مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“الأنشطة الموسيقية لها دور مهم في التفاعل بين الثقافات”

swissinfo.ch

يقيم هوبكينسون سميث مجموعة من الحفلات الموسيقية في الفترة ما بين 3 و8 مارس الجاري بالمناطق الفلسطينية، يقدم فيها مجموعة من المعزوفات على العود الغربي، وذلك بدعم من مؤسسة بروهيلفيتسيا المعنية بنشر الثقافة السويسرية.

وفي حواره مع سويس انفو قبل أن يتوجه إلى المنطقة أكد سميث على أن سويسرا تبعث من خلال هذه الحفلات برسالة مفادها “نحن نفكر فيكم”، معربا عن أمله في أن تكون “دعما لتهدئة النفوس، وأحد حوافز البحث عن السلام”.

سويس انفو: كيف جاءت فكرة هذا الحفل؟

هوبكينسون سميث: لقد استلهمت هذه الفكرة من دانيال بارينبويم عازف البيانو الأرجنتيني اليهودي، الذي يعزف بشكل دائم في المناطق الفلسطينية، وعلى اتصال بطلبة الموسيقى الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، إلى جانب أن لدي رغبة عارمة في القيام بخطوة رمزية للتشجيع على السلام، فإنني أعتقد أن الموسيقى تربط بين الناس.

ويجب أن أشير هنا إلى أن العود الأوروبي الذي أعزفه هو عربي الأصل، وله نفس الإحساس في العزف، وإن اختلفت نوعية الموسيقى التي أعزفها، حيث أنني متخصص في موسيقى عصر الباروك، ومن أهداف هذا الحفل توطيد الصلات مع الموسيقيين الفلسطينيين والفنانين الذين يهتمون بهذا النوع من العزف هناك، وأعرف أن من يهتمون بهذا النوع من الموسيقى هم من النخبة المثقفة، التي لها ارتباط بالتقاليد والعادات الأوروبية.

وفي نفس الوقت، أرغب في التعرف على عازفي العود الفلسطينيين، وأرغب في أن أقدم لهم هذا العود الغربي وأتدارس معهم الفرق بينه وبين العود الشرقي التقليدي، وأنماط الموسيقى التي يتم عزفها هنا وهناك.

سويس انفو: وهل حصلتم على دعم من جهات معينة لهذه المبادرة؟

هوبكينسون سميث: نعم، لقد اهتمت بروهيلفتسيا بهذا المشروع وتمول تكاليف الرحلة، وفي رام الله ستقوم مؤسسة (بارينبويم- سعيد) بتحمل المصاريف الإدارية والمبيت والتنقلات، لأن الأنشطة الموسيقية والفنية لها جمهورها، ونحن نؤمن أيضا بأن لها دورا مهما في التفاعل بين الثقافات.

سويس انفو: قد يتساءل البعض عن الدور الذي يمكن للعازف الموسيقي أن يؤديه من أجل السلام؟

هوبكينسون سميث: لست ذاهبا إلى المناطق الفلسطينية في رحلة سياسية، ولكنني أحمل معي هذه الآلة التي تجمع بين الأصول الشرقية والخصوصية الغربية، ورسالتي موسيقية، فمع هذه الآلة التي تصدر نغماتها من القلب، وأعزفها بمصداقية وإحساس عال، أتمنى أن تصل أيضا إلى القلب. أرجو – مع هذه الدرجة من الحساسية – أن أتمكن من تحقيق الشعور بالسلام الداخلي والطمأنينة في نفوس من سيستمعون إلى هذا العزف.

سويس انفو: ولكن هل تعتقد بأن المواطن الفلسطيني بمعاناته اليومية في شتى مجالات الحياة من جراء الاحتلال، ستكون لديه الرغبة في الجلوس والاستماع إلى هذه الموسيقى الحالمة؟ اليس هذا تناقضا مع الواقع المرير؟

هوبكينسون سميث: هذا سؤال جيد، ولكننا نعلم أن للموسيقى تأثير جيد في العديد من النواحي، وينعكس هذا التأثير على مجالات مختلفة، فيظهر مثلا في الكتابات والكلمات، سواء في شكل عمل أدبي أو مجرد تعليقات وملاحظات، وبعض هذه الانعكاسات يتم ترجمتها ايضا بشكل غير مباشر في سلوك الإنسان، الذي يختزن تأثير هذه الموسيقى (أو الأعمال الفنية عموما) بداخله لتنعكس بشكل تلقائي على تصرفاته.

إن الفكرة هي أن نحمل رسالة من سويسرا إلى الفلسطينيين بأننا نهتم بهم، وبأحوالهم ومشاعرهم وأحاسيسهم، وأننا نود أن نقدم لهم صورة أخرى غير هذا الواقع اليومي المؤلم، وهذا نقدمه من خلال التواصل مع الناس عبر نغمات الموسيقى، وأعتقد أن الفلسطينيين أيضا لديهم الحق في الاستمتاع بالموسيقى رغم كل شيء.

وأعتقد ايضا أن حضور الامسيات الموسيقية والثقافية له تأثيره، وأنا أعلم أن الفلسطينيين يحبون الثقافة، وسمعت هذا من موسيقيين أوروبيين أقاموا عدة حفلات من قبل في المناطق الفلسطينية، ونقلوا لي أن الناس يشعرون بالسعادة لأن هناك من يفكر فيهم، ويسعى للتواصل معهم، ويقدم لهم انتاجا وأعمالا ثقافية على اختلاف أنواعها، وهم يعتبرون هذا عناصر إيجابية في الحياة.

سويس انفو: ولماذا جاء اهتمامك بالشرق الأوسط بالتحديد؟

هوبكينسون سميث: إن الثقافة العربية تستهويني منذ زمن بعيد، وقد بدأت دراسة اللغة العربية في بيروت قبل 40 عاما، وحرصت من حين لآخر على التواصل مع هذه اللغة والثقافات المتصلة بها، لكن رحلتي الموسيقية العملية جعلتني أنقطع بعض الوقت عن استكمال دراستي للغة، ولكن بعدما استقريت في بازل الآن أقوم بمتابعة دروسي العربية مرة أخرى، وأرجو أن يتحسن إلمامي بها بشكل أسرع مما هي عليه حاليا.

سويس انفو: وهل انعكس هذا الاهتمام أيضا على علاقتك بالموسيقى الشرقية والعربية؟

هوبكينسون سميث: بالتأكيد، فأنا اسعى لأتعلم المزيد والمزيد عن هذه الموسيقى الثرية، وكانت لي تجربة اعتبر أنها جيدة بالنسبة لي، عندما التقيت مع عازف العود العراقي نصير شمة هناك في إحدى الحفلات المشتركة، وتبادلنا بعض الأفكار حول الفروق بين العود الغربي وأخيه الشرقي، واستمعت منه إلى آراء جيدة في هذا المجال.

ولكنني لمست فرقا بين أسلوبه في العزف والأداء وبين أسلوب فريد الأطرش، الذي استمعت إليه في لبنان عندما كنت هناك قبل 40 عاما، ولاحظت كذلك فرقا بين عزفه وعزف آخرين، وتعرفت منذ هذه الفترة على مدارس العزف على العود الشرقي.

سويس انفو: من هذه الخبرة في الاستماع إلى العازفين والموسيقيين العرب، هل كانت لديك مشكلة في تقبل أو تذوق الخصوصية الشرقية المتمثلة في “ربع النغمة الموسيقية”؟

هوبكينسون سميث: هذه قصة أخرى، وربع النغمة هذا بالطبع شيء متميز في الموسيقى العربية، وله دوره في تنوعها، ولكنني أعتقد أن الموسيقى العربية تعتمد بشكل كبير على قوة النغم الذي يحمل أحاسيس المؤلف والعازف على حد سواء، على عكس الموسيقى الغربية التي تعتمد على تعدد النغمات في وقت واحد، وبناء الأصوات المتناغمة في الجملة اللحنية الواحدة، لذلك نستفيد منها في التوزيع الموسيقى، والتنوعات اللحنية والجمل الموازية بآلات مختلفة داخل نفس المعزوفة.

وهذا يدلنا على أن هناك اتجاهين مختلفين تماما في الموسيقى الغربية والشرقية، ولكنهما لا يتضاربان على أي حال، بل على العكس لقد كانت العديد من الآلات الموسيقية الشائعة في العصور الوسطى وقبل عصر النهضة قريبة الشبه أو مستوحاة من الآلات الموسيقية العربية.

ثم حافظت الآلات الموسيقية العربية على خصوصياتها وطورت نفسها فيما يتماشى مع النغمات الشرقية، وفي الغرب أيضا كان نفس الشئ، ولكن ليس بنفس الاتجاه الذي سار فيه تطور الآلات في المشرق، وقد استمعت إلى عبد الله شاهين بعد أن ابتكر أول بيانو يضم ربع النغمة الموسيقية، وكانت تجربة فريدة من نوعها.

سويس انفو: هل تفكر في تقديم عمل مشترك مع عازف عربي، أسوة بالتجارب التي قدمت عزفا مشتركا بين العود والبيانو، أو بين آلتين واحدة عربية وأخرى غربية؟

هوبكينسون سميث: في الحقيقة لا، هي بالتأكيد ستكون تجربة مثيرة، إذا توافرت فيها عناصر النجاح، وهي تتلخص في التعرف على الموسيقى العربية بشكل أعمق، وكانت تجربتي مع نصير شمة في بروكسل جيدة، وربما تتكرر أو تتطور بشكل أكثر فعالية.

أجرى الحوار من برن تامر أبوالعينين

3 مارس 2007
حفل في مركز السكاكيني الثقافي برام الله

4 مارس
حفل في مؤسسة بارينبويم بنابلس

5 مارس

دورة في جامعة النجاح الفلسطينية بنابلس حول موسيقى العصور الوسطى.

7 مارس
حفل في القدس الشرقية وآخر في القدس الغربية مع دروس عملية

8 مارس
حفل بالكنسية اللوثرية في بيت لحم

ولد في نيويورك قبل 60 عاما، ودرس الموسيقى الكلاسيكية في الولايات المتحدة، حتى صار من المتخصصين في موسيقى الوتريات من القرون الوسطى وموسيقى عصر الباروك.

في عام 1973 بدأ في دراسة العود الغربي، ثم عمل مدرسا لموسيقى العصور الوسطى وعصر النهضة في مدرسة بازل للموسيقى الكلاسيكية القديمة.

أقام العديد من الحفلات الموسيقية في أوروبا والأمريكيتين واليابان، وقدم فيها مؤلفات العود الغربي من العصور الوسطى والباروك، والتي يصفها بأنها العصر الذهبي لموسيقى الوتريات بشكل عام، وتخصص في المؤلفات الموسيقية الفرنسية والإنكليزية والإيطالية.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية