مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد التدخين، جاء الدور على محاربة البدانة

الجلسة الإفتتاحية للدورة السابعة والخمسين للجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية يوم 17 مايو 2004 في جنيف Keystone Archive

صادقت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية على استراتيجية عالمية لمحاربة البدانة أو زيادة الوزن بعد أن سخرت عدة سنوات لمناقشة معاهدة لمحاربة التدخين.

لكن المدير العام الجديد للمنظمة لم يهمل باقي الملفات الصحية في العالم مثل محاربة الإيدز وحوادث السير والوضع الصحي المتدهور في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

اختتمت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية أشغال دورتها السابعة والخمسين يوم السبت 22 مايو في جنيف، بالمصادقة على جملة من الإستراتيجيات والقرارات التي تمس الوضع الصحي لكل مكونات المجتمع الإنساني.

وأشار المدير العام الجديد لمنظمة الصحة العالمية الكوري الجنوبي لي يونغ ووك إلى أنه “يضع سقف الطموحات في مجال الصحة العالمية في هذه الدورة عاليا من أجل تحسين الوضع الصحي لكل شعوب المعمورة”.

ولا شك أن هذا التوجه يمثل – بالنظر إلى تركيز منظمة الصحة العالمية جل نشاطاتها خلال رئاسة المديرة السابقة النرويجية جرو هارليم برونتلاند، على موضوع محاربة التدخين – تصحيحا لمسار المنظمة، خدمة لمصالح كل شعوب المعمورة.

استراتيجية عالمية

من المواضيع التي سخرت لها دورة هذا العام جل نقاشها موضوع تبني استراتيجية عالمية لمحاربة زيادة الوزن او البدانة الناجمة عن سوء التغذية وعن نقص في النشاط البدني.

وفي هذا السياق، تعتبر منظمة الصحة العالمية أن نسبة الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن في العالم، فاقت نسبة الذين يعانون من سوء التغذية. كما ترى المنظمة الدولية أن عدم اتخاذ إجراءات عاجلة قد يدفع إلى تفاقم الأوضاع أكثر فأكثر على المدى القريب خصوصا وأن الأنظمة الغذائية غير الصحية المتداولة في البلدان المتقدمة ونمط العيش الذي تفرضه الحياة العصرية بدأ ينتشر بكثرة في البلدان النامية أيضا، وهو ما يعمل على زيادة عدد الذين يعانون من البدانة أو من الأمراض غير المنقولة الناجمة عنها مثل أمراض القلب والسكري وانواع السرطان التي لها علاقة بزيادة الوزن. وتقدر نسبة الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض في الوقت الحالي في العالم بحوالي 60 %.

الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية اكتفت، تحت ضغط لوبي الشركات العالمية لصناعة المواد الغذائية وبعض البلدان النامية المنتجة للسكر، بإصدار توصيات غير ملزمة، لكن النية ترمي إلى حث الدول على تسطير سياسات صحية وطنية تراعي تقليص نسبة السكر والملح والمواد الدسمة في المنتجات الغذائية، إضافة إلى مراقبة المعلومات المدونة على علب المواد الغذائية لكي تعكس حقيقة المكونات.

من جهة أخرى، تنصح المنظمة بممارسة نشاط بدني، وبتوعية الجيل الصاعد لفوائد تناول غذاء صحي في وقت يلاحظ فيه إدمان قطاع عريض منه على تناول الوجبات السريعة التي لم يعد خافيا على أحد تأثيرها في زيادة الوزن لدى الأمريكيين مثلا.

اهتمام بالصحة الإنجابية

على صعيد آخر، رسمت منظمة الصحة العالمية للمرة الأولى استراتيجية عالمية في مجال الصحة الإنجابية التي ترى أنها تتسبب في 20 % من العبء المرضي الذي تعاني منه السيدات في العالم و حوالي 14% لدى الرجال.

والمقصود بهذه الإستراتيجية مراعاة خمسة ميادين تحظى بالأولوية في ميدان الصحة الإنجابية وهي تحسين ظروف ما قبل وأثناء وبعد الوضع، وتحسين نوعية العلاج المقدم للرضيع، وتحسين الخدمات المقدمة في مجال التنظيم العائلي وبالأخص في مجال معالجة العقم، وتجنب إجراء عمليات الإجهاض خارج الرقابة الطبية، ومحاربة الأمراض المنقولة جنسيا بما في ذلك الإيدز، ومكافحة مختلف أنواع السرطان وأمراض الجهاز التناسلي.

ولا شك أن أهم خطوة عملية اتخذتها الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في هذا المجال مصادقتها على قرار يسمح للبلدان النامية بالوصول إلى الأدوية الضرورية لمحاربة مرض نقص المناعة المكتسب إيدز أو سيدا.

وسيسمح هذا القرار، الذي يعفي البلدان النامية من مراعاة حقوق الملكية الفكرية عند مواجهة آفة مثل مرض الإيدز، بتوسيع رقعة المستفيدين من الأدوية المضادة لهذا المرض في البلدان النامية من 400 ألف في الوقت الحالي إلى حدود 3 ملايين شخص من الآن وإلى عام 2005.

وقد رحبت البلدان الإفريقية التي يعاني سكانها أكثر من غيرهم من مرض نقص المناعة المكتسب، بهذا القرار معبرين إياه “خطوة في طريق التحرير الكامل لوصول كل مرضى الإيدز في البلدان النامية إلى وسائل العلاج المتاحة”.

متابعة الوضع الصحي للفلسطينيين

إلى جانب العديد من القضايا الصحية الدولية والإقليمية التي تطرقت لها الدول الـ 192 الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، مثل الجدري والشلل وأمراض النوم وداء المثقبيات الإفريقي البشري، دفعت الأحداث الأخيرة في منطقة رفح وباقي الأراضي المحتلة وفود البلدان المشاركة إلى اتخاذ قرار يدعو المدير العام لمنظة الصحة العالمية إلى إرسال لجنة لتقصي الحقائق حول الوضع الصحي في الأراضي المحتلة.

يجدر التذكير بأن الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية كانت من بين المحافل الدولية التي تعالت فيها أصوات تدعو إلى التوقف عن تخصيص جلسة لبجث الأوضاع الصحية للسكان العرب في الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل بتعلة أنه “لا يجب المساس بالمسار السلامي”.

أما القرار الذي تبنته الجمعية العامة للمنظمة في موفى الأسبوع الماضي، فقد تضمن مطالبة الدول الأعضاء إسرائيل بـ “الوقف الفوري للنشاطات التي تمس الوضع الصحي للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة”. كمادعت المدير العام للمنظمة إلى “إرسال لجنة لتقصي الحقائق ومواصلة تقديم الدعم التقني الضروري لتحسين الوضع الصحي” في المنطقة.

وكانت بعثة تابعة لمنظمة الصحة العالمية عادت من زيارة للاراضي المحتلة قبل أيام قد وصفت الأوضاع الصحية بأنها “مأساوية”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية