لا سرية تعلو على السرية المصرفية
بأغلبية 113 صوتا مقابل 69، أيد مجلس النواب الفدرالي بادرة حزب الشعب السويسري الداعية إلى ترسيخ السرية المصرفية في الدستور الفدرالي السويسري.
وتهدف البادرة إلى تعزيز موقف الحكومة الفدرالية بوجه الضغوط الدولية المتصاعدة منذ سنوات لرفع السرية المصرفية.
تواجه سويسرا منذ سنوات عديدة ضغوطا دولية متصاعدة، خاصة من جانب الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة والتنمية الاقتصادية، من أجل رفع السرية المصرفية التقليدية للبنوك السويسرية.
لكن المفاوضين السويسريين نجحوا حتى الآن في الدفاع دفاعا مستميتا عن هذه السرية التي تعتبر حجر الأساس لشهرة المركز المالي السويسري أولا وللرخاء والازدهار في سويسرا بالتالي.
في المقابل، لم تجد السلطات السويسرية بـدّا من تقديم بعض التنازلات في مجالات عِدّة، حيث أعربت مكررا خلال السنوات القليلة الماضية، عن الاستعداد لرفع السرية المصرفية في حالات معيّنة وبعد الحصول على إثباتات لا يرقى إليها الشك بشأن شبهات تتعلق بعمليات غسيل الأموال أو بتمويل الإرهاب واختلاس الأموال العامة وغيرها.
وفي المفاوضات الشائكة والطويلة والتي لا تزال معلقة مع الاتحاد الأوروبي، ترفض الحكومة السويسرية رفضا قاطعا التبادل التلقائي أي الأوتوماتيكي للمعلومات مع السلطات المالية والضرائبية في بلدان الاتحاد الأوروبي بهدف مكافحة التهرب من دفع الضرائب على رؤوس المال المستثمرة خارجة بلدان الاتحاد.
فالتهرب من دفع الضرائب هو أمر والتزييف الضرائبي هو شيء آخر، من وجه النظر القانونية السويسرية التي لا تتطابق في هذه الحالات مع ما هو معمول به في الاتحاد الأوروبي.
ويرجع هذا الوضع لحقيقة أن التهرب من الضرائب على سبيل المثال، يعتبر جُنحة إدارية تترتب عليها مخالفات أو غرامات مالية في سويسرا، وليس جناية من الجنايات العادية التي تترتب عليها الغرامات المالية وعقوبات السجن، كما هو الحال في بلدان الاتحاد الأوروبي.
الخصوصيات الشخصية .. محمية
وعلى هذا الصعيد بالذات، تمكن المفاوضون السويسريون من إقناع بروكسل مؤقتا على الأقل، بالاكتفاء بالحصول على نسبة محددة تقتطعها السلطات اسويسرية المسؤولة مباشرة لصالح بلدان الاتحاد الأوروبي، من عوائد رؤوس مال مواطني الاتحاد في البنوك السويسرية دون تقديم أية معلومات عن زبائن تلك البنوك.
وعلى هذه الخلفية، يريد حزب الشعب السويسري اليميني بهذه البادرة الداعية لترسيخ السرية المصرفية في الدستور الفيدرالي، ومعه الأوساط البرجوازية التي أعربت عن تأييدها للبادرة في مجلس النواب الفيدرالي، القول للحكومة الفيدرالية ولشركائها في المفاوضات الدولية، إن هذا هو الحد الأقصى لأية تنازلات سويسرية في هذه المجالات.
عدا ذلك يرى حزب الشعب وقطاعات هامة من الأحزاب البرجوازية خطرا وتهديدا لمكانة الساحة المالية السويسرية، وأن الضغوط الرامية لحمل سويسرا على رفع السرية المصرفية لا تستهدف مكافحة غسيل الأموال والإرهاب أو الجريمة المنظمة، وإنما تستهدف الساحة المالية السويسرية بالذات.
المعارضة للبادرة لا تعني التأييد لرفع السرية المصرفية أو للتنازل عن السيادة السويسرية، وإنما لإدراج هذه السرية اسما وحرفا في الدستور الفدرالي، باعتبار هذا الدستور يوفر الحماية الضرورية والكافية للحياة والخصوصيات الشخصية.
كما ترى المعارضة في هذه البادرة التي سترفع الآن إلى اللجنة البرلمانية المختصة بإعداد النصوص الدستورية المقترحة، خطوة تهدد السياسات السويسرية الخارجية بالشلل، مما قد يزيد من عزلة الكنفدرالية في أوروبا والعالم.
سويس إنفو
بأغلبية 113 صوتا مقابل 69، وافق مجلس النواب الفيدرالي السويسري على بادرة تقدم بها حزب الشعب اليميني، تطالب بترسيخ السرية المصرفية في الدستور الفيدرالي. لكن الأوساط المعارضة للبادرة، وعلى رأسها الحزب الديمقراطي الاشتراكي، تقول، إنها مجرّد مناورة لشل السياسات الخارجية السويسرية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.