مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تبحث عن استراتيجية جديدة لحل أزمة المُحتجزيْن في ليبيا

tsr

تكثر التكهنات حول الأسلوب الذي ستنتهجه سويسرا مستقبلا في التعاطي مع أزمتها الدبلوماسية مع ليبيا.. حملة إعلامية قوية، الإستعانة بدول ومنظمات أجنبية، فرض عقوبات، أم تعزيز الجهود دبلوماسية.

وبعد أسبوع من انتهاء أجل الستين يوما الذي حُدّد من قَبل كموعد نهائي لتطبيع العلاقات بين البلديْن، تظل الخطة الجديدة للحكومة السويسرية لضمان إطلاق سراح رجليْ الأعمال السويسريين المحتجزيْن في ليبيا طيّ الكتمان.

وسبق لوزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي-ري أن اتهمت ليبيا بـ “اختطاف” الرجليْن، اللذين مُنعا من مغادرة طرابلس طيلة 15 شهرا، جرت خلالها العديد من التطوّرات بشان حادثة اعتقال هنيبال، نجل الزعيم الليبي، على يد شرطة جنيف (في منتصف يوليو 2008)، لكن ليبيا رفضت تهمة الإختطاف التي وجهتها إليها وزيرة الخارجية السويسرية.

وبالنسبة لإيمانوييل ألتيت، محامي الممرضات البلغاريات الخمس اللاتي سُجِنّ في ليبيا طيلة ثماني سنوات بتهمة التسبب عمدا في إصابة مئات الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز، الحل بسيط، إذ قال في حديث إلى swissinfo.ch: “على سويسرا أن تخرج نفسها من الفخ الذي وقعت فيه، إذ أصبحت الحكومة الطرف الأساسي في هذه القضية”. “لابد أن يحتل الرهينتان وعائلتاهما مقدّمة المشهد. ويجب أن يكون هذا الأمر جزء من خطة شاملة لتحسيس وسائل الإعلام، وتعبئة الرأي العام، وممارسة الضغوط على السياسيين”.

مواقف عامة

وخلال البرنامج الحواري الأسبوعي “أنفراروج” الذي تبثه قناة التلفزيون السويسري الروماندي الناطقة بالفرنسية TSR، ظهرت لأول مرة يوم الأربعاء الماضي السيدة برونا حمداني زوجة رجل الأعمال السويسري من اصل تونسي رشيد حمداني، المحتجز في ليبيا.

وعبرت السيدة حمداني عن نيّتها في اتخاذ مواقف عامة علنية في المستقبل، وأنها تنوي الإستعانة “بنصائح الخبراء”.

وأضافت قائلة: “إنني مستعدة لملاقاة عائلة القذافي بأكملها إذا اقتضى الأمر”، و”أنا أتفهّم” أن كرامتهم قد جرحت، وأن لديهم ما يعيبونه علينا، لكن زوجيْنا لا دخل لهما في كل ذلك”.

وخلال البرنامج التلفزيوني، دعا جون تسيغلر، الخبير السويسري في الشؤون الليبية، وعضو اللجنة الإستشارية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، سويسرا إلى التقدم بشكوى رسمية ضد ليبيا لدى محكمة العدل الدولية بلاهاي لانتهاكها لإتفاقية فيينا، المنظمة للعلاقات الدبلوماسية بين مختلف الدول.

أما لوك بارثاسات، النائب البرلماني عن الحزب الديمقراطي المسيحي والعضو بلجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان، فقد اعتبر أن الوقت قد حان للخروج من هذا الوضع، وفرض عقوبات اقتصادية، والحد من منح تأشيرات الدخول إلى فضاء شنغن. وقال بارثاسات في هذا السياق: “إن عائلة القذافي حساسة جدا إزاء هذا النوع من الإجراءات. بإمكاننا أن نعترض على الرحلات الجوية بين طرابلس وباريس”.

مساعدة طرف ثالث

وخلال ندوة صحفية عقدت الأسبوع الماضي، تخلت السيدة كالمي- ري عن تحفظها المعهود، وتحدثت بوضوح عن “اختطاف”، و”احتجاز”، و”انتهاك” للمعاهدات الدولية.

ورغم ميزة التشدد التي تطبع الخطاب الرسمي السويسري، لم يعلن عن أية عقوبات، أو يُكشف عن أية تفاصيل تتعلق بالخطة السويسرية المستقبلية في التعامل مع ليبيا.

لكن المراقبين ينتظرون حصول تغيير في الفترة القريبة. وخلال أزيد من عام ظلت سويسرا معزولة على الساحة الدولية في خضم مشاحنة دبلوماسية. إلا أنه خلال الأسبوع الماضي، تطرقت دولتان علنا إلى الأزمة الليبية السويسرية.

ففقد أوضح السفير الأمريكي دونالد بيير في حديث مع صحيفة “دي زود أوست شفايتس” (تصدر بالألمانية في خور بكانتون غراوبوندن) في عدد يوم الثلاثاء 27 أكتوبر 2009 بأن الولايات المتحدة الأمريكية تتابع عن كثب وضع الرجليْن السويسرييْن المحتجزيْن في ليبيا، وأنها “سوف ترحّب بعودتهما إلى بلدهما”. لكن السفير الأمريكي لم يتوقّف كثيرا عند المساعدة التي يمكن أن يقدمها بلده في هذا المجال.

كما أشار في الأسبوع نفسه وزير الخارجية الإسباني ميغيل موراتينوس إلى أن بلاده قد تميل إلى التوسط بين البلديْن. وقال الوزير الإسباني، الذي سوف تتولى بلاده الرئاسة الدورية للإتحاد الاوروبي في يناير القادم، إن إسبانيا تربطها علاقات جيّدة بكل من طرابلس وبرن.

وخلال زيارة له لبرن يوم الأربعاء 21 أكتوبر 2009، صرح الوزير الإسباني لصحيفة “كورييري ديل تيتشينو” (تصدر بالإيطالية في موتسانو) أنه يريد أن ينتظر ليرى إذا ما توصلت الدبلوماسية السويسرية لتحقيق نتائج، مشددا على أن إسبانيا سوف ترد إيجابيا على أي طلب مساعدة بهذا الشأن.

من جانبه، أوضح ممثل منظمة المؤتمر الإسلامي في جنيف السفير بابكر با في حديث مع swissinfo.ch أن المنظمة التي تضم ليبيا من بين أعضائها، مستعدة للتوسط في الخلاف الليبي السويسري لو طُلب منها ذلك.

ليست معزولة

الحكومة السويسرية لم تُعلـّق على هذه الاستعدادات للتوسط، وسبق أن أشارت إلى أن محاولات أطراف ثالثة للتدخل سابقا قد باءت بالفشل، مشددة على أن الليبيين قد أعربوا عن رغبتهم في حل المشكلة ثنائيا.

وقالت النائبة كاتي ريكلين من الحزب الديمقراطي المسيحي في حديث إلى صحيفة “تاغس أنتسايغر (تصدر بالألمانية في زيورخ) أن على سويسرا “انتهاز أي إشارة أمل”، لكنها أضافت: “انفراج الأزمة ظل صعب التحقق”.

وبالنسبة لحسني عبيدي، مركز الدراسات و البحوث حول الوطن العربي ودول المتوسط في جنيف: “رغم أن إعلان منظمة المؤتمر الإسلامي عن استعدادها للوساطة بين ليبيا وسويسرا ليس في الحقيقة سوى “إعلان استعداد، ليس أكثر”، فإن الإشارات التي أطلقتها بعض الدول في هذا الإتجاه تبيّن أن سويسرا “ليست معزولة إلى الحد الذي يزعم البعض”.

واستطرد العبيدي قائلا: “المؤتمر الصحفي الأخير الذي ترأسه ثلاثة وزراء من الحكومة الفدرالية، والتصريحات العامة التي أدلت بها عائلتا المحتجزيْن في ليبيا، فهمت من الحكومات الغربية على أنها إشارة خضراء للتعبير عن مواقفها”. وأضاف الخبير بأن سويسرا تمتلك العديد من الأوراق التي بإمكانها استخدامها.

ويختتم حسني عبيدي بالتأكيد على أن “ليبيا ليست مستعدة للعودة إلى الفترة المظلمة، أيام الحصار والعقوبات، وحالة العزلة الدولية، و لا أن تكون موضع تحقيق دولي”.

سايمون برادلي – swissinfo.ch

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

15 يوليو 2008: توقيف هانيبال القذّافي أحد أبناء الزعيم الليبي معمر القذافي وزوجته الحامل في شهرها التاسع بفندق فخم بجنيف على إثر اتهامهما من قبل اثنين من الخدم الخاص بسوء المعاملة والضرب.

17 يوليو 2008: إطلاق سراح الزوجين بعد يومين من الاعتقال.

19 يوليو 2008: السلطات الليبية توقف شخصين سويسريين بتهم مزعومة تتعلق بعدم احترامهما قوانين الإقامة والهجرة وغيرها.‏

‏23 يوليو 2008: ليبيا تهدد بوقف الإمدادات النفطية إلى سويسرا.

26 يوليو 2008: ليبيا تطالب سويسرا بالاعتذار ووقف الملاحقة الجنائية لنجل القذافي وزوجته.

29 يوليو 2008:
الإفراج عن السويسريين المعتقلين، مقابل دفع كفالة مالية لكن السلطات رفضت السماح لهما بمغادرة الأراضي الليبية.

5 أغسطس 2008:
المتحدث باسم الخارجية السويسرية يعلن أن “طرابلس تشترط تقديم اعتذارات عن الطريقة التي تمت بها معاملة هانيبال القذافي وزوجته لدى اعتقالهما يوم 15 يوليو الماضي في جنيف”.

20 أغسطس 2009:
رئيس الكنفدرالية هانس -رودولف ميرتس يقدم اعتذاره للسلطات الليبية في ندوة صحفية في طرابلس بعد زيارة خاطفة، ويوقع على اتفاق مع رئيس الوزراء الليبي البغدادي علي المحمودي لحل الأزمة.

25 أغسطس 2009:
توجهت طائرة تابعة لسلاح الجو السويسري إلى ليبيا بعد الحصول على موافقة السلطات من أجل إعادة المواطنيين السويسريين المحتجزين واللذان حصلا بالفعل على جوازي سفرهما وعلى تأشيرة الخروج من ليبيا.

31 أغسطس 2009:
عودة الطائرة بدون الرهائن رغم تأكيدات خطية من الوزير الأول الليبي.

22 أكتوبر 2009:
بعد يومـين من انقضاء مهلة الستين يوما لتطبيع العلاقات بين برن وطرابلس، رئيس الكنفدرالية هانس-رودولف ميرتس ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري يعبران في مؤتمر صحفي عن غضبهما إزاء “رفض (ليببا) المنهجي” للتعاون لتسوية الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية