مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خبراء سويسريون: “الإنتخابات الأفغانية لن تأتي بالتغيير المنشود”

Keystone

يعتقد خبراء سويسريون أن الرئيس الأفغاني الحالي حامد كرزاي يمتلك حظوظ الفوز باصوات الناخبين في الإنتخابات الرئاسية المرتقبة، لكن ليس من المرجّح بحسب رأيهم أن تقود إعادة انتخابه إلى تغيير حقيقي في الطريقة التي تحكم بها البلاد.

وتجري هذه الانتخابات التي يشارك فيها 17 مليون ناخب مدعوين لاختيار رئيسا للبلاد، و420 نائبا بالمجالس المحلية في 34 محافظة، تحت أنظار ما يزيد عن 250.000 مراقبا، 10% فقط منهم مراقبون مستقلون أجانب، سيعملون لكي تجري هذه الانتخابات وفق معايير النزاهة المتعارف عليها دوليا، وسيتوزّعون على 7000 مكتب اقتراع تفتح أبوابها لاستقبال الناخبين يوم الخميس.

وتنظم هذه الإنتخابات في ظل وضع أمني متردّ، ازداد سوءا مع اقتراب موعد التصويت، وتهديد حركة طالبان بالإنتقام وشن هجمات لعرقلة عمليات التصويت، ووجود شكوك ومخاوف من التلاعب بنتائج الاقتراع.

ويوم الثلاثاء 18 أغسطس، أعلن مراقبون من الإتحاد الأوروبي، موجودون على عين المكان أنهم سجّلوا تلاعبا في عمليات تسجيل الناخبين، وهو ما من شانه أن يفتح الباب في النهاية لعمليات تزوير واسعة.

وإذا كانت حظوظ الفوز بهذا الإستحقاق تبدو لصالح كرزاي، فإنه من المرجح أن لا يتمكن من الحصول على الأغلبية الساحقة التي تمكنه من تجنّب خوض دورة ثانية في غرة أكتوبر القادم أمام منافسه الرئيسي ووزير خارجيته عبدالله عبدالله.

وأظهر استطلاعان للرأي مدعومان من الإدارة الأمريكية، نُشرت نتائجهما الأسبوع الفارط، أن كرزاي سيفوز بنسبة 45% من أصوات الناخبين، مقابل 25% لمنافسه عبدالله.

وعلى الرغم من الإستياء الشعبي من حصيلة الفترة الرئاسية السابقة، احتفظ الرئيس الحالي بدعم قوي نظرا لتحالفاته الواسعة مع زعماء الحرب السابقين، وانتمائه القبلي إلى البشتون، أكبر مجموعة عرقية في البلاد.

ويقول جيلبرت إيتيان، الخبير السويسري في الشؤون الأفغانية، في حديث إلى swissinfo.ch: “من الواضح أن الفائز بالانتخابات القادمة سيكون حامد كرزاي، على الرغم من أن حصيلة تجربته في الحكم ضعيفة جدا، وهذا أمر غير مفهوم، وعلينا ألا نعلّق الكثير من الآمال على هذه الإنتخابات”.

ورغم ذلك، تظل نتائج الاقتراع غير مؤكدة، في ظل تشكيك واسع في ضعف الاستعدادات، واتهام بالفساد، وعودة قوية لأعمال العنف، ومن شان كل ذلك أن يهدد حظوظ كرزاي في الفوز من الدورة الأولى. في الوقت نفسه، حذّرت حركة طالبان المواطنين، ودعتهم إلى عدم المشاركة في التصويت ، وقالت “إن المقترعين ربما يسقطون ضحايا هجمات ستشنها على مكاتب الإقتراع”.

ويتوقّع القائمون على الانتخابات أن تظل حوالي 10% من مجموع 7000 مكتب اقتراع مغلقة لأسباب أمنية، وإن شككت الولايات المتحدة في إمكانية أن تصل الأمور إلى مستوى يهدد مجرى الإنتخابات. وفي هذا الصدد يُقر البرت شتاهيل، الأستاذ بجامعة زيورخ أنه “بإمكان طالبان إعاقة الإنتخابات في أجزاء معينة من البلاد، ولكن ليس في كلها”.

ثنائي الفساد وزعماء الحرب

منذ توليه السلطة سنة 2001، ساءت سمعة كرزاي كثيرا، وانهالت عليه انتقادات الدول الغربية التي تسم قيادته بالضعف، وبالتعاون مع زعماء الحرب، والتسامح مع عمليات الإتجار في المخدّرات، ، وتجاهل الفساد المتفشي في أوصال المصالح الإدارية، وهو ما ساعد على تأجيج التمرد الذي تقوده حركة طالبان. ومنذ 2004، ازداد تدهور الوضع الأمني في عدة مناطق من البلاد، على الرغم من الحضور الكثيف للقوات الدولية.

ورغم إقرار شتاهيل، الخبير السويسري في الشؤون الأمنية والإستراتيجية، بان كرزاي لما انتخب في البداية كان قائدا توافقيا، فإنه يضيف: “ولكن عندما ننظر في الفريق العامل معه كالقائد الميليشي الأوزبكي السابق عبد الرشيد دوستم، يمكننا ان نفهم أي نوع من التوافق كان ذلك”، ثم يعقّب الخبير السويسري: “إذا ما أعيد انتخاب كرزاي، لن تحدث سوى تغييرات طفيفة. سيستمر الأمر على ما هو عليه، انتشار واسع للفساد، والوجوه القديمة في المناصب الحكومية، ولن تحل أي مشكلة. سوف تتمكّن الولايات المتحدة من تكوين الجيش، لكن لاتبدو أي حلول واضحة لمشكلات المجتمع”.

بدوره، يذهب جيلبرت ايتيان إلى أن “كرزاي كان في وضع صعب، لكن صحيح أيضا انه لم يفعل إلا القليل.. وليس من المنتظر ان يتغيّر الشيء الكثير”.

“إخفاق” جهود إعادة الإعمار

في الوقت الذي تتعرض فيه الحكومة الافغانية إلى اللوم، يرى إيتيان أن الحكومات الغربية مسؤولة هي الأخرى إلى حد بعيد عن “إخفاق” جهود إعادة الإعمار، ومن ذلك مثلا لماذا لم تصرف الأموال بطريقة سليمة ووفق أولويات لصالح الزراعة، والري، وبناء الطرقات، ومد شبكة التزوّد بالطاقة الكهربائية.

وبوضوح وصراحة، يضيف إيتيان: “كان هناك في أفغانستان 1000 منظمة غير حكومية، تشرف على أنواع مختلفة من المشروعات. وكانت المنظمات الأمريكية غير الحكومية تعلم النساء الأفغانيات كيف يستخدمن أحمر الشفاه، في وقت تفتقر فيه كابول إلى الإنارة الكهربائية”.

ولا يستثنى إيتيان من انتقاداته خطة إعادة الإعمار والبناء في حد ذاتها. وقال في رثاء الواقع الأفغاني: “في المناطق الداخلية، لا توجد طرقات ولا شبكة كهربائية، وتعاني المستشفيات من مشكلات كبيرة”.

لكن، مازال بالإمكان تدارك الوضع، حيث يرى جيلبرت إيتيان أنه “لابد من تغيير أشياء كثيرة، مع تخصيص موارد أكثر لدعم القرى، والمسألة المركزية والملحة هي السيطرة على عملية إعادة الإعمار، وإعادة رسم توجهات الجيش الأفغاني، بحيث تصبح مهمّته حماية حدود البلاد، بدلا من الإكتفاء بمحاربة فلول طالبان”.

“معركة يتوجّب خوضها”

انتخابات الخميس 20 أغسطس هي أيضا اختبار لإستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجديدة الهادفة إلى تصعيد حرب الثماني سنوات سعيا منه للرد على المكاسب الأخيرة التي حققتها حركة طالبان.

ووصف أوباما في خطاب له يوم الاثنين 17 أغسطس النزاع في أفغانستان بأنه “معركة يتوجّب خوضها”. فخلال هذه السنة فقط، وصل إلى أفغانستان 30.000 جنديا أمريكيا إضافيا، ليتجاوز بذلك عدد الجنود الغربيين في البلاد لأول مرة 100.000 عسكريا، 62.000 منهم أمريكيون.

وشنت القوات الأمريكية والبريطانية عمليات هجومية واسعة، تكبّدت فيها خسائر غير مسبوقة ، وتجاوز عدد القتلى في صفوف القوات الغربية منذ شهر مارس عدد الضحايا الذين سقطوا في أفغانستان ما بين 2001 و2004.

وستفرض القوات الدولية محيطا أمنيا خارجيا خلال الإقتراع، في حين يتكفّل الجيش الأفغاني وقوات الشرطة بالحفاظ على أمن المدن ومكاتب التصويت،. كما أعلنت قيادة حلف شمال الأطلسي يوم الثلاثاء 18 أغسطس أنها “ستمتنع عن القيام بعمليات هجومية خلال يوم الإقتراع”.

سايمون برادلي – swissinfo.ch

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

حتى 17 أغسطس 2009، بلغ عدد الجنود الاجانب الذين قتلوا في افغانستان خلال اعمال حربية أو في حوادث متفرقة منذ 2001ن ما غجماله 1.319 قتيلا، منهم 742 جنديا أمريكيا، و204 بريطانيا، و128 كنديا، و35 المانيا، و29 فرنسيا، و25 إسبانيا، و19 هولانديا، و15 إيطاليا، و57 من جنسيات اخرى متفرقة.
أحصت بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في افغانستان مقتل 1.013 مدنيا أفغانيا في النصف الأوّل من سنة 2009، ، وتقول ان 60% من حالات القتل كانت على يد أعداء الحكومة ، و30% على يد القوات الدولية.

تنشط الوكالة السويسرية للتعاون الدولي على التراب الأفغاني منذ سنة 1977.
وتدريجيا، تحوّل البرنامج السويسرية بافغانستان، منذ عام 2004، من برنامج مساعدات طارئة إلى برنامج يهدف إلى التنمية واعادة الإعمار.

وتنصبّ أنشطة الوكالة اليوم على تشجيع الحكم الرشيد، واحترام حقوق الإنسان، والإرتقاء بمستوى معيشة الفئات الفقيرة من المجتمع الأفغاني.

ومنذ 2001، تخصص سويسرا كل عام 21 مليون فرنك، في شكل مساعدات للتنمية في افغانستان.

إلى موفى فبراير 2008، شارك ضابطان غلى اربع ضباط سويسريين في القوات الدولية لحفظ السلام في افغنستان. ولكن، منذ انسحابهما، تركزت الجهود السويسرية على المجال المدني.

خصصت سويسرا مليونيْ فرنك لدعم المسار الغنتخابي في أفغانستان، وسوف ترسل مراقبا لفترة قصيرة.

تنظم الإنتخابات الرئاسية والمحلية في أفغانستان يوم 20 أغسطس. ويعتبر حامد كرزاي الأوفر حظا للفوز مقابل منافسيه الرئيسيين عبدالله عبدالله ورمضان باشردوش، وأشرف غاني.

ولكن إذا لم يستطع كرزاي الفوز بخمسين في المائة من الاصوات، سوف يكون مضطرا لخوض دورة انتخابية ثانية ضد المنافس الذي سيحل في المرتبة الثانية.

من المنتظر ان يعلن عن النتائج الاولية في 3 سبتمبر، وعن النتائج النهائية أسبوعيْن بعد ذلك. وإذا ما تقرر تنظيم تنظيم دورة ثانية، فستكون الفاتح من اكتوبر المقبل.

وطبقا لجنة الإنتخابات الأفغانية المستقلة، يبلغ عدد الذين يحق لهم المشاركة في اقتراع يوم الخميس 15 مليون ناخب من عدد السكان البالغ 33 مليون.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية