحن إلا بلد مراقب في المجلس وقد اتصلنا برئيس المجلس وبممثلي دول أخرى عبرنا لها عن الرغبة في حضوره في المجلس خصوصا أنه كان متواجدا في المبنى”.

وأوضح السفير الفلسطيني أن “الأمين العام أثناء الدورة الخاصة بدارفور، التي تمت بطلب من الدول الغربية وساندتها الولايات المتحدة الأمريكية، أرسل خطابا مصورا للدورة، كما أن كواليس مجلس حقوق الإنسان أغرقت بالملفات والملصقات عن الوضع في دارفور”، قبل أن يتساءل “لماذا لم يتم القيام بنفس الشيء اليوم؟”

سويس إنفو – محمد شريف – جنيف

جنيف (رويترز) – طالب مجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة يوم الخميس 24 يناير 2008 اسرائيل برفع حصارها لغزة المستمر منذ أسبوع وعنف الدولة اليهودية بسبب وقوع انتهاكات في الاراضي الفلسطينية للمرة الثالثة منذ انشاء المجلس عام 2006.

وأقر المجلس الذي يضم 47 عضوا قرارا قدمته دول عربية واسلامية بتأييد 30 دولة واعتراض دولة واحدة وامتناع 15 عن التصويت. وتغيب وفد واحد عن الجلسة.

وقال محمد أبو كوش السفير الفلسطيني لدى الامم المتحدة بجنيف خلال المحادثات التي جرت في جلسة طارئة خاصة عقدت لمناقشة الاوضاع في الاراضي الفلسطينية ان حصار اسرائيل لغزة وغاراتها الجوية هي “جرائم حرب”.

ومضى يقول “نأمل أن يساعد القرار على حشد ضغوط دولية واتخاذ اجراءات لرفع الحصار الاسرائيلي واعادة امدادات الغذاء والوقود والدواء وفتح المعابر الحدودية وانهاء الهجمات العسكرية الاسرائيلية المتكررة في أنحاء الاراضي الفلسطينية المحتلة.”

وشددت اسرائيل التي تتعرض لهجمات صاروخية من حين لآخر من قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الاسلامية (حماس) من اغلاقها لحدود القطاع الاسبوع الماضي. وأوقفت لفترة قصيرة امدادات الوقود المخصصة لمحطة الكهرباء الرئيسية في غزة وقطعت الامدادات عن محطات الوقود ومنعت وصول المساعدات الغذائية وغيرها من المساعدات الانسانية.

ويقدر الجيش الاسرائيلي أن نحو 250 صاروخا وقذيفة مورتر أطلقت على اسرائيل منذ الاسبوع الماضي. وقتلت القوات الاسرائيلية أكثر من 30 فلسطينيا خلال الفترة ذاتها.

وانتقدت لويز اربور مفوضة الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان في كلمة يوم الأربعاء 23 يناير 2008 اسرائيل بسبب “الاستخدام المفرط للقوة والقتل المستهدف” كما انتقدت اطلاق النشطاء الفلسطينيين للصواريخ على اسرائيل.

وقالت اربور التي كانت تعمل من قبل مدعية في محكمة جرائم الحرب التابعة للامم المتحدة للمجلس ان القانون الدولي يحظر العقاب الجماعي وطالبت اسرائيل برفع كل القيود على المساعدات المخصصة لغزة. وحذرت قائلة “يجب أن تضع كل الاطراف المعنية نهاية لهذه الحلقة المفرغة من العنف قبل أن يصبح وقفها مستحيلا.”

وقاطع وفدا الولايات المتحدة واسرائيل (ولهما وضع مراقب في المجلس) الجلسة التي استغرقت يومين. وكانت أغلب الدول الممتنعة عن التصويت من الدول الغربية بما في ذلك فرنسا وألمانيا وبريطانيا. وأيدت الصين وروسيا العضوان الدائمان في مجلس الامن الدولي القرار في حين كانت كندا الدولة الوحيدة التي عارضته.

واتهم فيصل الخباز الحموي السفير السوري متحدثا باسم الدول العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي اسرائيل بتحويل غزة الى “سجن كبير”. وقال “الهدف الحقيقي لاسرائيل من وراء هذه الاعتداءات والجرائم هو تعمد اجهاض المساعي العربية والدولية لاحياء عملية السلام.”

وحث سامح شكري مندوب مصر متحدثا باسم الدول الافريقية مكتب اربور على القيام بمزيد من الزيارات المنتظمة للاراضي الفلسطينية واعداد تقارير أكثر تفصيلا “عن كل الانتهاكات التي تصدر من الاحتلال الاسرائيلي.”

ورفض المندوب الاسرائيلي اسحق ليفانون الاتهامات قائلا انها تجيء في اطار “تاريخ طويل من الهجمات اللاذعة” ضد بلاده. وقال في بيان “التحدي الرئيسي الذي تواجهه اسرائيل هو الدفاع عن نفسها في مواجهة منظمات ارهابية تستغل المناطق المأهولة كستار لاطلاق الصواريخ وقذائف المورتر على اسرائيل.” وقال ان اسرائيل “تفعل كل ما هو ممكن” للحفاظ على أرواح المدنيين.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 24 يناير 2008)

swissinfo.ch

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية