مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في جنيف.. انتقادات متبادلة بين ليبيا ولجنة الحقوق السياسية والمدنية

swissinfo.ch

ليبيا تشدد أمام لجنة أممية لحقوق الإنسان، على أن العهد الخاص بالحقوق السياسية والمدنية محترم والحريات مصانة في القوانين الليبية ولم يتردد وفد الجماهيرية في انتقاد طريقة عمل اللجنة الأممية.

في المقابل، رأى خبراء اللجنة أن تقرير الجماهيرية الرابع وأجوبة أعضاء الوفد لا تجيب على التساؤلات المطروحة بخصوص تطبيق العديد من بنود العهد، كما اعتبروا أن من صلاحياتهم التعبير عن استيائهم، وطالبوا بالحصول على أجوبة إضافية مكتوبة.

قدمت الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى تقريرها الرابع أمام لجنة العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية في جنيف يومي 17 و 18 أكتوبر بحضور وفد مكون من تسعة أعضاء برئاسة محمد ابو سيف رئيس فرع المجلس الاجتماعي والاقتصادي بإدارة المنظمات الدولية باللجنة الشعبية للاتصالات الخارجية والتعاون الدولي.

سيادة القانون ولا تعارض بين الشريعة والعهد

وجاء في التقرير أن “الوثيقة الخضراء الكبرى لحقوق الإنسان والإعلان الدستوري يحددان مبادئ نبيلة ترتكز عليها السياسة التشريعية” في البلاد. كما شدد أعضاء الوفد على أن ليبيا “بلد القانون، وأن هناك مساواة بين الرجل والمرأة، وان حق المواطنة مقدس، وأن النظام القضائي مستقل كلية، وأن أمام المواطنين الليبيين حرية التجمع في نقابات وجمعيات أخرى، وأن هناك اعترافا بالحق في العمل والسكن للجميع”.

أعضاء الوفد الليبي الذين ذكٌروا مرارا بان ليبيا كبلد إسلامي تعتمد في قوانينها على الشريعة الإسلامية، ذهبوا الى حد التصريح بان “ما جاء في العهد الدولي موجود في القوانين الليبية منذ أكثر من 1400 سنة، وهي بذلك مطابقة لبنود العهد من جهة ومع تعاليم الشريعة الإسلامية من جهة أخرى”.

تساؤلات كثيرة عن ممارسات لها علاقة بالشريعة

خبراء اللجنة الأممية طرحوا من جانبهم عدة تساؤلات كتابية وشفهية بخصوص بعض الممارسات التي تعتمد على الشريعة (مثل الحدود والقصاص، والحق في الميراث) ومعاملة المرأة (مثل العنف المنزلي والاغتصاب وتجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزوجية والإجبار على إجراء فحوص البكارة).

هذه التساؤولات جاء الرد عليها ضمن التقرير الذي جاء فيه أنه “كون الإسلام دين الدولة، لا يمنع معتنقي الأديان الأخرى من ممارسة شعائرهم بضمان من القانون”.

وفيما يخص مسألة العنف ضد المرأة، أفاد أعضاء وفد الجماهيرية بأن “القوانين الليبية تلحق عقوبات كبرى بمرتكبي العنف ضد المرأة”، لكن فيما يتعلق بالزنا فقد أشاروا إلى أن “القانون 70 لعام 1993 مستمد من القرآن وأن ضمان حرية المعتقد لا يعني السماح بممارسة الزنا في المجتمع”. وعن إجبار الفتيات على إجراء اختبارات بكارة، رد أعضاء الوفد بأن ذلك “يتم فقط في حالات الاغتصاب”.

ودارت بين أعضاء الوفد وخبراء لجنة حقوق الإنسان المكلفة بمراجعة مدى تطبيق الدول لبنود العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية مناقشات مطولة حول القصاص والحدود وتطبيق عقوبة الإعدام وتطبيق ميثاق الشرف.

وقد اكتفى أعضاء الوفد بتقديم توضيح مفاده أن “العقوبات الحدية مثل الجلد أو بتر الأعضاء، لا تطبق إلا في جرائم محددة وهي السرقة والزنا والحرابة”، وأضاف أعضاء الوفد الليبي بأن “عقوبة الإعدام اقتصر تطبيقها خلال السنوات الخمس الماضية على جرائم القتل المتعمد فقط”. وانتهى الوفد الى التأكيد على أن ليبيا “لا تنوي التخلي عن هذه العقوبة”، كما نوه أعضاء الوفد إلى أن “الدية تسمح بالتقليل من تطيق عقوبة الإعدام”.

الإرهاب والحبس التعسفي والإختفاء والتمييز..

من التساؤلات التي وجهها خبراء لجنة حقوق الإنسان لأعضاء الوفد الليبي، معتمدين في ذلك على تقارير بديلة قدمتها عدة منظمات مدنية ليبية أغلبها مقيم في الخارج، حول كيفية احترام محاربة الإرهاب في غياب تحديد دولي مدقق للإرهاب وفي عدم اكتمال مشروع قانون العقوبات في ليبيا. بينما طالب خبير آخر بضرورة تقديم إحصائيات مدققة عن عدد المفقودين او الذين تعرضوا لإعدامات جماعية او الموجودين في حالة اعتقال بدون تقديمهم للمحاكمة منذ سنوات.

فقد أشارت منظمات غير حكومية دولية مثل هيومان رايتس ووتش الى أن “258 شخص يوجدون رهن الاعتقال السري وان بعضا منهم توفي في ظروف غامضة”. كما اثار خبير قضية اختفاء عمر الكيخيا في عام 1993. ولم يفت أعضاء لجنة حقوق الإنسان إثارة موضوع الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني واتهامات تعرضهم للتعذيب ومطالبتهم بتوقيع وثيقة للتخلي عن اية متابعة بسبب التعذيب مقابل الإفراج عنهم.

جواب الوفد الليبي حول الإعدامات والحبس التعسفي اقتصر على أن “ليبيا دولة تحكما سيادة القانون، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وأن الحبس فقط لمن تشكل حريته خطرا أو فسادا على الآخرين”.

وفيما يتعلق بعدم اعتماد مشروع قانون العقوبات حتى الآن، اكتفى الوفد بالرد بأن “مشروع قانون العقوبات لم يُعتمد حتى الآن ولا يوجد مشروع لقانون الإجراء الجنائية”. ونفس الرد أتى بخصوص قانون المنشورات والمطبوعات الذي من المفروض أن يحدد مجال حرية التعبير والرأي والذي عبر الوفد بأنه “لا يزال قيد الدراسة”، وهو ما أثار استغراب عدد من الخبراء الذين أعادوا التساؤل مرارا عن المدة التي قد تستغرقها هذه المراجعة المتواصلة منذ سنوات، ومدى تأثير ذلك على تطبيق الجماهيرية لبنود العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية.

بخصوص التمييز ضد الأقليات وبالأخص ضد الأقلية الأمازيغية، أثار خبير استنادا الى تقارير منظمات غير حكومية من بينها المؤتمر الأمازيغي العالمي، موضوع “رفض تسجيل أبناء الامازيغ في المدارس الى أن يغيروا أسمائهم الى أسماء عربية”، وهو تساؤل رد عليه الوفد بالقول بأنه “لا أساس له من الصحة”.

أما فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، فقد طرح عدة خبراء تساؤلات بخصوص سياسة محاربة الإرهاب الممارسة في ليبيا وكيفية تعريف طرابلس للإرهاب في غياب تعريف دولي له، وقد رد على ذلك أعضاء الوفد بالإشارة إلى أن حالات الإرهاب تطبق عليها قوانين “العصابات الإجرامية والسطو باستعمال السلاح”. وقد تساءل خبير عن كيفية احترام حقوق المتهمين بالإرهاب عندما يعلن رئيس الدولة نفسه بأن “لا احترام لحقوق الإرهابيين”؟!.

وبخصوص المطالبين بقوائم عن حالات الإعدامات وعن عدد المعتقلين السياسيين في السجون، وعد الوفد الليبي بتقديم تلك القوائم فيما بعد.

ونفس الاستغراب أثارته ردود أعضاء الوفد بخصوص حالات اختفاء محددة مثل حالة اختفاء يوسف المغريسي (1989) والكيخيا (1993)، حيث اكتفوا بالقول بأنه “ليست لديهم معلومات”، وهو ما دفع خبيرا للرد قائلا: “لا يمكننا الاكتفاء برد يقول أنه ليست لدينا معلومات”.

انتقادات متبادلة

من الأوضاع النادر حدوثها أثناء تقديم تقارير الدول أمام اللجان الأممية المكلفة بمتابعة تطبيق الدول المتعاقدة لبنود الصكوك الدولية والمعاهدات، تحول الجلسة الى مجال لتبادل الانتقادات بين الطرفين، لكن هذا ما حدث بالفعل أثناء تقديم تقرير الجماهيرية الرابع بحيث تبادل الوفد الليبي مع اعضاء اللجنة انتقادات حادة.

فقد اعتبر الوفد أن تلميحات الخبراء إلى أن التقرير الليبي لم يجب على التساؤلات المطروحة هو “عبارة عن تقديم بعض الخبراء لأحكام مسبقة بخصوص التقرير الليبي، وأن ذلك يتعارض مع قوانين عمل اللجنة”، وهو ما رد عليه بعض الخبراء بالقول “إنهم أدرى بقوانين عمل اللجنة وأنه من حقهم التعبير عن عدم رضاهم إذا وجدوا أن الأجوبة المقدمة غير واضحة بما فيه الكفاية”.

وفي انتظار إصدار اللجنة لتوصياتها النهائية لخص رئيس اللجنة رفائيل ريفاس بوسادا حصيلة عرض التقرير الرابع للجماهيرية بالتساؤل عما إذا “كانت القوانين الداخلية في ليبيا تتماشى والعهد الدولي، وعما إذا كانت الممارسات الواقعية في ليبيا مطابقة لبنوده؟”.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

السيد محمد أبو يوسف: رئيس قسم المجلس الاقتصادي والاجتماعي بإدارة المنظمات الدولية باللجنة الشعبية للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي

السيد عبد العزيز الدربي: عضو اللجنة الشعبية العامة للقوى العاملة والتكوين والعمل

السيدة حسنية ماركوس: وزيرة مفوضة بالبعثة الليبية لدى الأمم المتحدة في جنيف

السيدة فائزة باشا: إدارة الشؤون الإجتماعية، مؤتمر الشعب العام

د. الفيتوري التومي: اللجنة الشعبية العامة للصحة والبيئة

د. عبد الكريم زمونة: اللجنة الشعبية العامة للتعليم العالي

السيد عبد الرحمن الجطلاوي: المندوب الإجتماعي

السيد عادل المجدوب: اللجنة الشعبية العامة للعدالة

السيد عيسى ابو ستة: الإدارة القانونية والمعاهدات باللجنة الشعبية العامة للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي.

يتكون نظام الأمم المتحدة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان من نوعين أساسيين من الآليات : آليات منشأة بموجب ميثاق الأمم المتحدة ، وتتضمن لجنة حقوق الإنسان، وآليات منشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان الدولية. وتلقى أغلب هذه الآليات دعم وظيفي من فرع المعاهدات واللجنة التابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان.

آليات منشأة بموجب الميثاق

– لجنة حقوق الإنسان
– الاجراءات الخاصة للجنة حقوق الإنسان
– اللجنة الفرعية لتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها

آليات منشأة بموجب المعاهدات

هناك سبعة آليات منشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان لمتابعة تنفيذ بنود مجموع المعاهدات العالمية لحقوق الإنسان.

– اللجنة المعنية بحقوق الإنسان (HRC)

– لجنة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية (CESCR)

– لجنة القضاء على التمييز العنصري (CERD)

– لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة (CEDAW)

– لجنة مناهضة التعذيب (CAT)

– لجنة حقوق الطفل (CRC)

– اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين (CMW)

انقر هنا لنظرة عامة على آليات معاهدات حقوق الإنسان

وتقبل أربعة من هذه اللجان (اللجنة المعنية بحقوق الإنسان ، لجنة القضاء على التمييز العنصري، لجنة مناهضة التعذيب، لجنة القضاء على التمييز ضد المرأة ) طبقا لشروط معينة ، ادعاءات من الأفراد الذين يزعمون بانتهاكات لحقوقهم المكفولة بموجب المعاهدات. مزيد من المعلومات.

تنسق آليات المعاهدات أنشطتها من خلآل اجتماع سنوي لرؤساء هيئات الاشراف على معاهدات حقوق الإنسان ومن خلال الاجتماعات بين اللجان. مزيد من المعلومات.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية