مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

جمعة 18 نوفمبر.. بين مطلب تسليم السلطة وحقيقة استعراض القوة

شعار رفعه متظاهرون مصريون في ميدان التحرير يوم الأحد 6 نوفمبر 2011 الذي تزامن مع احتفال المصريين بعيد الإضحى. Keystone

ساعات محدودة وتنطلق في القاهرة فعاليات مظاهرة جديدة تحت عنوان "جمعة المطلب الوحيد"، كان فى البدء متعلقا بإعلان جدول محدد لتسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة..

.. ثم تطور إلى إسقاط ما يُعرف بوثيقة د. علي السّلمي، نائب رئيس الوزراء، وهي الوثيقة المتعلقة بمبادئ أساسية للدستور المصري الجديد، المقرر أن تصدره جمعية تأسيسية تشكل بعد الإنتخابات البرلمانية المقبلة.

بين هذين المطلبين، توجد عشرات المطالب الأخرى، بحيث أصبح الأمر مزيجا من استعراض القوة الحزبية وتحقيق أهداف انتخابية للتيارات السلفية ولحزب الإخوان المسلمين معا، ومحاولة إثبات الذات الثورية وتوظيف فرصة إعلامية لمتابعة الهجوم على المجلس العسكري والحكومة والتشكيك فى نواياه، كما هى عادة بعض الشخصيات والمنظمات الشبابية.

مطلب متناقض

يذكر أن مطلب تسليم السلطة وتحديد جدول صارم لها، لا يتعدى منتصف العام المقبل كما تطرحه القوى الاسلامية وبعض الإئتلافات الشبابية وشخصيات تطمح للرئاسة، يمثل لدى بعض المراقبين خروجا على الإعلان الدستوري.

وهنا يُطرح التساؤل: كيف يمكن إجراء انتخابات رئاسية دون صدور دستور يحدد طبيعة النظام السياسي ومهام رئيس الجمهورية وحدود دوره؟ اللهم إلا إذا أراد هؤلاء المتطلعون للرئاسة، قبل إصدار دستور محدد المعالم، أن يعيدوا تجربة حكم استبدادي واسع الصلاحيات وبلا رقابة أو محاسبة، مما لا يستقيم مع ثورة شعبية قامت ضد رئيس تمتع بصلاحيات واسعة، دون رقابة، فكان الحساب عسيرا. 

  

إضافة إلى ذلك، يتناقض هذا المطلب مع عملية تسليم السلطة التي بدأت بالفعل من خلال الدعوة إلى إجراء الإنتخابات البرلمانية، التي ستؤدي إلى تشكيل برلمان يقوم بالمهام الرقابية والتشريعية، يتلوها صياغة الدستور والإنتخابات الرئاسية في حدود ستة إلى ثمانية اشهر من تاريخ تشكيل الجمعية التأسيسية المكلفة بوضع الدستور، وهو جدول واضح بمستوياته المختلفة، وإن كان يتسم بقدر من المرونة من حيث الزمن وبما لا يزيد عن شهرين إلى أربعة اشهر.

وهنا يتوقف الأمر على مدى سرعة إنجاز الدستور والاستفتاء عليه. فإن انتهى الأمر من خلال  الجمعية التأسيسية في غضون ثلاثة اشهر، يصبح ممكنا إجراء الانتخابات الرئاسية في غضون نوفمبر 2012، وإن تأخر عمل الجمعية التأسيسية شهرين أو ثلاثة اشهر اخرى، سوف تجرى الإنتخابات الرئاسية في يناير 2013 على أقصى تقدير. ورغم وضوح عملية انتقال السلطة على هذا النحو، ينكر المعارضون وجودها.  

ضد مدنية الدولة

إختصارا، لم تعد جمعة المطلب الوحيد، وإنما المطالب المتعددة المتناقضة والمتضاربة. وفى المقابل، ترى القوى الرافضة للمشاركة في هذه التظاهرة أنها “مظاهرة عشوائية ليست محل اتفاق، وترتبط فقط بمصالح انتخابية ضيقة لأطراف بعينها”، كما أبدت تعجبها من رفض مبادئ أساسية للدستور تضمنتها وثيقة السّلمى، تعكس توافقا عاما – بغض النظر عن الخلاف حول مبدأين يتعلقان بالجيش – وتم التفاوض بشأنها فى الاشهر الماضية بين العديد من القوى السياسية وتوافقت عليها تيارات وقوى واحزاب عديدة، واعتبرت أن النزول إلى الشارع في هذا التوقيت الحرج قبل الإنتخابات البرلمانية بوقت قصير، لا علاقة له بالوثيقة القابلة للحذف والإضافة والتعديل، وانما برفض مبدإ مدنية الدولة ذاته، ومبدإ الدولة الديمقراطية الحديثة الذي لا تنازل عنه.

وثيقة د. السلمي وعنوانها الرسمي “مشروع مبادئ اساسية لدستور الدولة المصرية الحديثة”، هى نتاج لمزج 18 وثيقة سابقة أصدرتها قوى سياسية ليبرالية وإسلامية ومنظمات وشخصيات عامة، دارت جميعها حول مبادئ رئيسية لا خلاف عليها، يفترض أن يتم تضمينها فى الدستور الجديد، تعكس التوافق الشعبي العام وتمنع احتمال أن تصوغ الدستور أغلبية برلمانية من لون سياسي وإيديولوجي واحد، لما في ذلك من خطر داهم على الدولة المصرية ذاتها.

بهذا المعنى، لا توجد خلافات كبرى إزاء الوثيقة ذاتها، فمبادِئُـها تدور حول هوية الدولة المصرية، باعتبارها دولة مدنية ديمقراطية تحمى حقوق الانسان وتمنع التمييز لاي سبب كان، وتلتزم الحريات والمواطنة، ودينها الاسلام ولغتها العربية، وتيكد حق تابعي الاديان الاخرى الاحتكام لشرائعهم، دون تدخل أو افتئات.    

وثيقة “إلزامية” أم “استرشادية”؟

ورغم التوافق الوطني العام على هذه المبادئ، ثار الجدل الكبير على مستويين: الأول، ما يتعلق بمدى إلزامية الوثيقة. والثاني، حول بعض المبادئ التفصيلية.

فيما يتعلق بإلزامية الوثيقة، ظهر تياران عريضان: الأول، نادت به قوى مدنية وليبرالية، دعت إلى إصدار الوثيقة بعد تعديل البنود الثلاثة محل الإختلاف، في صورة إعلان دستورى مكمل، حتى يصبح لها قوة الإلزام وبما يحمي مدنية الدولة، وإلا فلا معنى لها إن ظلت مجرد وثيقة استرشادية يمكن الاطاحة بها عند الضرورة. أما التيار الثاني، وتمثله القوى الاسلامية، فيُـصِـر على أن الوثيقة استرشادية بوجه عام والالتزام بها، هو أمر معنوي لا أكثر و لا أقل، ولمن يوقع عليها فقط، ولا تلزم أي قوة ترفض الوثيقة كلا أو جزءا، وأنها فى كل الأحوال محاولة للإطاحة بثمار الفوز الانتخابي المتوقعي.

يلاحظ هنا أن الإختلاف حول حجم الالتزام بمبادئ أساسية في الدستور الجديد، مرتبط أساسا بخلاف إيديولوجي عميق حول هوية الدولة المصرية، وهل ستكون دولة دينية ام مدنية ديمقراطية أم مدنية ذات مرجعية إسلامية؟ ومرتبط أيضا بتخوّفات عميقة تسود التيار المدني بوجه عام، بأن تأتي الانتخابات البرلمانية بأغلبية دينية لا تراعي الحقوق والحريات والتنوع الاجتماعي والفكري والسياسي الموجود في المجتمع، وتستغل المشاعر الدينية وتدني المستوى التعليمي لقطاعات عريضة من المصريين في الانقلاب على الهوية المدنية للدولة المصرية.

وفي هذا السياق، تجئ تصريحات وفتاوى رموز سياسية إخوانية وسلفية دعت إلى اعتبار من يصوتون لغير الاسلاميين “آثمين شرعا”، لتزيد من حجم القلق العام وترسخ الإنطباع بأن القوى الاسلامية تستغل الدين لأغراض دنيوية عابرة ولمصالح خاصة بفئة معينة، وانها لا تؤمن بالتنوع وتجاهر بتكفير الآخر بكل سهولة، وتعمد إلى إقصاء المختلفين معها وترنو إلى إصباغ المجتمع قسرا بصبغة معينة.

ثلاثة مبادئ جدلية

مستوى الاختلاف الثانى، تتعلق بثلاثة مبادئ تضمنتها الوثيقة، مبدآن منهما يتعلقان بالقوات المسلحة، إضافة إلى مبدإ يتعلق بتشكيل الجمعية التأسيسية التي ستكلف صياغة الدستور الجديد.

وهنا حدث الخلط المتعمد من قبل قوى إسلامية وسلفية بين المبادئ المتفق عليها وبين تقنين دور القوات المسلحة في الدستور المنتظر وكيفية مراقبة وظائفها وحجم السرية الذي يجب الالتزام به عند البحث في أمور تخص الجيش وتتعلق بالأمن القومي.

امتد الخلط بين ما يقوم به المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة البلاد والجدل حول بعض القرارات الجارية، وبين دور القوات المسلحة كمؤسسة قومية وظيفتها الرئيسية حماية البلاد، أرضا وشعبا، وردع مصادر التهديد المختلفة، وهو ما أوقع بسطاء المواطنين في ارتباك شديد.

الإنتقاد البارز للمبدأين المتعلقيْـن بالقوات المسلحة، كان أنهما يجعلان هذه المؤسسة فوق القانون وفوق الدستور ودولة فوق الدولة، وتمحورت بعض المطالب حول اخضاع كامل للقوات المسلحة للرقابة البرلمانية المفتوحة، أو تعديل هذه البنود، بما يوفر السرية المطلوبة للأمور الخاصة بالقوات المسلحة باعتبارها مؤسسة ذات وضع خاص من جانب، وإيجاد صيغة للرقابة البرلمانية المنضبطة على أعمالها، من جانب آخر.

ومع أنه بذلت محاولات للتوصل إلى صيغ توافقية تراعي إبعاد شؤون القوات المسلحة عن التجاذبات الحزبية والبرلمانية، إلا أنها لم تصل إلى نهايتها بعد.

مغالبة وليست مشاركة

من جهة أخرى، كان الإنتقاد البارز من القوى الاسلامية تحديدا للمبدإ المتعلق بأسس تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، أنها تلغي الإرادة الشعبية القائمة على الإنتخاب.

فوفقا لما ورد في مشروع وثيقة د. السلمي، أن تشكيل هذه الجمعية التأسيسية ذات المائة عضو، يجب أن يشمل كل فئات المجتمع من نقابات ومنظمات سياسية وأن يكون 80 عضوا فى الجمعية التأسيسية من ممثلين عن المؤسسات المختلفة والمجتمع المدنى والإعلاميين والفنانيين والفلاحين والعمال والأكاديميين والقضاة، ويأتى العشرون الباقون من البرلمان المنتخب، وبحيث لا يزيد الممثلون عن تيار معين داخل البرلمان بعينه عن خمسة ممثلين، وتترك الفرصة لباقي التيارات أن يكون لها ممثلوها.

الإسلاميون لم يرضوا بهذه الصيغة، إذ يعتقدون أنهم سوف يحصلون على الأغلبية الكاسحة في البرلمان الجديد، وبالتالي، سيكون لهم الحق في تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، وسيكون لهم الحق في وضع الدستور الذي يعكس تصورهم للدولة المصرية باعتبارهم الأغلبية.

عند هذا الحد تبخرت كل المقولات التي أطلقتها رموز إسلامية من قبل حول المشاركة وليست المغالبة، وظهر الأمر على حقيقته كمغالبة وليست مشاركة. كما تبخرت تماما كل نوايا التوافق الوطني حول الأمور الجوهرية بين الاسلاميين والليبراليين. ومن ثم كان طبيعيا أن تعلن قوى حزبية رئيسية في التيار الليبرالى، كحزب الوفد والأحرار المصريين والناصريين والجبهة المصرية للتغيير السلمي وغيرهم، عن امتناعها عن المشاركة في جمعة المطالب المتناقضة. بينما شاركت ائتلافات شبابية، معتبِـرة أن هذه المشاركة ضرورية، حتى لا تترك ميدان التحرير لتيار بعينه، بما يعطي انطباعا خاطئا عن الثورة ومصيرها.

يلفت النظر هنا أن محاولات البحث عن مخرج للمبادئ الثلاثة محل الاختلاف، كانت تتم تحت تهديد القوى السلفية وحزب الحرية والعدالة الإخواني بالنزول إلى الشارع لإسقاط الوثيقة تماما وإبعاد د. السلمي عن الحكومة، مما جعل الأمر أقرب إلى حلبة ملاكمة بلا ضوابط، وليس مباحثات سياسية من أجل التوافق لما يحمي الوطن ويجنبه مخاطر المواجهة الشعبية.

بروكسل (رويترز) – قالت أول مرشحة محتملة للرئاسة في مصر يوم الثلاثاء 16 نوفمبر 2011 إن المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد يخنق الامل في التغيير ولا يمكن الوثوق به لادارة انتقال البلاد إلى الديمقراطية.

وقالت ايضا انها قلقة جدا من خوض احد قيادات الجيش لسباق الرئاسة.

وقالت بثينة كامل لرويترز عبر الهاتف “أعلنوا في البداية أن الانتخابات الرئاسية ستكون في أبريل 2012. والان يعلنون أنها ستكون في 2013.”

وقالت بثينة التي تقود حملتها الانتخابية ببرنامج لمحاربة الفساد والحد من الفقر “لا يمكننا الوثوق (بالمجلس العسكري)… انهم يقتلون كل أملنا.”

وكانت بثينة تتحدث من ستراسبورغ (شرق فرنسا) حيث حضرت جلسة استماع في البرلمان الاوروبي بشأن التقدم في مصر بعد الاطاحة بحسني مبارك الذي حكم البلاد على مدى ثلاثة عقود.

وقال كبار قادة الجيش في البداية انهم سيتخلون عن السلطة بعد ستة اشهر من الانتفاضة الشعبية لكنهم قاموا بتمديد الفترة الانتقالية لاتاحة الفرصة للاحزاب السياسية لحشد التأييد قبل الانتخابات.

ومن المقرر أن تبدأ انتخابات مجلس الشعب يوم 28 من نوفمبر 2011 على مراحل وان تجرى الانتخابات الرئاسية اما في نهاية عام 2012 أو 2013.

وعبرت المرشحة المحتملة للرئاسة عن قلقها من خوض المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة لانتخابات الرئاسة.

وقالت “الان لدينا حملة لهذا في مصر… حملة المشير طنطاوي رئيسا.”

وكانت حملة يديرها شباب تسمى “مصر فوق الجميع” قالوا انها تهدف الى جمع مليون توقيع لدعم طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتألف من 24 عضوا. ولم يعلق المجلس العسكري على هذه الحملة.

وقبل خوض غمار السياسة كانت بثينة مذيعة تلفزيونية واذاعية شهيرة. وقدمت في السابق برنامج “اعترافات ليلية” في الاذاعة الذي حظرته الحكومة لاسباب دينية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 16 نوفمبر 2011)

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية