مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

خطوة صغيرة نحو الشفافية في الحياة السياسية السويسرية

نساء يسلمن صناديق إلى المستشارية الفدرالية
تم تسليم توقيعات المبادرة الشعبية "الشفافية في تمويل الأحزاب" وعددها 110000 توقيعا إلى المستشارية الفدرالية يوم 10 أكتوبر 2017. © Keystone / Anthony Anex

القليل من الضوء في عتمة تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية في سويسرا. وافق أعضاء مجلس الشيوخ على وضع قواعد في هذا الشأن، لكنهم رفضوا أن يكونوا صارمين للغاية. خطوة غير كافية نحو المزيد من الشفافية، تنتقد منظمة الشفافية الدولية في سويسرا.

إذا كانت سويسرا تباهي الآخرين بديمقراطيتها المباشرة، فإن تمويل الأحزاب السياسية السويسرية يظل الأكثر غموضًا في أوروبا. ومن ضمن 47 بلدا عضوا في مجلس أوروبا، تعتبر الكنفدرالية الدولة الوحيدة التي لم تسن قانونًا لتنظيم هذا المجال. وقد نتج عن ذلك استهدافها مرارًا وتكرارًا من قِبل مجموعة دول مجلس أوروبا لمكافحة الفساد (GRECO).

رغم ذلك، يتجه أعضاء مجلس الشيوخ بحذر شديد نحو المزيد من الشفافية. وبالفعل رفض مجلس الشيوخ يوم الاثنين 16 ديسمبر 2019، المبادرة الشعبيةرابط خارجي “نحو المزيد من الشفافية في تمويل الحياة السياسية” بأغلبية 32 صوتًا مقابل 12.

يهدف النص، الذي تقدم به في أكتوبر 2017 اليسار وأحزاب الوسط الصغيرة، بشكل خاص من أجل إجبار الأحزاب السياسية على الإعلان عن المبالغ التي تحصل عليها وكذلك مصدر التبرعات التي تزيد عن 10000 فرنك أو نفقات حملاتها الانتخابية عندما تتجاوز 100000 فرنك. ولم يؤيد المبادرة سوى أحزاب اليسار والخضر.

المزيد

المزيد

«الشفافية في تمويل الحياة السياسية، قضية حاسمة في سويسرا»

تم نشر هذا المحتوى على في كثير من المجالات، تبدو سويسرا استثنائية بين دول الاتحاد الأوروبي. وتتباهى الكنفدرالية بشكل خاص بمزايا ديمقراطيتها شبه ـ المباشرة: التي تسمح للمواطن العادي أن يُعبِّر عن رأيه بانتظام عبر صناديق الاقتراع وبالتالي، تُسهِم في تهدئة الغضب الذي نراه يتظاهر في الشارع في بلدان أخرى. لكن، للديمقراطية السويسرية أيضاً جانبها المُظلم. حيث تفقد مصداقيتها بسبب…

طالع المزيد«الشفافية في تمويل الحياة السياسية، قضية حاسمة في سويسرا»

عتبة 25000 فرنك

أقر غالبية أعضاء مجلس الشيوخ والحكومة الفدرالية ضرورة التحرك، لكنهم شعروا أن المبادرة ذهبت أبعد من اللازم. وبدلاً من ذلك، وافق مجلس الشيوخ بأغلبية 29 صوتًا مقابل 13 صوتًا وامتناع اثنين عن التصويت على مسودة مشروع مضادرابط خارجي صاغتها لجنة المؤسسات السياسية التابعة لمجلس الشيوخ. ويحدد هذا المشروع الحاجة إلى الشفافية عندما يتجاوز المبلغ عتبة 25000 فرنك سنويا في الحالتيْن سواء تعلق الأمر بالتبرعات أو بالنفقات على الحملات الانتخابية.

أعضاء مجلس الشيوخ لم يكتفوا بذلك بل قاموا أيضا بالتخفيف من مقترح لجنتهم، حيث أنه لن تكون أي جهة ملزمة بالإبلاغ عن المبالغ التي حصلت عليها خلال جمع التوقيعات في أفق مبادرة شعبية أو استفتاء. لكن الغرفة العليا ذهبت إلى أبعد ما دعا إليه المشروع الأصلي للمبادرة في نقطة محددة، وهي حظر كل التبرعات القادمة من الخارج، مهما كان حجمها.  

القانون يعاقب على أعمال الإخفاء المتعمدة بغرامة قدرها 40.000 فرنك، لكنه لا ينص على أي نوع من الغرامات في حالة الإهمال والنسيان.

وحاول حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) والحزب الليبرالي الراديكالي (PLR/ اليمين)، إفشال التوصل إلى هذا القانون بدعوى أن هذا القانون لن يحقق الشفافية المطلوبة، لكن دون جدوى.

“نقص المعلومات حول تمويل الحياة السياسية يضر بسمعة البلد، وينال من جودة الديمقراطية السويسرية المباشرة”.
أليكس بيكارو

أوجه قصور كثيرة

بالنسبة للفرع السويسري لمنظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، والتي تعد من بين واضعي المبادرة، من الواضح أن الخيار الذي اختاره مجلس الشيوخ لم يذهب إلى حد بعيد. وقال نائب مدير المنظمة أليكس بيكارو “العيوب في المسودة المضادة تجعل القانون كأنه غير موجود”.

وهو يعتقد أن عدم الإبلاغ عن المبلغ إلا في حالة تجاوزه لعتبة 25000 فرنك، أمر غير مفيد جدا لأن الغالبية العظمى من التبرعات لن تكون معنية بالإبلاغ عنها في هذه الحالة. وقال أليكس بيسارو “هذه العتبة في البلدان الأوروبية لا تتجاوز 3500 يورو في المتوسط​​، وهو هدف أكثر تشددا بكثير من الـ10 آلاف فرنك التي طالبت بها المبادرة”.

لا يقترح المشروع المضاد أيضًا آلية مراقبة فعالة لضمان الامتثال للمعايير، في نظر منظمة الشفافية الدولية في سويسرا. وتعرب المنظمة غير الحكومية عن أسفها لأن قواعد الشفافية المنصوص عليها لا تنطبق إلا على انتخابات مجلس النواب وليس على مجلس الشيوخ.

جودة الديمقراطية المباشرة على المحك

في حين أن خمسة كانتونات (تيتشينو، وجنيف، ونوشاتيل، وفريبورغ وشفيتس) قد سنت بالفعل تنظيماتها الخاصة بالشفافية، يعتقد أليكس بيكارو أنه من الضروري اتخاذ تدابير على المستوى الوطني. وأضاف: “إن نقص المعلومات حول تمويل الحياة السياسية يضر بسمعة سويسرا، وينال من جودة الديمقراطية السويسرية المباشرة”.

ولا يزال يتعين عرض المبادرة والمشروع المضاد غير المباشر على مجلس النواب (الغرفة السفلى) قبل عرضهما على الناخبين في استفتاء عام.

نهاية إجراء عدم الامتثال

في تقريرها الأخير، الذي نشر في سبتمبر، أنهت مجموعة مجلس أوروبا لمكافحة الفساد GRECO إجراء عدم الامتثال ضد برن، لا سيما بسبب مشروع البرلمان المضاد غير المباشر. سيتعين على سويسرا إعداد تقرير بحلول نهاية عام 2020 لإبلاغ المجموعة بالتقدم المحرز في هذا الملف. عندئذ فقط سيكون بإمكان المجموعة صياغة موقف جديد.

(ترجمه من الفرنسية: عبد الحفيظ العبدلي)

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية